TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
《التعليم العالي بين جلد الذات وتصفية الحسابات》
10/10/2019 - 12:45pm

للأسف يبدو جليًا تراجع مستوى التعليم العالي وتدني مستوى كثير من الخريجين عندنا، لهذا علينا أن نكون صريحين مع انفسنا وأن لا نتهرب من النقد الذاتي الموضوعي البنّاء، وأن نبحث ونعرف الأسباب الحقيقية (رغم أنها معروفة لمعظم المسؤولين عن التعليم العالي !) حتى نستطيع معالجة الخلل بعيدًا عن جلد الذات وتصفية الحسابات ونيل المُكتسبات.
بالاطلاع على ترتيب الجامعات الأردنية في التصنيفات العالمية نرى أن ترتيبها متأخر عالميًا وبعضها متأخر حتى عربيًا، وبعضها لم يدخل التصنيف أصلًا (أول 1000 جامعة)، ورغم الأهمية لمثل هذه التصنيفات (QS، Shanghai، Times، Webometrics)، التي يمكن عن طريقها معرفة نقاط الضعف ومكامن القوة، وبالتالي تحسين المرتبة، وتوفير المعلومات المهمة لصانعي السياسات التعليميــة لغرض تحسين وتطوير كفاءة اداء الجامعات، إلا أن هناك بعض التحفظات عليها؛ ومن وجهة نظري الشخصية تبدو بعض معاييرها غير مُنصفة للجامعات في الدول غير النفطية ومنها الأردن، مُقارنة مع جامعات الدول النفطية، فمعظم معايير التصنيف تعتمد بشكل مُباشر أو غير مُباشر على الوضع الاقتصادي للبلد والمالي للجامعة، فمن المعايير مثلًا السمعة الاكاديمية والسمعة التوظيفية للخريج؛ فكيف سنقيس السمعة الوظيفية للخريج عندنا وقد يمضي عدة سنوات وهو عاطل عن العمل، بينما قد يتوظف مُباشرة بالدول النفطية، مما ينعكس إيجابًا على معيار أخر وهو ارتفاع نسبة التوظيف للخريجين عندهم لحاجة السوق المحلي بسبب الأوضاع الاقتصادية (النفط)، بينما لا يجد عملًا عندنا بسبب البطالة وليس بسبب نوعية الخريج، ومما لاحظته من خلال عملي لسنوات في الخليج، وايضًا من خلال معرفتي لبعض طلبة الدراسات العليا عندهم، فأن مستوى الكثيرين منهم (ليس جميعهم) عليه إشارة استفهام ! ولا أعتقد أن مستوى خريجي جامعاتهم (المُخرجات) أفضل من مستوى خريجي جامعاتنا، وايضًا فأن من البديهي أن تكون نوعية المباني والقاعات، وبالتالي درجة رضا الطلاب والمدرسين والمجتمع المحلي أفضل وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية والمقدرة على توفير البُنى التحتية وإدامتها، وكذلك معيار نسبة المدرسين الأجانب إلى المواطنين لا بد أن تكون مرتفعة بالدول النفطية لأنها دول مُستقطبة وبحاجة للعمالة، وذات مقدرة مالية على استقطاب المدرسين المتميزين، بينما هي منخفضة في بلاد الشام مثلًا لعدم الحاجة ولضعف المقدرة المالية أيضًا.
ومعيار نسبة الطلبة الأجانب إلى الطلاب المواطنين كذلك لا بد أن تكون مرتفعة عندهم بسبب كثرة الوافدين على عكس دولنا لقلة العمالة الوافدة والمُقيمين عندنا، كما أن نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلبة مرتفعة عندهم بسبب المقدرة على التعيين، ونفس السبب (المقدرة المالية) يؤدي إلى ارتفاع نسبة البحوث وما يُصرف على البحث العلمي، وايضًا بسبب المقدرة على استقطاب الأساتذة والعلماء (الجاهزين) من مختلف دول العالم ومنها جامعاتنا والذين يقوموا بنشر ابحاثهم باسم الجامعات التي يعملوا بها.
رغم كل هذا إلا انه يمكن لمسؤولي التعليم العالي عندنا أن يركزوا على بعض المعايير التي يمكن تحسينها وتقويتها مثل: حُسن استخدام الأرقام والاحصائيات (لا أقصد التزوير قطعُا)، وذلك بالتركيز على الجوانب الإيجابية منها فمثلًا: بالإمكان رفع نسبة "مدرس إلى طالب" عن طريق تعداد كل من يساهم بالعملية التعليمة (مساعدي التدريس، المحاضرين المتفرغين وغير المتفرغين، المهندسين، ومشرفي المختبرات وغيرهم)، وبنفس الوقت استثناء الطلبة المؤجلين لدراستهم من عدد الطلبة، وكذلك تحسين تأثير الموقع الالكتروني للجامعة والذي يُركز على ثلاثة معايير هي: الحجم، الإشارة إلى الأبحاث، والأثر العام، وايضًا رفع نسبة الأكاديميين الأجانب (اردني يحمل جنسية أخرى مثلُا)، ورفع نسبة الطلبة الأجانب وذلك من خلال استقطاب الطلبة العرب والمسلمين وخاصة في التخصصات الانسانية واللغة العربية والعلوم الاسلامية، وكذلك اعادة تأهيل المجلات المحلية/العربية حتى تحصل على معامل تأثير عالمي واعتماد معايير وضوابط للنشر، بالإضافة إلى اعتماد الأنظمة الالكترونية للتقديم والتقييم والنشر، وتحفيز الباحثين للنشر في المجلات المعتمدة من خلال نظام حوافز، واعتماده في تقييم الأداء، ويمكن تشجيع النشر العلمي المشترك بين الأكاديميين عندنا ومثيليهم في الجامعات المرموقة، وكذلك تشجيع نشر البحوث في التخصصات الانسانية باللغة الانجليزية.
وبداية علينا الاعتراف بالمستوى الحقيقي لجامعاتنا بعيدًا عن التضليل الإعلامي وادعاء الإنجازات، فكل هذا لا يساعد على تحسين الترتيب، خصوصًا أن هناك بعض الجامعات في المنطقة (غير نفطية) تصنيفها متقدم على جامعاتنا ! حتى أن هناك تفاوت في تصنيف الجامعات الحكومية عندنا، مع الامنيات أن نرى جامعاتنا في ترتيب متقدم (عربيًا على الأقل)، وهذا لا يكون إلا بحُسن اختيار المسؤولين عن الجامعات كخطوة أولى، وأن لا يكون المنصب بالواسطة والمحسوبية أو ترضية، وإنما من خلال الكفاءة والمنافسة الشريفة والنزيهة التي يتبعها المراقبة والتقييم النزيه.
* بعض العبارات مُقتبسة.
إبراهيم هادي الشبول: 2019/10/10م.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)