TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
(اربعينه الغرايبة – الشياب)
13/04/2014 - 1:30pm

طلبة نيوز-
بقلم سلطان محمود الشياب
جامعة العلوم والتكنولوجيا
في منتصف التسعينات كنت طالبا للدراسات العليا في الجامعة اللبنانية في العاصمة بيروت وكنت اتلقى العلم على يد مؤرخين كبار في علم التاريخ كان منهم الاستاذ الدكتور ابراهيم بيضون صاحب الاشكالية التاريخية والكتب العديدة في علم التاريخ الاسلامي وكذلك الاستاذ الدكتور احمد حطيط مؤرخ عصور الاسلام الاوسط والاستاذ الدكتور مسعود ظاهر الذي يبحث في المنهجية التاريخية واصول كتابتها ذات الدلائل والابعاد متعهم الله جميعا بالصحة والعافية.
لا زلت اذكر الدكتور مسعود ظاهر وقد كنا في حلقة البحث ما مجموعة 15 طالب من مختلف الجنسيات ورأى ان يقوم كل طالب بكتابة تقرير عن مؤرخ الدولة التي ينتمي لها وعندما حان دوري قلت له انا من الاردن فتذكر على الفور مؤرخنا الكبير الاستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت (متعه الله بالصحه )والمرحوم الدكتور عبد الكريم غرايبة وكذلك المرحوم سليمان الموسى .
وقد كان الدكتور ظاهر يقف طويلا عند الدكتور الغرايبة ويصفه بانة صاحب مشروع حضاري كبير واسلوبه يعتمد على المنهجية الدقيقة والنقد لكل الآراء التاريخية فقال لي عليك ايها الاردني بكتابة تقرير عن الاستاذ الدكتور المرحوم الغرايبة وهكذا كان.
فقد جلست مع المرحوم اكثر من مرة في مكتبة الجامعة الاردنية فرأيت فيه الاصرار والتحدي والعقل المتزن بالرغم من بلوغه مرحله متقدمة من العمر وعرفت رأيه في كتابه المنهج التاريخي ونقدة الاذع لكل الاحداث وكان يعطي رأيه بصراحة ولربما صراحته ابعدته عن عالم السياسة والمناصب الحكومية والأكاديمية.
مع رحيل الدكتور عبد الكريم غرايبة في 22 شباط 2014م فقد الاردن بل العرب شخصية هامة في المجال الاكاديمي والجامعي وخاصة المجال التاريخي فقد اعتبر المرحوم الغرايبة "شيخ المؤرخين الأردنيين" والذي مارس الكتابة والبحث والتدريس التاريخي لمد (45) عاما في العديد من الجامعات الاردنية والعربية ... وكان المرحوم ايضا اول اردني يحصل على درجة "الدكتوراه" في التاريخ من جامعة لندن في عام 1950م والتحق في الجامعة الاردنية منذ عام 1963م واستمر عملة فيها حتى في عام 1997م وخلال عملة الجامعي اصدر المرحوم العديد من الدراسات والمؤلفات التاريخية التي اثرت المكتبة العربية في مجالها وكان له العديد من النشاطات الاكاديمية والجامعية الاخرى وبرحيل المرحوم الغرايبة فقد الاردن احد ابرز رموزه الاكاديمية والمعرفية والوطنية.
في هذه المقالة التي تأتي للحديث عن المرحوم الغرايبة فأننا سوف نتناول فيها سيرته الذاتية وعملة الاكاديمي ومؤلفاته ودراساته وما الى ذلك من اعمال اخرى قام بها وحسب الاتي :
*اولا- مولدة ونشأته : ولد المرحوم د. الغرايبة في 20 حزيران 1923م في قرية المغير في محافظة اربد (شمال الاردن) وهو الابن البكر لوالدة والذي كان شيخا لعشيرة الغرايبة في قرية المغير وكان موظفا اداريا في بداية عهد الامارة الاردنية في الوقت نفسة وقد خدم والدة في عدة وظائف ادارية منها مديرا لناحية عجلون وقائمقاما في جرش ومأدبا كما تولى منصب رئيس بلدية اربد في عقد الاربعينات من القرن الماضي وقد عاش المرحوم طفولته في ظل والدة حيث تنقلت العائلة بين العديد من المدن الاردنية بسبب تنقل والدة (رب العائلة) في وظيفته وكان د. الغرايبة يضطر الى تغيير مكان اقامته باستمرار مما ترك اثرة في حياته وخاصة سنين طفولته الاولى.
