TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
( الإخوان المسلمون ) ...
19/09/2015 - 2:30pm

طلبة نيوز-

بقلم : الشيخ سعيد نواصره آل عبادي "حفظه الله "

تفكير عقيم لا يستقيم ، ومنهجٌ عجيب غريب لن ينقذَ الأقصى السليب ..!!

في مسيرة " الحسيني " اليوم خطب الإخواني عبدالرحمن الدويري ؛ وكان مما قال :

"وانها [ أي الأمّة ] كما صنعت الربيع العربي وانتفضت ضد الظلم والاستبداد قادرة على تفجير موجة اخرى من هذا الربيع ولن يستطيع احد ايقافها لتستعيد كرامتها ومقدساتها ، فلا تطمئنوا لهدوء الشارع فقد تغيرت المعادلة ولم تعد الشعوب خاضعة " !!

أقول : كلُّ تفكيرهم بـ ( الربيع العربي ! ) والخروج على الحكام رغم ما رأوه مِن غرق الأمّة - بسبب ربيعهم ! - في وَحَل الفتن وأوار المحن وسفك الدماء والتشريد والدّمار !

بمثل ( الربيع العربي ) تُنصرُ الأقصى يا دويري ؟

لا والله !

والله ما فَقهتَ الأمور على حقيقتها !

أو يكون وراء الأكمة ما وراءها ! فتركبون أيّ حدَثٍ لـِ ( تفجير ) الأوضاع في البلاد التي سلمت من ربيعكم الأسود ومنها ( بلدك ! ) الأردن !

قديماً كتبتُ :

أيا فلسطين الإسلام !
نحن جُرحُكِ النّازف .. !!

إنّ الله – تبارك وتعالى – قد اصطفى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، وأكرمها برسالةٍ عظيمة جليلة ، وأمانةٍ مَهيبة ثقيلة ؛ نزلت على قلب أعظم البشر والمُرسلين ، وخاتم النبيين ؛ محمدٍ النبي العربي الأمي الأمين – عليه الصلاة والسلام من ربّ العالمين – ؛ فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ونصح للأمة ، اختار الله – تعالى – له من البشر أبرهم قلوباً ، وأكملهم عقولاً ، وأشدهم بأساً وصبراً .
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : ' إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه .. ' ( رواه الإمام أحمد بسند حسن )
' ...أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم '
( رواه ابن عبد البر )
و { اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }( الأنعام : 124 )
' ... أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم ' ( ابن القيم : طريق الهجرتين )
فكان أصحابُ النّبي – صلى الله عليه وسلم - حملة هذا الدين ومُبلّغيه ؛ جاهدوا في سبيل الله – تعالى - حقّ الجهاد ؛ جهادٌ ' بالحجة واللسان وجهادٌ بالسيف والسِّنان ' ؛ ففتح الله لهم أصقاع الدنيا شرقاً وغرباً ، ودانت لهم الناس صاغرة عجماً وعرباً ، وبلغ هذا الدين ما بلغت الشمس ؛ هدياً ونوراً ورحمة ، فأعزَّ الله – تعالى – به أهله ، ومكن لهم في الأرض ما لم يمكن لغيرهم من الأمم .

وباعتبار هذا .. فإن جيل الصحابة – رضوان الله عليهم – هو الأصل الذي يُقاس عليه أيُّ جيل يأتي بعدهم ؛ من حيث الإتّباع للنبي – صلى الله عليه وسلم – والإقتداء به ، وفهم مراده ، وهذا يقتضي العناية بأقوالهم وأفعالهم واجتهاداتهم ، والوقوف على علمهم وعملهم ؛ ومن هنا يُفهم قول نبينا – صلى الله عليه وسلم - : ' .. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ' .

