TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الأردنُّ على (الحافة) أم حكوماتُه .. أ.د خليل الرفوع
02/12/2018 - 2:00pm

طلبة نيوز-
قبل أيام ألقى رئيس وزراء سابق محاضرةً سردية وصفية عن تاريخ الأردن ، واصفا فيها أن الأردن كان في كل مراحل سيرورته على الحافة أو (الحِفَّةِ) ، والغريب أن الرجل أصر على ذلك الوصف حتى أطلق الحافة الأخيرة على وضعه الحالي ، وهو توصيف أقرب إلى التصوير الشعري الساذج بعيدا عن الموضوعية العلمية التاريخية الحقيقية ، وكان الأجدر أن يستشهد بمقولة وصفي التل رحمه الله بأن الأردن وُلِد في النار لم ولن يحترقَ ، ما دام الحديث مُلَبَّسَا بلباس شعري .
وكان ينبغي أن يعلم أن الأردن دولة قامت بتوافق شعبي وعُهدة كتب حروفها الأردنيون بالمداد والدم ، وفي كل حركة زمنية كان الوفاءُ لها مخطوطا بالدم أيضا ، وكان الله من قبلُ ومن بعدُ خيرا حافظا ، وحينما يمس الدولة همهمة تدميرية من هنا أو من هناك كان الأردنيون بارودا متفجرا وليسوا رصاصا وحسب ، ثم يُعْلَمُ واقعيا أن المنظومة الدولية لم ولن تسمح بتفكك الدولة أو بانهيارها لأن ذلك لو حدث فسيعنى انهيارا مفزعا لدول الجوار ، وكان عليه أن يبين من المسؤول عن انزياح الدولة لتصل إلى تلك الحواف بزعمه ، إن الخطر الذي ينهش الدولة لم يكن من الخارج بقدر ما كان من الداخل عبر طائفة من الذين حسبوا أنفسهم كبار البلد فارتشوا من المناصب والأموال والشهرة المزيفة ما لسع قلوب الفقراء وجعل الأردن في صورته التي تُـرى ، وما أصعب المرض حينما يتسرب إلى الجسد من داخله ومن بين أعضائه ، لم تعدِ الدول تُدَمَرُ بقوى خارجية في زمن هيمنة هيئة الأمم المتحدة ، والحديث عن الفساد يتوجب جرأة لمن يعرف أين هو ومن صاحبه وليس خوفا مصحوبا بالرعب من المحاكم ، وهذا فن إداري لا يتقنه إلا كبار البلد الحقيقيون أمثال وصفي رحمه الله .
لقد ابتُلي الأردن عبر أيامه بطوائف شتى من الذين يحسبون الكراسي مُلكا أبديّا لهم ولأبنائهم فيتسلقون ويرتفعون حتى ظنوا أنفسهم أنهم يطيرون في الهواء على بُـسُط من حرير مسروق من أوجاع البسطاء والفقراء والمعذبين ، وحينما يغادرون مناصبهم التي لم يفشلوا فيها وحسب بل كان لهم نصيب مفروض من النهب المالي والإداري والتوريثي فيحسبون أنهم الوطنَ ، لذا يحنون إلى تلك الكراسي عبر استجداء محاضرة يُـلقونها على تلاميذهم المزروعين في مفاصل الجسد أو لأصدقاء كانوا مقربين من كراسيهم تلك ، ولو تكرم على جمهوره لأخبرهم عن برنامجه حينما تسلم أمانة الحكومة وكيف اختار وزراءه ، أعلى الكفاءة أم على الوساطة والجغرافيا ؟ وكان عليه أن يتحدث عن فشل أو نجاح أثناء مسيرته تلك ، فسرد الأحداث يتقنه كل مطلع ومتابع ، أما كيف الخروج من الواقع فلا يتقنه رجال يتسوَّلون المواقع والجاهات والمحاضرات والعطوات في زمن عيون التكنولوجيا المفتحة الفاضحة ، وإذا لم تملك برنامجا وطنيا للحل فكيف تسلمت موقعا خطيرا قبل سنين من عمرك وأنت الذي تشبَّعت بالمناصب من حداثة السن إلى أن بلغت من العمر عِـتيا ، ما أحلى الرجوع للكرسي هو شعار اتخذه أولئك الكبار أعني الكبار في العمر وحسب ، ولا يظننَّ ظانٌّ أن الديناصورات ـ كما وُصِفوا ـ بعد أن أضحت عظامها رميما يمكن أن تعود نسورا تُحَلِّقُ في جو السماء ، وعطفا على عنوان المقال فَمَنْ أوصل الأردن إلى تلك الحواف حكوماته التي توالت عليه كما تتوالى الأكلة على قصعتها ، وما أبقت في القصعة إلا بياضَها.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)