TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل يمكن أن تنتصر أوكرانيا؟!
05/05/2022 - 3:45pm

د. أحمد بطّاح
حين بدأت روسيا ما أسمته عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا هرع الغرب وعلى رأسهِ الولايات المتحدة إلى مساعدتها عسكرياً من خلال تزويدها بأسلحة قيل أنها "دفاعية" كي تتمكن من الصمود في وجه الهجوم الروسي، ولكن بعد مرور حوالي شهرين على المعارك بدأ الغرب يُروِّج أنه لا يدّعم أوكرانيا من أجل الدفاع عن نفسها فقط بل من أجل هزيمة روسيا وعدم تمكينها من تحقيق أهدافها الاستراتيجية، وقد كان " أوستن" وزير الدفاع الأمريكي صريحاً حين قال في الاجتماع الذي ضم أربعين وزير دفاع (وزراء دفاع النيتو ووزراء بعض الدول المتعاطفة مع أوكرانيا) في القاعدة الأمريكية في ألمانيا. "إنّ هدف الولايات المتحدة من وراء هذه الحرب ليس فقط حماية أوكرانيا كدولة ديموقراطية ذات سيادة، ولكن أيضاً إضعاف روسيا كقوة عسكرية"، فهل يكفي الدعم الغربي السخي من الأسلحة لأوكرانيا بما فيه منظومات الدفاع الجوي S300، والدبابات الألمانية ذات المضادات الجوية، وغيرها مما لم يُعلن عنه حتى الآن، بالإضافة للعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة لهزيمة روسيا؟
إنّ ذلك غير ممكن في الواقع لأسباب موضوعية عديدة أهمها:
أولاً: أنّ الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا لن يكون كافياً مهما بلغ للتصدي للترسانة العسكرية الروسية الغنية بجميع صنوف الأسلحة، والقادرة على التزود باستمرار ومن خلال الحدود مباشرة أيّ حدود روسيا مع أوكرانيا، فضلاً عن حدود "بلاروسيا" مع أوكرانيا.
ثانياً: أنّ المنطقة الشرقية الجنوبية من أوكرانيا التي تسعى روسيا إلى الهيمنة عليها (إقليم دونباس الذي اعترفت روسيا بجمهوريتيه الانفصاليتين لوغانسك ودونيتسك) هي متعاطفة مع روسيا ويتكلم معظم سكانها الروسية وقد دخلت في حرب فعلاً مع أوكرانيا قبل الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة.

ثالثاً: أنّ روسيا دولة نووية عظمى ولن تسمح لنفسها أن تُهزم على يد دولة صغيرة إجمالاً بالقياس إلى روسيا مهما بلغت التكاليف والتضحيات، وقد علمنا التاريخ أن الشعب الروسي شعب قادر على التحمل في سبيل وطنه وأهدافه، وكلنا يتذكر كيف واجه جيش هتلر الذي بلغ تعداده أربعة ونصف (41/( 2)) مليون جندي، وكيف تحملَّ حصار ستاليننغراد لمدة تسعمائة (900) يوم قبل أن يدحر النازية نهائياً مُضحياً بسبعة وعشرين مليون (27) مواطن روسي.
رابعاً: أنّ الدول الأوروبية (باستثناء بريطانيا) لا توافق الولايات المتحدة على أنها تخوض حرباً ضد روسيا، ولذا فهي لن تذهب بعيداً في دعمها لأوكرانيا إذا ما رأت أنها متعنتة في المفاوضات وأنها تمضي قُدماً في حرب لا يمكن أن تخرج منها رابحة، بل المتوقع أن تمارس عليها ضغوطاً كي تصل إلى صفقة سياسية ما مع روسيا.
إنّ المتوقع حقاً هو أن تحقق روسيا أهدافها في أوكرانيا وقد يكون ذلك مع حلول التاسع من الشهر القادم وهو ذكرى انتصارها على النازية وسوف تظل الحرب بعد ذلك –إن لم تتوقف– حرب استنزاف بانتظار التوصل إلى حل سياسي معين، ولعلّ من الأهمية بمكان هنا أن نضيف بأنّ روسيا سوف تتأذى اقتصادياً من هذه الحرب بفعل العقوبات الاقتصادية الغربية، ولكن أوكرانيا بالمقابل لن تخرج منتصرة بأيّ حال من الأحوال، فبنيتها التحتية (Infrastructure) دُمرّت في معظمها، ولجأ أكثر من خمسة ملايين (5) من سكانها إلى دول مجاورة، ولم يعد بإمكانها الانضمام إلى حلف "النيتو" أو امتلاك أسلحة نووية، وتم الاستيلاء على تسعين بالمائة (90%) من أراضي جمهورية لوغانسك الانفصالية، وخمسة وأربعين (45) بالمائة من أراضي دونيتسك حتى الآن، وبناء عليه فكيف يمكن أن تخرج منتصرة ؟

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)