TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الورقة النقاشية الخامسة : قراءة في آفاق الربيع الأردني
17/09/2014 - 11:15am

طلبه نيوز

د. يوسف محمود عليمات
عميد شؤون الطلبة /الجامعة الهاشمية

تتسق الورقة النقاشية الخامسة التي كتبها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، والموسومة بـ: تعميق التحوّل الديمقراطي : الأهداف ، والمنجزات ، والأعراف السياسية – تتسق على صعيد الطرح والرؤية والاستشراف مع الأوراق النقاشية الأربعة السابقة وتتأسس ، بطبيعة الحال عليها.

فقد شكل مفهوم الديمقراطية في هذه الأوراق بنية مركزية على النحو الآتي: الورقة النقاشية الأولى: مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة ، والورقة النقاشية الثانية: تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الاردنيين، والورقة النقاشية الثالثة: أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة، والورقة النقاشية الرابعة: نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة.

ولا شك في أن هذا التمركز يكشف، لأول وهلة، أن الديمقراطية في رؤية جلالته مسار ومنهج وأسلوب في الحياة؛ بل إنها كما يتجلى في عناوين هذه الأوراق: مسيرة، وتطوير، وأدوار وتجدد، وتمكين، وتحوّل.

وتبدو الرؤية العميقة والتشريحية للواقع الإقليمي والمحلّي واضحة في عنوان الورقة الخامسة الذي جاء مكثفاً ومختزلاً لمضامين المتن ، إذ إنّ مسألة تعميق التحول الديمقراطي تستوجب ، حكماً ، أهدافاً مبنية على قراءات ورؤى واقعية للتحديات التي يواجهها الوطن في ظلّ إقليم ملتهب تلفه صراعات إثنية وفكرية ، ومذهبيّة بالغة الحساسية والتعقيد.

ولكي تكون الأهداف ذات خطط ومسارات استراتيجية في مسيرة التنمية الشاملة؛ فإن هذه الأهداف ينبغي أن تكون مرهونة بتفعيل المنجز الذي يتكىء بدوره على مفهوم "المواطنة الفاعلة" في إطار الأعراف السياسية والثقافية السائدة.

فالعنوان، كما يبدو، يؤكد فكرة جوهرية في هذا السياق محورها أن التحوّل الديمقراطي هو هدف ومنجزات وأعراف سياسية ، وهو ما عبّر عنه جلالته بقوله: "إن تعميق تحوّلنا الديمقراطي يتطلب شروطاً أساسية لا بد من إنجازها ضمن مسارات متوازية ومترابطة، وقد ركّز أسلوبنا في تحقيق ذلك على إنجازات تمثل محطات نجاح للجميع".

وتندرج في إطار عنوان الورقة النقاشية الخامسة محطات أساسية تبدو على صلة تامة بالعنوان هي : محطات الإنجاز التشريعي ، ومحطات الإنجاز المؤسسي ، ومحطات التطور الخاصة بأطراف المعادلة السياسية.

ولا شك في أن هذا الانسجام في الطرح بين المتن والعنوان يبرهن أن هذه المحطات المذكورة يجب أن تستند في مساراتها إلى معادلة الهدف والمنجز بما يتفق وطبيعة العرف والتقليد.
وهذا الأمر يستأهل كذلك مشاركة فاعلة ومنتجة من الجميع في دولة القانون والمؤسسات ، حيث تؤكد الورقة بقوة على مفاهيم قيمية جذرية من قبيل: الاعتدال، والتسامح ، والانفتاح، والتعددية، واحترام الآخرين، واحترام سيادة القانون، وصون حقوق المواطن.

وتظهر القراءة العميقة في مضامين هذه المحطات: التشريعية ، والمؤسساتية ، والسياسية أنّ محطة الانجاز التشريعي تشكل مدخلاً مهماً لإنجاز المحطات والمسارات الأخرى نظراً لتواشجها العميق مع مفردات تلك الرؤى وتمفصلاتها ؛ وهي على أية حال تبرز ، بمجملها وبشكل متوازٍ أهمية "الدور البناء" الذي ينهض به الفرد والمسؤول من أجل تعزيز "ثقافة الإنجاز" والفاعلية في تحقيق مفهوم "التقدم النّوعي".