اما بالنسبة لتعليمة المدرسي فقد تلقى المرحوم الغرايبة تعليمة الاولي على يد عدد (مشايخ قرية المغير) والذي يعرفون (بكتاب القرية) حيث تعلم المرحوم مبادئ الحساب والقراءة والكتابة على يد الشيخ علي الخليل الحوراني.
وبعد ذلك التحق بالمدرسة الحكومية حيث درس الصفوف الابتدائية الاول والثاني والثالث في عدة مدن اردنية وفي سنة 1939م انتقل للدراسة في مدينة اربد وبعد ذلك واصل تعليمة في مأدبا ثم في عجلون ثم في اربد مرة اخرى حتى اجتاز الصف الثامن واصل تعليمة في مدرسة السلط الثانوية في عام 1939م فدرس فيها الصفين التاسع والعاشر وتخرج منها في 1941م بعد حصوله على شهاده المترك (الثانوية) في ذلك الحين وكان من معلميه في تلك الفترة روكس بن زايد العزيزي في عجلون وحسني فريز في السلط.
*ثانيا – تعليمة الجامعي والعالي : تخرج المرحوم د. الغرايبة من مدرسة السلط الثانوية في حزيران 1941م وكان من بين العشيرة الاوائل في تلك السنة حيث التحق في اوائل تشرين 1942م في كلية الطب في الجامعة الامريكية في بيروت ودرس في هذه الكلية لمدة سنتين وبعد ذلك تحول لدراسة التاريخ في الجامعة نفسها نتيجة نفورة من مادة التشريح التي لم يحتملها وبالرغم من رفض الاهل والاصدقاء واكمل دراسته الجامعية الجديدة في الجامعة الامريكية نفسها وحصل منها على درجة البكالوريوس في حزيران 1947م وبعدها عاد الى الاردن وتقدم خلال ذلك بطلب الالتحاق بجامعة لندن لدراسة الدكتوراه في التاريخ ايضا وثم قبول في الجامعة شريط نجاحة في امتحان الكفاءة لخريجي الماجستير حيث نجح في هذا الامتحان والتحق في كلية الدراسات الشرقية والافريقية للدراسة والبحث في الحقول التاريخية وتخرج بعدها من جامعة لندن في عام 1950م بدرجة الدكتوراه في التاريخ واثناء ذلك تتلمذ الغرابية على عدة اساتذة في جامعة لندن منهم: ماكس, مالوان, يرنار, لويس, مورتيمر ويلر, جور دون شايلد, وغيرهم وبعد حصول على درجة الدكتوراه عاد المرحوم الى عمان في كانون الثاني 1951م وهكذا المرحوم الدكتور الغرايبة اول اردني يحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ
*ثالثا - عملة الحكومي : عمل المرحوم الدكتور الغرايبة في العديد من الوظائف الحكومية الاردنية منها في مفتش في دائرة الاثار العامة خلال الفترة (1951-1953م) ثم عين مديرا لدائرة الاثار العامة خلال الفترة (1965-1957م) وكان من اهم إنجازاته في تلك الفترة وضع يد الحكومة على مخططات البحر الميت التي كانت بعض البعثات والجامعات الاثرية قد اشترتها من عرب التعامرة وتجار العاديات وحفظت في المتحف الاثري الفلسطيني بالقدس وعوض اصحابها بالثمن المعقول كما قام بمثابة المخطوطات التي كانت ولا زالت بين ايدي البدو والتجار واشتراها لحساب الحكومة واحضرها جميعا الى عمان لتحفظ بكل حرص ودقة في متحف الاثار في جبل القلعة (عمان) وبعد ذلك تقرر نقلة الى وزارة التربية والتعليم لكنة استنكف عن العمل فيها فاعتبر فاقدا لوظيفته وكان شعورة حين ذاك بالمرارة والاحباط على اشد ما يكون انتقل بعدها الى العمل الاكاديمي والجامعي والذي استمر فيه حتى تقاعده عام 1997م.