والناظرُ – بعين التحقيق - في أحوال وتاريخ الدولة الإسلامية على مر العصور ؛ يرى جليّاً - دون تدقيق - : أن عزّة المسلمين – في أي مكان وزمان - وتمكينهم ، وكذا غلبتهم على أعدائهم ؛ إنما يكون – قدْراً ووجوداً وعدماً – بمقدار ما هم عليه من الائتلاف والإتّباع ، والبعد عن الاختلاف والابتداع ، وتعظيمهم شعائر الله – تعالى - وطاعته ، وترك معصيته ؛ ولا أدلَّ على هذا مما حصل لبغداد على يد التتار الأوغاد عام 656 للهجرة ، وقد كانت منارة العلم والحضارة ؛ فاستباحها أناس من أشرِّ خلق الله تعالى ، وعاثوا فيها فسادا وطغياناً ، وأحدثوا فيها من الخراب والقتل ما لا يصدّقه عاقل ولا مجنون ؛ ولن يحدّثك عن الأسباب مثلُ خبير ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – بعد تدمير بغداد : ' وكانت هزِيمةُ المسلمين في العام الماضي بِذنوب ظَاهرةٍ وخطَايا واضحةٍ : من فَساد النِّيَّات والفخر والخُيَلاَءِ والظّلم والفواحش والإعراض عن حُكمِ الكتاب والسُّنَّةِ ، وعن المُحافَظَة على فرائض اللَّه .. '
بل اعتبر شيخ الإسلام أنّ النصر والظفر بالعدو – والحالة هذه – فيه فساد عظيم ؛ فقال :
' .. فَكانَ من حكمة اللَّه ورحمته بالمؤمنين أَنْ ابْتَلاَهُم بِما ابْتلاَهُم بِهِ ؛ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذين آمنوا ويُنيبُوا إلَى ربِّهم ، وَلِيَظْهَرَ من عدُوِّهم ما ظَهر منه من البغي والمكر والنَّكْثِ والخروج عن شرائعِ الإسلام ، فَيقومُ بِهم ما يَسْتَوْجِبُونَ بِه النَّصرَ ، وبِعَدُوِّهِمْ ما يَسْتَوْجِبُ بِه الانتقام ، فقد كان في نفوس كثيرٍ من مُقَاتِلَةِ المُسْلمينَ ورعيَّتهم من الشَّرِّ الكبير ما لو يَقْتَرِنُ بِه ظَفَرٌ بِعدوّهم - الذي هو على الحالِ المذكورة – لأوْجَبَ لهم ذلك من فساد الدِّين والدّنيا ما لا يوصف '
فتدبّروا ... !
ومثلُ بغداد الأندلس .. الفردوس المفقود
كانت الأندلس من أعظم حضارات الأرض على الإطلاق ؛ يقصدها أبناء الغرب للدراسة في جامعاتها ، وأخذ العلم عن العلماء المسلمين ، إلى أن فشت بين أبناء المسلمين فيها اللهو والطرب وحب النساء وشرب الخمر وشتى أنواع الترف ، وبناء القصور ، والنفور من العلم والعلماء ؛ فسقطت سقوطاً مذلاً حزيناً ، ولا زلنا نبكيها مع أبي البقاء الرندي ..

لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ

هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ كما بكى لفراق الإلفِ هَيمَانُ

على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ

حيثُ المساجدُ قد صارتْ كنائسَ ما فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
لمثلِ هذا يبكي القلبُ من كَمَدٍ إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

ومثل بغداد والأندلس .. فلسطين الحبيبة السَّليبة ..
فمن يُنقذها ؟!

راحت الأمة تلوذ بسياسات غيرها فهماً وتطبيقاً ، وعلماً وتطبيعاً : عاقدة الظنَّ بها نجاةً ونصراً ، وقوة وظفراً ، وعزّة ومجداً .. ! .
فانبعثت في الأمة أرواح القوميّة القمْعيّة ، والاشتراكية الشِّركية ، والبعثيّة العبثيّة و.. و .. !
حتى تلبَّسها شيطانُها عَرَضاً هاذياً ، ومرضاً هادماً ؛ فكان أن تَرنّحت الأمّة في ( ميادين ) الصراع مع أعدائها ، وهي ( في كل ذلك = مع ذلك ) تتغذّى على فُتات ما أهملته الأمم من المناهج والأفكار ، والأهداف والأوطار ، وتلجأُ إلى ما هَجرتْهُ من ( الأوكار ) .. فشاهت الملامح والأطوار .. !
وكانت أحزاباً ...
على الضفة الأخرى من ( نهر السّياسة ) العَذْب المُعذِّب .. ( نَبتت = زُرِعت ) أحزاب إسلاميّة هُلاميّة ( سطحيّة ظاهريّة ) : فهي متآلفة ( سياسيّاً ) مع نُظرائها من الأحزاب مسلكاً وجوهراً ، ومخالفة لها اسماً ومظهراً .
فدخلت ( معترك السياسة ) و ( النضال ) من أجل تحرير فلسطين بروح تلك الأحزاب .. بزادها وملْحها ، وطَلْعِها وقُبْحها ؛ محاكاة في كل أمر : في المناورة والكرّ ، والمحاورة والفرّ .. !