وترتبط النوعيّة التي يشير إليها جلالة الملك في هذه الورقة ارتباطاً وثيقاً بما تكلّم عليه في الأوراق النقاشية السابقة وفي هذه الورقة أيضاً بأن عملية الإصلاح على المستويات كافة هي عملية متدرجة ومستمرة ومتجددة.

إن مفهوم "الربيع الأردني" هو ربيع حقيقي منتج وخلاّق ومتفرد، بل إنه ربيع خاص كما وصفه جلالة الملك في هذه الورقة ؛ وقد أثبتت السيرورة الزمنية ، بحقّ، أنّه ربيع مخلتف، فهو ربيع له رسالة غايتها الحياة والبناء ، والمحافظة على المنجز ، والإنسان في زمن طغت فيه محن على الأمة أحرقت الأخضر واليابس.

وقد اقترن ربيعنا الأردني، في واقع الحال، بديمقراطية حقيقية وازنة تمتد جذورها التاريخية إلى أكثر من تسعين عاماً، إذ إن هذه التجربة الديمقراطية تعتمد نموذجاً إصلاحياً متطوراً، كما يقول جلالة الملك ، يقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية، وليكون هذا النموذج الديمقراطي خارطة طريق لصون المكتسبات والبناء عليها برؤية عصرية فاعلة.

ومن اللافت في هذه الورقة، أن جلالة الملك يركز على قضية مهمة في مسألة تعميق التحوّل الديمقراطي المؤسس على الهدف والمنجز تتمثل في المنهجية العلمية الرصينة حتى يكون المسار مدروساً ورؤيوياً، وفي هذا السياق يبدو تأسيس مركز للدراسات والبحوث التشريعية في مجلس النواب، وكذلك إنتاج سياسات مقترحة مبنية على البراهين والأبحاث من قبل الحكومات، وكذلك الاستثمار في البحث العلمي من الأهمية بمكان في رؤية جلالته.

وقد نمذجت هذه الورقة النقاشية إبداعات شبابية أردنية تستحق الثناء والإعجاب والتقدير ؛ ولا شك في هذه النمذجة تشير إلى فاعلية الشباب الأردني وقدرته على الإبداع عبر تبنّي المبادرات الشبابية النوعية التي تعزز ثقافة العمل والإنتاج . ولهذا جاء برنامج التمكين الديمقراطي الذي أطلق من لدن جلالته تحت مظلة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ليكون حاضنة داعمة ومعززة للمبادرات والأفكار والمهارات الشبابية ولا سيّما في الجامعات الاردنية.

إن برنامج التمكين الديمقراطي ، ونوافذ التمكين الشبابي تتضمن ، في فلسفتها، علائق موضوعية بين الهدف والمنجز كما بدا في عنوان هذه الورقة النقاشية ؛ فالتمكين الشبابي يتحصّل بالثقافة والمعرفة في إطار المؤسسة الحاضنة، ولهذا، فإن مسألة تطوير الأدوات والآليات لاستيعاب هذه الطاقات الشبابية المنتجة ، ثقافياً ومعرفياً، تفرض على المؤسسات الأكاديمية والعلمية تبني استراتيجيات حداثية ناجعة تحفز الشباب على المزيد من الابداع النوعي.

وأمّا النظرة المستقبلية التي تتضمنها هذه الورقة ؛ فهي رؤية مفعمة بالثقة والعمل والأمل ؛ إنها الثقة بقدرات أبناء الوطن على تجاوز التحديات ، ومن ثمًّ تحويل هذه التحديات إلى فرص عاملة ومنتجة في ظل إحساس الجميع بالمسؤولية في احتضان القيم والبناء على ما أُنجز في سياق ربيع أردني متفرّد تحرسه حكمة القيادة ووعي الشعب.

التعليقات

د مصطفى الهروط (.) الاربعاء, 09/17/2014 - 19:16

رائع دكتور يوسف

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)