* رابعا – عملة الاكاديمي الجامعي : كان اول الاعمال الاكاديمية للدكتور الغرايبة في الجامعة الامريكية في بيروت حيث عمل مساعدا للبحث والتدريس وذلك في عام (1953م) وبعد ذلك بوقت قصير التحق للعمل في الجامعة السورية (جامعة دمشق) حيث عمل فيها لمدة سنتين كاملتين خلال الفترة (1953-1955م) وكانت وظيفته بالجامعة السورية حين ذاك استاذ زائر في تاريخ العرب الحديث عاد بعدها الى عمان لكنة عاد للعمل في جامعة دمشق بعد طلب رسمي من الجامعة تقدمت به للحكومة الاردنية حيث عمل فيها خلال عام (1956م) ثم عاد الى الاردن ليعمل مديرا لدائرة الاثار العامة كما سبق الحديث ولكنة عاد للعمل في جامعة دمشق للمرة الثانية واستمر فيها خلال الفترة (1957-1961م) وبعد ذلك ذهب للتدريس في جامعة الرياض - السعودية لمدة سنة دراسية (1961-1962م) وعاد بعدها للأردن ليعمل في كلية الآداب في الجامعة الاردنية التي تأسست في عام 1962م واستمر فيها حتى تقاعده وكان عمل في هذه الجامعة حسب ما يلي :
_ 1962-1966م : استاذ لتدريس التاريخ الحديث.
_ 1966-1968م : عميد لكلية الآداب (للمرة الاولى).
_ 1968-1969م : استاذ متفرغ.
_ 1969-1970م : اجازة تفرغ علمي.
_ 1970- 1973م : استاذ متفرغ.
_ 1973-1977م : عميد لكلية الآداب (للمرة الثانية).
_ 1977-1978م : اجازة تفرغ علمي.
_ 1978-1981م : عميد لكلية الآداب (للمرة الثالثة) ونائبا لرئيس الجامعة.
_ 1982-1983م : اجازة تفرغ علمي.
_1984-1987م : عميد لكلية الآداب (للمرة الرابعة).
_ 1988-1997م : استاذ متفرغ في قسم التاريخ في كلية الآداب حيث احيل الى التقاعد في عام 1997م.
اما بعد تقاعده فبقي يمارس بعض الانشطة الاكاديمية في الجامعة الاردنية ولكنة عين خلال عامي (2005-2007م) عضوا في مجلس الاعيان الاردني وجاء هذا التعيين براه تقديرا له من الحكومة وبعد ذلك جلس بالبيت يمارس بعض نشاطاته الاجتماعية والعلمية على انه خلال عملة في الجامعة الاردنية قام بإنجاز المشروع المشترك بين جامعة دمشق والجامعة الاردنية وهو عقد (مؤتمر تاريخ بلاد الشام) والذي عقد مؤتمرة الاولى في الجامعة الاردنية في عام (1974م) ثم توالت بعد ذلك عقد بصورة دورية حيث عقد (7 مؤتمرات له) وتأسست لجنة اكاديمية في الجامعة الاردنية باسم (لجنة تاريخ بلاد الشام) حيث اصدرت العديد من الانجازات والدراسات التاريخية التي تتعلق بتاريخ بلاد الشام منذ العهود الاسلامية الاولى وحتى الان وفي مختلف المجالات.
*خامسا – مؤلفاته : صدر للدكتور عبد الكريم غرايبة العديد من الكتب والدراسات والابحاث المختلفة وكان من اهمها :
_ تطور مفهوم النضال العربي ضد الاستعمار (1959م).
_ مقدمة تاريخ العرب الحديث (1960م).
_ الجزيرة العربية والعراق (1960م).
_افريقيا العربية في القرن العشرين (1960م).
_ العرب والاتراك في التاريخ (1960م).
_سورية في القرن التاسع عشر (1971م).
_قيام الدولة السعودية الاولى (1974م).
