TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
اربح بالون أبو العشرة
19/06/2019 - 12:15pm

بقلم: المهندس عامر عليوي/جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
يااااااه ما أشبه حياتنا بسحبة البلالين والكل يجرب حظه (يقامر) بالسحب ملبياً النداء "جرّبْ حظّك سحبة بلالين" طمعاً بأن يكون صاحب الحظ للحصول على البالون الذي يحمل الرقم عشرة ذو اللون المختلف، والشكل الاجمل، والحجم الأكبر، والغريب بالأمر أن الكل كان خاسراً ويبقى البالون رقم عشرة في مكانه، لأن جشع صاحب السحبة كان يحرم الجميع من الرقم المسكون بعشق وحب عشاق البلالين حيث كان يقوم صاحب السحبة وبمنتهى البراعة والحرفية بغش السحبة عن طريق تعريضها لأشعة الشمس ومن ثم إزالة الرقم عشرة منها قبل عرض سحبته للبيع وبهذا كانت تنفق "السحبة" عن بكرة أبيها دون أن يكسب أيٌ منّا البالون رقم (10)!!! ولو انه أبقى الرقم ضمن أرقام السحب وربحه أحدنا في البداية فأن السحبة كانت سوف (تبور)، يعني الغش والخداع ضروري لإدامة عنصر الاثارة وتحقيق الأرباح.
ما أشبه حالنا هذه الأيام بهذه السحبة، نعيش مأساة أسمها البالون رقم 10 والذي صار يتضخم بعقولنا بطريقة غريبة لأننا نتعرض وبشكل مستمر لحالة من الخداع والغش فبات لكل واحد منا حلمه الخاص الشبيه بحلم الحصول على البالون أبو العشرة والذي لم ولن يتحقق، لأن باعة الوهم (أصحاب السحبات) لهم من قوة الحضور والنفوذ بحيث تجدهم عبر شاشة التلفزيون وفي شركات مالية ومصرفية، وفي أناس يصنعون الرأي العام ويقلبونه وفق ما تقتضي المصلحة، كلهم يعمل على إغراق الناس في ضلالة الوهم وافقادهم إرادة الفعل والعمل.
كلنا يحلم بالوظيفة، الكل يحلم باقتناء السيارة، والدار، والزوجة الموظفة فاااائقة الجمال، والتعليم، وكلنا واهمون في انخفاض أسعار المشتقات النفطية يوماً ما، وطامعون في زيادة الرواتب لتكفينا اقلها لنصف الشهر؟ وغيرها الكثير الكثير،،،،، وحتى لا أظلم أنفسنا نحن الأردنيون فلقد بات لكل عربي بالونه الخاص أبو العشرة!!!
الوهم والحلم صار حالة تنفذ إلى خلايانا، وتتسرب إلى تفاصيل حياتنا الدقيقة، تبعدنا عن الواقع وتُسربلنا بأكذوبة كبرى نكتشفها عادةً بعد فوات الأوان، بعدما تنتهي السحبة ونلاحظ أن البالون الذي نحلم به ما زال مكانه ولا يوجد فينا سعيد حظٍ قد حصل عليه، عندها نعرف أنه تم حجب ما يجري في الواقع - حجب البالون رقم 10 - وما يزخر به من نقاشات، وتم تزييف الوعي لدينا فصار الهامشي حدثًا أساسيًا ومحط النقاش الذي انشغل به الرأي العام فانصرفنا عن الأساسي، وغرقنا في سجالات، وربما في صدامات، هي أبعد ما تكون عن مصالحنا الحقيقية، ونحن واهمون بالعكس وما زال الأمل يحدونا للحصول على البالووون الكبير.
السؤال: متى سنتوقف عن هذه الاحلام والاوهام ونبدأ نتمتع بلحظات نوم هادئة ونرضى بالبالون الصغير؟! وهل نحن حقاً شعب حالم فقط؟ ولماذا نعيش الحلم حتى في يقظتنا؟! وما هي الطريقة للحصول على البالون أبو العشرة بالرغم من معرفتنا أن السحبة مغشوشة؟! وليسأل كل واحد منا نفسه ماذا سأفعل لو كنت محظوظاً ولم يقم صاحب السحبة بإزالة الرقم 10 وحصلت على البالون المعشوق؟!
وختاماً ستبقى مقولة شكسبير حاضرة الى ما شاء الله: "نُدمن الأحلام عندما يخذلنا الواقع" أراكم على خير في سحبة قادمة إن شاء الله.

صورة 1

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)