هناك مشكلة في التفكير حول نقابة المعلمين سواء من حيث فهد الفانك أم من حيث المقابلة. فالأول وعلى الرغم من الوصولية التي تم نعته بها يرى الموضوع من زاوية ما تتعلّق بهويته الجمعية التي تستاء ممن ذكر الإخوان المسلمين على أي حال، ويعتبر أن كل حراك اجتماعي لا يكون مواليا للدولة في سرّائها وضرّائها يكون حراكا ضالاّ. وأنا لا أتّفق معه في ذلك.فبما أن الإخوان المسلمين قبلوا أن يكونوا حزبا سياسيا منخرطا في صنع المشهد السياسي في الأردن وتخلّوا عن محاولة معارضة الملكية في الأردن، فلا بأس أن يشتركوا في النشاطات الاجتماعية وهذا حق دستوري لهم، يتجاوزه فهد الفانك بالمطالبة بإلغاء نقابة المعلمين بحجة هيمنة الإخوان على عضوية النقابة. كما أن حق الاعتصام والإضراب حق مشروع قانونيا، ولكن ليس كل حق قانوني هو حق أخلاقي. أنا أيضا ضد إضراب المعلّمين فالتعليم ليس عملا في شركة تضع الإنتاج فيه وسيلة ضغط لنيل حقوق مستحقة. التعليم ليس شركة ربحية وضحاياه هم أضفال هذا البلد بكل مكوّناته بما فيهم أطفال الإخوان المسلمين والشيوعيين والاشتراكيين والدستوريين وغيرهم. والمناداة بإلغاء النقابة لسبب كهذا نداء غاشم وليس له أي معنى سوى بعض المزايدات، وأنا أعرف أنّ فهد الفانك لم يكن يوما لصالح نقابة كنقابة المعلمين، فلم أقرأ له أية مقالة في هذا المضمار خلال نضال المعلمين للحصول على هذه النقابة التي كانت خطوة جريئة اتخّذها مجلس الوزراء في ذلك الحين.
أما الثاني السيد مقابلة فأنا لا أعرفه ولا أستطيع أن أقول شيء في شخصه مع احترامي. أمّا حدّته في الرد فلا أجد لها مبرّب خاصة وهو يعرف أن كلام الفانك لا يقدّم ولا يؤخّر، وأنّ الدولة منحته بعض الفرص بسبب إلحاحه وليس بسبب كفاءته لا العلمية ولا المعرفية وأمثاله كثر في هذه الدولة العتيدة. أنا أتفق مع د. المقابلة أنّ المناداة بإلغاء النقابة هي مناداة تدعو إلى الهزلية أكثر ما تدعو إلى الجدّية سواء فلسفيا أو تشريعيا، ولكني لست لصالح إضراب المعلمين ولا بأية طريقة كانت. مطالب المعلمين مشروعة وعلى النقابة أن تحلّها بالطرق السلمية وليس بقوة التهديد، فهذا التهديد ليس للدولة ولكن للمجتمع ككل، ويكفينا أن مستوى التعليم في البلد قد وصل إلى ما وصل إليه من حالة التردّي.