_ تاريخ العرب الحديث (1200-1350هـ = 1785-1931م)1983.
_عرب الماء والانسان (2006م).
_العرب واميركا (2009م).
وكانت هناك قراءة في كتابة "تاريخ العرب الحديث" من قبل د. غيداء خزنة كاتبي (من قسم التاريخ في الجامعة الاردنية) ذكرت فيها بان د. غرايبة توقف عند اصل العثمانيين اكثر من مرة واستوقف عند مصطلح العجم وتفسير ربطة بالعثمانيين وهو مصطلح استعمله العرب وقصدوا به كل المسلمين من غير العرب ممن لا يتصف كلامهم بالفصاحة العربية واستمر اطلاق العرب هذه الكلمة (المفهوم) على غيرهم فترة طويلة.
وعند الحديث عن الجيش العثماني يرى د. غرايبة ضرورة الانتباه الى المبدأ العثماني الاساسي وهو ان الدولة العثمانية كانت امارة غزاة (امارة جهاد) في وجه البيزنطيين وسخرت مواردها المادية والبشرية لخدمة الجيش العثماني وفيما يتعلق بالحكم العثماني تعلق د. كاتبي بقولها : نظام الحكم العثماني هو نظام عسكري اسلامي على راسة السلطان وهو من الالقاب المألوفة استخدم على الاغلب من قبل الحكام المسلمين منذ القرن الرابع الهجري وقد اشار د. غرايبة الى القاب اخرى للسلطان مثل خاقان وباد شاة وخليفة في العهود الاخيرة للدولة الثمانية وتضيف د. كاتبي ربط د. غرايبة بين الاصلاح والتغيير وبين الاخطار الخارجية لتقسيم الدولة العثمانية الى دويلات ضعيفة عاجزة عن حماية نفسها.
وحول هذا الكتاب نفسة قال الدكتور الغرايبة عنة : انه يؤكد على حقيقة لا خلاف عليها وهي اننا والاتراك في منطقة واحدة ولابد لنا من التعايش ,لقد اسي فهم هذه الافكار في بعض الدوائر رغم انني لم ادافع عن الظلم التركي للعرب وانما قلت انه كان طريقة في الحكم ولم يكن في الاساس موجها ضد العرب.
*سادسا_ أوسمته وتكريمه : حصل المرحوم الدكتور الغرايبة على عدد من الاوسمة تقديرا لمسيرته الاكاديمية والفكرية منها ما يلي :
_وسام الاستقلال.
_وسام النهضة.
_وسام الحسين للتميز.
_الجائزة الممتازة للتعليم.
جائزة الدولة التقديرية.
كما انه كرمته العديد من الجامعات الاردنية والعربية منها :
الجامعة الاردنية , جامعة دمشق , جامعة فيلادلفيا , وغيرها مصدر عنة كتابين هما :
_ الاول : بحوث ودراسات مهداه الى عبد الكريم محمود غرايبة بمناسبة بلوغه الخامسة والستين في (1989م).
_ الثاني : الشيخ عبد الكريم غرايبة (مؤرخا, ومعلما, وانسانا) في عام (2006).
وهناك العديد من المقالات المختلفة التي تحدثت عن مناقب الدكتور الغرايبة وانجازات الاكاديمية وغيرها.
*سابعا_ وفاته : توفي الدكتور عبد الكريم غرايبة في يوم 22 شباط 2014م عن عمر يناهز (91 عاما) بعد صراع طويل مع المرض ودفن في مسقط رأسه في قرية المغير وسط جنازة كبيرة وقد نعتة العديد من الهيئات والمؤسسات والاوساط الاكاديمية والرسمية والثقافية والشعبية وقالت رابطة الكتاب الاردنيين في بيان نعية : غيب الموت صباح اليوم العلامة والمؤرخ الكبير الدكتور عبد الكريم الغرايبة عضو رابطة الكتاب الاردنيين واضاف البيان بوفاة المعلم والمؤرخ غرايبة الذي اثرى المكتبة العربية بالكثير من الوقائع والاحداث الجسام التي عاشتها الامة في اكثر من حقبة ان جهوده ستبقى نبراسا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)