TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل كانت جامعاتنا و مؤسساتنا الأكاديمية جاهزة للتعليم عن بعد؟
03/02/2021 - 8:45am

جامعاتنا و التعليم عن بعد

فمع تفشي وباء الكورونا في مجتمعنا و قرار الدولة الحكيم بحضر التجمعات الكبيرة و إيقاف عملية التدريس الوجاهي حفاظًا على سلامة طلبتنا و صحة المجتمع، أجازت الحكومة ممارسة التعليم عن بعد من خلال وسائل الاتصال المرئية و المسموعة كمنصة zoom و teams و غيرها.
غير أنه تبين لنا عدم استعداد المجتمع اللازم للتعامل مع التعليم عن بعد و التعليم الإلكتروني. لقد كنا نعرف أن كثيرا من الجامعات العالمية المرموقة تطبق التعليم عن بعد على نطاق واسع و أن الكثير من المساقات الجامعية على مستوى البكالوريوس و الدراسات العليا و حتى تلك التي تتطلب تجهيزات خاصة، قد ثبت نجاعتها و سهولة تطبيقها لأنها مبنية أساسا على قاعدة أن الطالب أو المتلقي للعلم هو محور العملية التعليمية، و بالتالي فإن عليه الدور الأكبر في الاستكشاف و التعلم و تطوير مهاراته، و ما دور المدرس إلا المحفز و قائد الفريق الكشفي- هذا طبعًا لا يعني الاستغناء عن المدرس و المحاضرة الوجاهية في قاعة الصف، بل هي طريقة من طرق و فنون التدريس و التعليم.
لقد تفاجأة جامعاتنا بما أملته عليها ظروف الوباء، فقامت بالتكيف السريع و التحول الممنهج إلى أساليب مبتكرة في التعليم، منها التعليم الخليط أو الهجين المعروف ب “blended” و توسعت في توفير منصات التعليم عن بعد و طرحت مساقات من خلال وسائط التعليم الالكتروني “e-learning” و بالتالي نجحت جامعاتنا في تجاوز معظم معوقات التعليم عن بعد الذي فرضته عليها جائحة الكورونا.

