الأستاذ. محمد يوسف حسن بزبز
مدير مدرسة – دكتوراه إدارة تربوية

إنّ من أهم القضايا التي يواجهها المعلم داخل الغرفة الصفية أثناء الدرس، قضية الاستحواذ على انتباه طلابه طوال الحصة الدراسية، وألا يتحول تركيزهم، أو أحد منهم إلى موضوع آخر يفقدهم القدرة على التعلم، وخاصة أنّ الانتباه الحقيقي، يعتبر شرطًا أساسيًا من شروط الإدراك.
ولذلك إنَّ المعلم الذي يجيد اختيار المثيرات التي تحفّز الطلاب على التركيز والانتباه، ويحسن انتقاء الأساليب والاستراتيجيات الخاصة بتحريض التفاعل الصّفّي بينهم أثناء سير الحصة الدراسية، هو المعلم الأكثر نجاحاً في تحقيق النتاجات المخطط لها من هذا الدرس.
وعلى العكس من ذلك، فكثيراً ما يفشل المعلم في تحقيق مستويات أفضل من التحصيل العلمي لدى هؤلاء الطلاب، وذلك بسبب عدم قدرة المعلم على الاستحواذ على انتباههم، فيتملكهم الملل، ويتأصل في نفوسهم الشرود والانصراف عن الشرح، وتكون النتيجة الفشل في تحقيق النتاجات.
ومن الإجراءات التربوية التي تجعل المعلم قادرًا على الاستحواذ على انتباه الطلبة، علمًا أن المعلم الذي يدرك أنه لا تعلم دون انتباه، سيسعى دائمًا إلى استحداث أساليب واستراتيجيات وإجراءات تتميز بالتجديد والإبداع والتميز، بغية الاستئثار بانتباه طلابه:
1- النية الصادقة في العطاء، والخوف من الله، والإخلاص في العمل، و يكوِّن لدى الطالب تصورًا بأن هذه المادة لا بد من فهمها، ولا مجال للتقصير فيها بسبب جدية معلمها.
2- تحقيق التلاؤم الجسمي للطلاب، من خلال حسن جلوسهم بالطريقة التي تجعلهم قادرين على التركيز، فيمنع الاتكاء ومضغ العلكة والأكل والشرب والنوم على الطاولة...الخ.
3- يهيئ البيئة المدرسية الصفية للطالب ( بيئة صفية آمنة ) : كترتيب المقاعد، ونظافة الصف والسبورة، ومنع الأصوات الداخلة والخارجة، وتقليل العوامل المشتتة لذهن الطالب.
4- يحقق التلاؤم الذهني والعقلي للطلاب بمنحهم دقيقة للانتهاء من كل ما يشغلهم عن الدرس المقرر، وتفريغ شعورهم من كل ما يتعلق بالدرس السابق ، ثم يبدأ معهم باسترجاع المعلومات المتعلقة بالمادة، والتي لها علاقة بالدرس الجديد.
5- يرد على استفسارات الطلاب حتى لا يشغلهم، دون أن يقوم هو باستثارتها.
6- يخبر الطلاب بنتائج التقويم أو الواجبات، أو أوراق العمل .
7- يحل المناوشات والخلافات والمعيقات بينهم .
8- يعطي تعليمات واضحة عما يجب أن يفعلوه أثناء سير الحصة الدراسية.
9- يهيئ الطلاب لموضوع الدرس الجديد بالأساليب والاستراتيجيات المشار إليها ويعلمهم لما هو متوقع منهم أن يتعلموه في الحصة الدراسية وذلك عن طريق إخبارهم بنتاجات التدريس.
10- يحرص على أن يعلم الطلاب بشكل منتظم ومتتابع، والتنظيم المتتابع إما أن يكون:
( هرمياً ) : بحيث يبني فكرة على أخرى، ويقوم المعلم بربط الأفكار ببعضها، عن طريق التسلسل المنطقي.
( توسعياً ) : ينتقل من الجزء إلى الكل، ومن معلومة بسيطة إلى معلومة أوسع.
( زمنيًا ) : كل وقت يقدم فيه فكرة جديدة، ولا يقدم الأفكار دفعة واحدة، أو متداخلة مع بعضها البعض.
11- يعمل على أساس الفهم أولاً، لا على أساس الحفظ، لذا يجب الإكثار من الأمثلة والشواهد، والتشبيهات، والوسائل المعينة، ثم ينتقل إلى مرحلة التحفيظ والتثبيت.
12- توظيف أساليب التدريس بشكل جيد لتشويق الطلاب عن طريق: ( طرح أسئلة التحفيز ، الطرائف، حكاية القصص، أنشطة استقصائية واستكشافية، تمثيل، لعب أدوار، الألعاب... الخ. ).
13- يُظهر حماسًا أثناء سير الحصة الدراسية، وحيوية ونشاطاً، ورغبة في تعليم الطلاب.
14- ينظر إلى الطلاب دومًا أثناء التدريس، حتى يتم التلاقي البصري بينه وبينهم.