وأمّا سياسة أهل الأثر والتي هي العكوف على روح الإسلام ( الكتاب والسّنة ) تعلّماً وتعليماً وفهماً وتطبيقاً من خلال النظر في منهج السلف الصالح ؛ فهي عندهم – بِعِنادِهِم – أسلوب كالح ، وتخلّف واضح ، وتقهقر أمام العدو فاضح .. !

وسياستهم لتحقيق النصر و ( إعلاء كلمة الله ) لا تخرج عن ( حراكات وعراكات ) تتمثل – على سبيل المثال لا الحصر – في :
• تنظيم الشباب ، وتكثير السّواد من كل باب ، فترى في ( حزبهم ) الأشعري والصوفي والحبشي والمعتزلي ، وغيرهم ممن ينتمون إلى الفرق المختلفة في ( عقائدها ) ، وهذا انطلاقاً من إحدى قواعدهم ( الذهبيّة ! ) و هي : كلنا ( إخوان مسلمون ) في مواجهة العدو المُحتل .. !! .

فما ذاك بالذي لتحرير الأمة يهتدي ..

وإنّ سبيل النصر لن يختلف عمّا انتهجه من حرّر أرض المسلمين من قبل ، وكل السبل دونه مسدودة ، ولكن لا نستطيل الطريق فالأيام معدودة ، ولنسترجع الهمّة المفقودة ؛ وقد قيل : ' من استطال الطريق بطّأ به المسير ' ..

ووعد الله – تعالى – قادم ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ' ( رواه مسلم )

و واللهِ ! لن يُنطقَ اللهُ الحجرَ والشّجرَ إلا لورثة من أنطقَ لهم الحجرَ والشجرَ والأرضَ ، وانزل ملائكته تقاتل معهم ..

وعماد ذلك قول الله – تعالى - :
{ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }: ونُصرة الله – جلّ ثناؤه – تكون بطاعته وتعظيم أمره ، وأمره الكتاب والسنة ، وباجتناب ما نهى عنه وزجر ، ونواهيه المعاصي والبدعة .

وما نكابده اليوم من فتن وذل وهوان ينبغي أن نستقي منه المنح والعطايا ؛ بالإنابة إلى الله – تعالى – والانكسار بين يديه ، والتضرع إليه ، والتوكل عليه حقّ التوكل .

ولنا في أهل الإسلام – بعد محنة بغداد – عبرة وآية ؛ فإنهم لمّا أنابوا إلى الله مولاهم – وجاءهم التتر تارة أخرى – أنزل الله تعالى للمسلمين من جنوده ..

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : ' وكان عام الخنْدَقِ بردٌ شديدٌ وريحٌ شديدةٌ مُنْكِرَةٌ بِها صرف اللَّهُ الأحزابَ عن المدينة ، كما قَال – تعالى - : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا }
وهكذا هذا العام أكثرَ الله في الثّلج والمطر والبرد على خلا أكثر العادات ، حتى كره أكثر النّاس ذلك ، وكنّا نقول لهم : لا تكرهوا ذلك ؛ فإنّ لله فيه حكمة ورحمة ، وكان ذلك من أعظم الأسباب التي صرف الله به العدو '

فاحرص – أخي حفظك الله – إذا جيء بصحيفتك يوم القيامة أن يكون فيها حسنات جهادٍ في سبيل الله ؛ بأن تأخذ الآن – في الدنيا – بأسباب ذلك : التزام الكتاب والسنة في نفسك وبيتك وأهلك ، وإخلاص العمل – في هذا - لله تعالى ، والمحافظة على فرائضه وتعظيم شعائره ، ونشر علم سلفنا الصالح ، وبغض المعاصي والبدع وأهلها ..

وأحسن تربية الولد على ذلك ؛ لعلّ الله يُخرج من أصلابهم وارثاً ؛ يكون ممن يُعزُّ به الإسلام وأهله .. فتكون من الفائزين .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)