و لكن هل نحن في وضع مريح في مجال التعليم عن بعد و هل الأمور أصبحت تحت السيطرة؟ أعتقد أنه مازال أمامنا الكثير لعمله. لقد كشف التحول إلى التعليم عن بعد عورات الجامعات، و هي كثيرة، و منها:
١- جيوش الموظفين الإداريين الذي تبين أن لا حاجة للجامعات لمعظمهم، فهناك المئات من الموظفين الإداريين الذين لا عمل لهم، و هم يشكلون عباء ماليا و بشريًا على ميزانيات الجامعات من رواتب و تأمينات و مكافآت نهاية خدمة، و في إعتقادي ان معظم جامعاتنا تستطيع ان تقوم بكافة مهامها الإدارية بنصف هؤلاء الموظفين في الظروف الطبيعية.
أما آن الأوان ان تعيد جامعاتنا تقييم حاجتها من الموارد البشرية و التعامل مع الفائض منها كما تفعل بعض الوزارت و المؤسسات الحكومية؟
٢. لقد تبين لنا و بالتجربة العملية أن الكثير من طلبتنا لا يملكون أجهزة حواسيب محمولة “laptop “ أو أجهزة حواسيب مناسبة، و أنهم يستخدمون التلفون النقال، و كثير منهم لا يملك أجهزة هواتف ذكية. انهم يعانون الكثير و خاصة عندما يحاولون تحميل واجباتهم على منصات التعليم الإلكتروني و التقدم لأخذ الامتحانات online. أضف إلى ذلك ضعف شبكة الإنترنت و انقطاعها أحيانا.
إن من واجب الجهات الرسمية عن برنامج تحول الجامعات إلى التعليم عن بعد و طرح المساقات online توفير مايلزم لهذه الغاية.
٣. لقد لاحظنا غياب الوعي و ثقافة التعلم و التعليم عن بعد عند الكثير من طلبتنا و بعض أعضاء الهيئة التدريسية. فحضور المحاضرة و اللقاءات في وقتها و التفاعل من خلال منصات التعليم عن بعد يتطلب ثقافة و وعيا عند الطلبة و أساتذتهم، فمثلا عند عقد الامتحانات online خاصة لطلبة البكالوريوس- و هذا الامر يشمل طلبة المدارس- نجد ان بعض الطلبة يلجئ لتلقي المساعدة من آخرين، اعتقادًا منهم ان الأهم هو الحصول على علامات عالية بأي وسيلة كانت، و هذا لعمري نوع من أنواع الغش و السرقة.
٤. لقد قامت جامعاتنا مشكورة بتوفير مكاتب و أجهزة حاسوب و إنترنت لجميع أعضاء الهيئة التدريسية و المحاضرين فيها في مكاتبهم و في الحرم الجامعي، غير أن معظم إن-لم يكن جميع المحاضرين-يقومون بالتدريس في بيوتهم و في الأوقات التي يحددونها مع طلبتهم. أرى أن جداول المحاضرات يجب أن تصدر من دوائر القبول و التسجيل بحيث تكون معلنة للطلبة و المحاضرين، و يجب الالتزام بها، فلا يجوز أن يستغل المحاضر أو المدرس ظروف الجائحة بحيث يفصل برنامج محاضرته كما يروق له، و بالتالي يجب أن تلزم الجامعات المحاضرين و الطلبة بمواعيد المحاضرات و كأنها تعطى في الحرم الجامعي.
هل يصح أن يعطي المحاضر محاضرته في أيام العطل أو في أوقات غير مناسة للطلبة، مثلا في وقت متأخر من الليل؟ و هل يجوز أن يقوم المحاضر بتسجيل محاضرته و يطلب من الطلبة الإستماع لها في الوقت الذي يناسبهم؟ أين التفاعل الصفي و النقاش و تبادل الأفكار و طرح الاسئلة من ذلك؟
٥. لقد علمنا أن بعض المحاضرين يقومون بإعطاء محاضراتهم و هم في سياراتهم، و أحيانًا في المطبخ-وربما تسمع صراخ أطفاله- و هذا الشئ نفسه يحدث مع بعض الطلبة، فقد يستمع بعض الطلبة إلى المحاضرة خلال قيامهم بأعمالهم الخاصة ، و ربما تسمع في الخلفية و أنت تعطي المحاضرة صوت التلفاز صادر من جهة الطالب. و قد بلغنا أن مدرسا أعطى دروسه و هو يتعاطى الارجيلة وهو جالس في شرفة منزله أو حديقته.

أرجو أن تكون هذه حالات فردية و معزولة، و لكنها موجودة.

نتمنى أن تعود جامعاتنا تعج بطلبتها، و نعود إلى قاعات المحاضرات و المختبرات كما كنا قبل الجائحة و قد اكتسبنا مهارات جديدة و هزمنا الفيروس. و لحين تحقيق ذلك نقترح عمل ما يلي:

أ. بما أن جامعاتنا وفرت كل الوسائط التقنية اللازمة للعملية التعليمية، فإننا نطالب أن يقوم المحاضرون باعطاء محاضراتهم في مكاتبهم و حسب جداول المحاضرات المعدة من دوائر القبول و التسجيل لحين العودة إلى الوضع الطبيعي كما كنا قبل الجائحة.
ب. إلزام الطلبة بالحضور و المشاركة و التفاعل الصفي و أخذ الحضور و الغياب بانتظام.
ج. توفير حزم الإنترنت و بأسعار رمزية أو مجانية للطلبة، و إذا تطلب الأمر فرض رسوم إنترنت رمزية تدخل ضمن الرسوم الجامعية.
د. العمل على التعامل مع الحمولة الزائدة من الموارد الإدارية بما يتناسب مع المرحلة و تحول الجامعات إلى التعليم عن بعد و ال online، و ربما تفكر الجامعات بتبنيي النموذج الذي اتبع في مؤسسات القطاع الخاص فيما يتعلق بالعمل بما يحقق مصلحة الجامعات العامة و يحافظ على حقوق العاملين فيها.

حمى الله الأردن و أدام علينا نعمة الأمن و الأمان في ظل الراية الهاشمية المظفرة بقيادة صاحب الجلالة الملك عبداالله الثاني ابن الحسين.

أ. د. محمود فليح الشرعه

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)