15- يُشعر الطلاب بأنه حريص على مستقبلهم، ويبني علاقة أبوية قائمة على الحب المتبادل.
16- ينوع من موقعه في غرفة الصف ( حركة وظيفية ).
17- ينوع من الإشارة والإيماءة الجسدية ( كحركات الذراعين ، الرأس والعينين والحاجبين والشفتين ، وضع الأصابع على الفم، طي الذراعين ، ضرب كف على كف، يتكئ على منضدة ، يحك رأسه ، يشبك بين أصابعه...الخ).
18- ينوع في الحركات المثيرة للانتباه، أو أن يسكت عن الكلام ثم يتابع (3ثوان).
19- استخدام أساليب واستراتيجيات التركيز الأشد تأثيراً عند شرح نقطة مهمة لتحقيق المزيد من الانتباه لها، كي تفهم، ويكون ذلك: إما بالكلام أو بالإشارة إليها لأهميتها.
20- توظيف الأسئلة بشكل جيد لجذب انتباه الطلاب يكون: ( طرح أسئلة فجائية للطالب غير المنتبه، و طرح أسئلة من فترة لأخرى على الطلاب، وتنويع الأسئلة المطروحة، التي يكتشف من خلالها مدى فهم واستيعاب الطلاب لفقرات سير الدرس ، والأسئلة السابرة للمعلومات).
21- ينوّع الأنشطة الصفية من كتابة وشرح وأعمال وتجارب.
22- ينوّع أساليب الاتصال مع طلاب الصف: ( فتارة يتحدث لمجموع الطلاب، وتارة يتحدث لطالبين أو أكثر ثم ينتقل إلى الكل، وتارة يتحدث لطالب واحد ثم يعمم كلامه على الجميع ).
23-تنويع أشكال استقبال الطلاب للمعلومات أثناء الحصة الدراسية: ( تارة عن طريق السمع، وتارة عن طريق البصر، وتارة عن طريق الشم، تارة عن طريق الذوق، تارة عن طريق اللمس ).
24- تلبية احتياجات الطلاب أثناء عملية الشرح ومنها: ( حاجة الطلاب للشعور بالأمان من نتائج امتحاناته بالمادة وإزالة تخوفه منها، و حاجة الطلاب للوسائل المعينة للفهم وحسن استخدامها، وحاجة الطلاب للمزيد من التوضيح والشرح لتحقيق الفهم لديهم، ورفع الروح المعنوية لدى الطلاب وعدم الاستهانة بقدرتهم، ومنحهم الثقة بقدراتهم النفسية والعقلية).
25- أن يأتي ببعض المعلومات الإثرائية المشوقة، وإغناء الحصة الدراسية، بشرط ألا يخرج عن موضوعها.
26- عدم الاستطراد في مواضيع هامشية، أو خارجة عن الدرس، لأن ذلك من شأنه تشتيت الانتباه.
27- استخدام أسماء الطلاب أثناء سير الحصة الدراسية : ( يا أحمد ... أسأل ، يا عمر... أجب ).
28- يعطي فترات بسيطة أثناء الدرس، وخاصة إذا كان طويلاً.
29- توجيه الطلاب غير المنتبهين للكف عما يشغلهم عن الحصة الدراسية من خلال : ( السؤال، الأمر: كأن يقول: ضع القلم يا أحمد، السخرية المعتدلة: ما شاء الله يا أحمد ! عندما يرتكب سلوكًا خاطئاً ، إثارة التنافس: أحمد أجاب عن سؤالين، وعادل سيجيب عن ثلاثة، التحفيز: أحسنت يا أحمد ،عرض المساعدة: أحمد - ما الشيء الذي لم تفهمه حتى أشرحه لك ، التذكرة: أحمد- الفكرة التي شرحت، أعد شرحها، القرب من الطالب والإشارة إليه بالانتباه، التهديد التربوي: يا أحمد- سأقوم بإحالتك إلى المرشد إذا لم تنته، الإطراء: أحمد- أنت طالب ممتاز ).
30- استخدام الفكاهة والمزاح: بحيث تكون الفكاهة متصلة بالمنهج، ولا يفتعلها المعلم افتعالاً.
وعليه ... إن المعلم الناجح هو المعلم الذي يكتشف على الدوام أساليب واستراتيجيات نجاحه من خلال حرصه ونباهته وحنكته التربوية. ويتفاعل مع المواقف التعليمية، كأنها ميدان تجريبي للوصول إلى ما يمكنه من تحقيق أهدافه، على عكس المعلم الذي يتعامل مع المهنة تعاملاً روتينياً جامداً، غير قابل لأي شكل من أشكال التطور.
المراجع :
1.عيسى، مصباح و ملحم ، إياد ( 2005 ) . كيف تواجه الطلبة في فصولهم وكيف تصوغ أهدافًا سلوكية. دار الفكر المعاصر للنشر والتوزيع.
2.مرعي، توفيق و الحيلة، محمد ( 2005). طرائق التدريس العامة . دار المسيرة