TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أ.د. مصطفى محيلان يكتب ..." الأطلال "
12/05/2016 - 9:15am

طلبة نيوز- أ.د. مصطفى محيلان
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي
البيت لامرئ القيس، والمعنى: طاب صباحك أيتها الآثار الفانية، ثم ينكر على نفسه أن يخاطبها فيقول: وهل يطيب عيش من راح في الزمن الماضي.
لم يكن بوسع امرئ القيس وغيره من شعراء العرب القدامى سوى البكاء عند مشاهدة الآثار، للتعبير عن حبهم لها ولمن تحويه، وحيث أنهم لم يكونوا يمتلكون وسائل بعث الحياة أو استدامت أو استرجاع تاريخ تلك الآثار، فكانت الدموع والكلمات هي وسائل الحفاظ عليها ولو بين اسطر القصائد وهذا هو جل ما استطاعوا فعله تجاهها فلهم منا الشكر والتقدير، فعلى الأقل إنهم لم يمروا بها مروراً سريعا غير مكترثين بأهميتها بل على العكس فقد أكدوا بتلك القصائد انتماءهم الصادق لها، والانتماء أمر هام بدونه يفقد الشخص الرابط الذي يصله مع بيئته ووطنه، فالانتماء شعور بالتمازج ووحدة التكوين والمصير مع من تنتمي إليه، وهو شعور جميل يسأل عنه فقط المنتمون فهم الأقدر والأعرف بطعمه ولذته، وحيث أن حديثنا انتقل بشكل عفوي من الأطلال إلى الانتماء، ولا أجد أجمل من الحديث في الانتماء، فعلينا أن نظهر الرابط بين الأطلال والانتماء.
الأطلال بناء تاريخي قديم، والزمن الذي نعيش فيه هو زمن الحداثة والعلم والتقنية، وعليه فليس مسموح لنا كمواطنين نمتلك هذا البلد بآثاره «ماضيه» ومكتسباته «حاضره» وهو مسؤولية كل واحد منا بشكل خاص وصونه وصيانته فرض عين لا فرض كفاية علينا، ليس مسموح لنا أن نهمله أو نكله إلى غيرنا طرفة عين، فنحن المنتمون إليه المستخلفون فيه المؤتمنون عليه من الله، هكذا قُدِر لنا ونحن سعداء راضون بأقدارنا ولو خُيّرنا ما اخترنا سواها، فهذه هي عقيدتنا وهذا هو أيماننا وهذه هي مواطنتنا الفاعلة، رضينا بالأردن وطن ونحن بُناته وأبنائوه، وأقدم الباني على الأبن لأن الباني هو الأولى بالقرابة عن الأبن في هذه الحالة، نعم ليس لنا أن نهمل أي جزء من وطني الحبيب، وأخص هنا بعض المواقع الأثرية التي كلما مررت بالقرب منها بكيتها بكاء المُقصِر لا صاحب الذكريات فقط، ولكن بماذا يفيدها البكاء؟ ولن يتمخض عن بكائي هذا شِعر بل حقائق علمية علها تحرك البعض وتحفزهم للعمل:
«أولت جامعة اندروز الأمريكية اهتماما خاصاً بتل حسبان الذي كان يمثل عاصمة للملك سيحون وقد عملت في الموقع منذ عام 1968م ولغاية 2004م «، في محاولة لاستنطاق المكتشفات الأثرية، وقد أصدرت جامعة اندروز الأمريكية خمسة مجلدات وصدر كذلك تسعة كتب على الأقل وعدة مقالات علمية تتحدث عن ذلك التل، طبعاً لقد أخذ تل حسبان «مثلاً» حقه أو جزءاً من حقه بالدراسة ولكن، ماذا عن عشرات المواقع الأثرية السياحية الأخرى، أليست مهمة أيضاً ؟ أم أن من عاشوا فيها «ليس لهم واسطة»؟
لماذا أمُرُ كغيري من الأردنيين بمواقع سياحية أثرية، فأرى أسوارها وأعمدتها ملقاة أرضاً بعد إن كانت شامخة تطاول السماء، تصرخ وتستغيث بالأحياء ليرفعوها بعد أن استقر تحتها بُناتها الأوائل وحفظت لنا بعض تاريخنا، فهي الوفية التي باتت تحرسهم فلم تغادرهم أبدا، فهل نحرسها نحن ونخلص لها كما أخلصت هي لهم ولنا؟
لماذا لا أرى حول تلك المواقع الأثرية بعثات علمية من جامعات أردنية، تقيم بها سنوات كتلك التي أمضتها الجامعة سالفة الذكر «الطيب».
أليس لدينا علماء محبون للبحث مثلهم؟ أليست التقنية متوفرة لنا ولهم! أليس بين أيدينا منحة خليجية بعضها يذهب دعما للجامعات! أوليس البحث العلمي هدف وجود الجامعات أم ان مفهوم الجامعات للدعم المالي هو فقط لإنشاء المزيد من الأطلال، لماذا لا يتحول جزء من هذه المنحة لدعم الأبحاث العلمية فترصد لهذه الغاية، إلا إذا كان هذا هو الحال ولا نعلم!
بعض المواقع الأثرية لا تحظى ولا حتى بشاخص تعريفي على الطريق يصف ماضيها ولو ببضع كلمات، أم ربما يجب علينا مخاطبة جامعة اندروز الأمريكية بهذا الخصوص.
muheilan@hotmail.com

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)