TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
«الحرية الأكاديمية» كما يقرأها أكاديمي بارز
13/09/2014 - 5:15am

طلبة نيوز- يوسف عبدالله محمود

تختلف الاجتهادات حول مفهوم «الحرية الأكاديمية» فمنهم من يعتبر «استقلال الجامعة» وبخاصة في بلداننا العربية والإسلامية، وسائر بلدان المجتمعات النامية، وحتى في الجامعات الأمريكية والأوروبية، ولا أقول كلها مجرد «وهم»!
لكن ما التعريف الحقيقي لٍ»الحرية الأكاديمية»؟ يجيب عن هذا السؤال المشروع الأكاديمي الراحل أ.د. محمد جواد رضا: «يرتبط مفهوم الحرية الأكاديمية بقدرة الجامعة على التماس الحقيقة وإذاعتها. ويتضمن هذا الشرط فيما يتضمنه بقاء العمل الجامعي في عِصمةٍ من الضغوط السياسية أو الدينية أو غيرها». (أ.د. محمد جواد رضا: «الاصلاح الجامعي في الخليج العربي»، ص 249).
وتأكيد منه لهذا التعريف، يشير-رحمه الله-إلى تعريف آخر لرئيس جامعة هارفرد الأسبق كونانت Conant، يقول فيه: «إن حرية المناقشة والبحث غير المعوّق عن الحقيقة شرط اساسي لأية مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي تريد أن ينظر إليها بعين الثقة والاحترام». الأكاديمي الراحل محمد جواد رضا يُعرف «مفهوم الحرية الأكاديمية».
لهذا فإن الجامعيين مدعوون إلى الالتزام بروح التسامح التي تأذن بالتعبير عن اعظم قدر من التنوع في الأفكار. إن هذه المسألة لا تحتمل أية درجة من الحلول الوسط حتى في أشد الظروف دقة وتوتراً». المرجع السابق.
وإثراء آخر منه لهذا المفهوم الذي مازال يثير الكثير من الجدل في أوساط الدول والحكومات يشير د. محمد جواد رضا إلى ما ذهبت إليه الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات التي قررت أنه «لا يمكن للجامعة أن تضع أية تقييدات أو موانع أو كوابت على حرية الأستاذ الجامعي في البحث إلا إذا كان نشاطه يقود إلى التدخل في واجباته التدريسية أو يتعارض معها، كما لا يحق لها أن تحدده بأية حدود، تحول بينه وبين نشر نتائج بحثه العلمي داخل صفوف الدراسة أو المحاضرات العامة أو من خلال النشر في المطبوعات خارج الجامعة إلا في تلك الحالات التي تقضي بشيء من ذلك ضرورات تكييف التعليم لحاجات الطلبة الناشئين قليلي الخبرة الذين لم يستكملوا من أسباب الرشد ما يضمن الاطمئنان إلى حُسن احكامهم وصوابها. كما لا يجوز لأي استاذ جامعي أن ينتفع من امتيازاته الجامعية في إثارة القضايا الجدلية التي هي خارج اختصاصه». ص 249.
يُعلق هذا الأكاديمي والباحث على ما ذُكر بقوله: «الحرية –اذن- وليس الاستقلال هو ما تريده الجامعة وتحتاج إليه. إن طرح مسالة الحرية الأكاديمية طرحاً علمياً يمكن أن يهيء أرضية مشتركة بين الجامعة والدولة». ص 250.
يطالب الباحث بضرورة ان يتم تعامل الدول والحكومات مع الجامعات بعقلية متحضرة باعتبارها مؤسسات قيادية. وعليه عندما تخفق الجامعة في ممارسة تأثيراتها العلمية الايجابية في المجتمع فإنها تفقد مبرر وجودها.
إن الاستقلال الشكلي للجامعات لم يعد يجدي. المهم هو «الحرية الأكاديمية» والمؤسف أن هذه الحرية الأكاديمية ما زالت مهمشة في بلداننا العربية، تنتعش حيناً وتتراجع حيناً آخر، تبعاً لأجواء الديمقراطية، وكأن على هذه الحرية الأكاديمية أن تخدم التوجهات السياسية للسلطات الحاكمة، وليس «الحقيقية».!
إن النظرة المتحضرة لرسالة الجامعات تقتضي منح «الحرية الأكاديمية» قدسية! حتى لا تغدو بوقاً لسياسة الحكومات!
يتابع الأكاديمي د. جواد رضا مناقشته لموضوع «الحرية الأكاديمية» في بلداننا العربية فيقول: «إن الاستقلال الجامعي أصلاً هو استقلال مالي، فإذا كانت الجامعة تعتمد اعتماداً كلياً على الدولة في تمويلها -وهذا هو شأن الجامعات العربية- فإنها ليست جامعات مستقلة، ولا يمكن أن تكون كذلك».
ما معنى كل ما ذُكر؟ معناه أن الحديث عن «استقلال الجامعات» في هذا البلد أو ذاك لا يعني بالضرورة توفر «الحرية الأكاديمية». ثمة «رعب» يساور بعض نظم الحكم وبخاصة تلك التي تتبنى «ايديولوجية سياسية» معينة، إن هي سمحت للحرية الأكاديمية ان تخرج عن مسارها السياسي!
هنا تُغتال «الحقيقة» ويخضع اساتذة الجامعات لإملاءات الدولة ومن يرفضها فعليه الرحيل!
هنا لا تُخرّج مثل هذه الجامعات جيلاً مشبعاً بقيم الحرية، بل جيلاً مُطيعاً لما تمليه نظم الحكم في بلاده. جيلاً، يفكر نيابة عنه أولو الأمر من الحكام!
وبعد، إن تعريف هذا الأكاديمي الراحل لِ»الحرية الأكاديمية» –كما ارى- تعريفاً سليماً، وهو الأكاديمي الجامعي لسنين طويلة. بلا «حرية أكاديمية» لن تكون هناك تنمية. وكما هو معلوم فالتنمية أساساً هي تنمية الإنسان، فما بالك إذا ما عُبث بهذه «التنمية»!
مسألة أخرى بالغة الأهمية أشار إليها هذا الباحث وهي ضرورة ان يظل ولاء الأستاذ الجامعي لجامعته لٍ»الحقيقة» وهذا ما لا يوافق عليه بعض أساتذة الجامعات الذين يطالبون الأكاديميين في الجامعات بتقديم بعض خدماتهم الاستشارية لأرباب الصناعة.
وفي هذا السياق أشار الباحث إلى ما ذكره عالم وباحث عالمي هو الأستاذ غالبريث من انه إذا اعتبرت ظاهرة قيام رجال المال والأعمال بتمويل بعض البحوث العلمية ظاهرة صحية فإن ممارستها يعد تنازلاًً عن جانب كبير من «الحرية الأكاديمية».
يبقى أن أقول تظل هذه المسألة «خلافية بين مؤيد لها ومعترض عليها.
 
 
 

 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)