TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل تدعم الجامعات الاقتصاد الوطني ؟
17/01/2016 - 11:45pm

طلبة نيوز

د. نضال يونس

هل تقوم الجامعات بدورها بدعم الاقتصاد الاردني؟

العديد من الأخبار المفرحة تفاجئنا بتقدم احدى الجامعات الاردنية على احد التصانيف العالمية، وبحصول باحث اردني على جائزة لانجاز علمي ، وترشيح عالم اردني لنيل جائزة نويل، ودخول دكتور اردني ضمن قائمة العقول العلمية الاكثر تأثيرا على العالم، مع اننا على يقين بأن مراكزنا البحثية الحاضنة لهذه الكفاءات ليست بالمستوى الذي يحولها إلى "فاعلية" اقتصادية في دورة الإنتاج، والسبب يعود لطبيعة عمل الجامعات وظروف البحث العلمي التي جعلت من البحوث التطبيقية والاختراعات العلمية امرا فى غاية الصعوبة، وبعيدة كل البعد عن حل مشكلاتنا المحلية، هل سمعت مثلا عن أي محاولة في جامعاتنا لاكتشاف لقاح لانفلونزاالخنازير،أو دواء جديد لعلاج السكري، او طريقة غير مكلفة لتحلية البحر أو لتصنيع الخلايا الشمسية،أو وسيلة للتخلص من سوسة الزيتون و حفار الساق مثلا؟
هل لدى أي من جامعاتنا شركة أو منتج صناعي جاء نتيجة بحث جامعي أو اختراع قامت بتسجيله؟ ولماذاما نزال نتسابق فى حل مشاكلنا الداخلية على الشركات الاجنبية أو نعتمد على دراسات المراكز العالمية و لدينا كل هذا الكم من الباحثين والمراكز الاستشارية و البحثية ؟

لن يتوقف الحديث حول موضوع قديم ولكنه متجدد يتعلق بدور الجامعات فى خدمة الاقتصاد الوطني، فالجامعات العريقة تحولت من اماكن للتعليم ونشر المعرفة الى مراكز للأبحاث الصناعية والمشاركة الفعلية في اقتصادات الدول، ولم تعد تعتمد على الحكومات في ميزانياتها، بل على ما تحصل عليه من مساهماتها في الشراكات الصناعية والاقتصادية التي تعقدها مع الحكومات والشركات، في العام الماضي مثلا سجلت جامعة ستانفورد 182 اختراعا، تحول كثير منها إما إلى منتجات حقيقية أو قامت عليه شركات صناعية.

فى التقرير الذى نشرته وكالة الانباء العالمية رويترز نهاية العام الماضى عن اشهر مئة جامعة فى عالم الابتكار" "The world's most innovative universitie"، جاءت الجامعات الأميركية فى المراكز التسعة الأولى على مستوى العالم، وتقدمت ستانفورد على معهد ماساتشوستس التقني، وجامعة هارفارد وواشنطن وميتشغان، حيث ساهمت الشركات التقنية التي تأسست بفضل جامعة ستانفورد بتحقيق ما يزيد عن 2,7 تريليون دولار للاقتصاد الأميركي!

الشكوى من محدودية المنتج العلمي وعدم كفاءة البحث العلمي فى دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة للاردنيين تذكرنا بالمثل العام «نسمع جعجعة ولا نرى طحنا» فجامعاتنا بتركيبتها الإدارية التقليدية، وتركيزها على "تدريس"الاعداد الكبيرة من الطلبة، واكتفائها بالبحوث النظرية، جعلتنا لا نجد فرقاً بين بحث نظري بهدف الترقية وبحوث علمية مبتكرة Innovative ، ولعل تحول معظم الدعم المالي الى البحوث النظرية أو الانسانية، أثبت أن هذه البحوث لا بد من إعادة تشكيلها وبحث جدواها، ووضع خطة لا تجعلنا نهدر أحد مصادر قوة جامعاتنا المتمثلة بالطاقات البشرية التى تحتاج الى التحفيز والتوجيه الصحيح.

أذكر حينما كنت فى كوريا الجنوبية قبل عقد من الزمان وتعرفت خلالها على الدور الكبير الذى لعبه المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST) الذى احتل (المركز العاشر على قائمة رويترز) فى النهوض بالاقتصاد الكوري الجنوبي، وكيف ساهم بتوفير العقول والكفاءات المؤهلة والمدربة التى استفادت منها الشركات التى حققت نجاحات كبيرة فى عالم الصناعة، ولا أدري لماذا لا نسير بهذا الاتجاه، فنحن لا نحتاج الى إمكانات مادية بقدر حاجتنا "لرسالة" جديدة وطريقة تفكير "مختلفة"، صحيح انه من المبكر مطالبة جامعاتنا بمنافسة الجامعات العالمية، ولكنها مطالبة بالتخلص من الادوار التقليدية والمبالغة فى حجم الانجازات و البدء بدلا من ذلك بالمساهمة الفعلية في حل مشكلاتنا الداخلية ودفع عجلة الاقتصاد والنهوض به الى مستويات متقدمة.

هموم البحث العلمي ونقل وتوطين التكنولوجيا هو أهم مرتكزات التنافس الدولي عندما خرجت دول من الظلمة للضوء بفضل افكار وسياسات متقدمة، ويكفينا تجربة كوريا الجنوبية التي أصبح كثير من الدول تحاول محاكاتها وتترسم خطاها، إلاّ نحن عندما نجد إنتاجية ابحاثنا العلمية وقدرتها على الابتكار ودعم الاقتصاد فى حدودها الدنيا، وهو أمر يحتاج للمعالجة بشكل سريع..

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)