TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التغيرات والتطورات فى عالم الطب : هل وجدت طريقها للتعليم الطبى؟
10/09/2014 - 9:30am

طلبه نيوز

التغيرات التى طرأت على الممارسة الطبية منذ عام 1900 وحتى وقتنا الحاضر كثيرة، والفجوة النظرية والسلوكية فى مجال التعليم الطبي معروفة وقُدمت لها دراسات وتحليلات علمية أكدت على اننا ما نزال نركز فى تعليمنا الطبي على "المعلومة العلمية" فى وقت نحن بامس الحاجة فيه للتركيز على “المهارات السريرية” والتحليل السريري والتركيز على مصداقية الطبيب واحترامه للانسان ، ولعل منطق التحصين يأتي من البرامج والمناهج الجامدة فى كليات الطب، حتى بتنا نرى ذلك واضحاً في جدلية حالة الانفصام بين التعليم النظري والممارسة العملية للطب، أوما يطلق عليه البعض schizophrenia of medical education.
فالتقرير الذى قدمة "ابراهام فليكسنر" عام 1910 لتطوير التعليم الطبي فى امريكا الشمالية ،وتاكيدة على اعتماد الخلفية العلمية وتعليم الطلبة داخل المستشفيات وربط التعليم الطبي بالبحث العلمي كان بمثابة حجرالاساس للتعليم الطبي فى امريكا لفترة طويلة من الزمن، ولكن سرعان ما تجاوزت قيمة "البحث العلمي" قيمة "التعليم الطبي" من حيث الاهمية فى الجامعات الامريكية واصبح النشاط البحثي هو العامل المهم فى تقييم اعضاء هيئة التدريس وترقيتهم، مما ترتب عليه اهتماما اقل بالتعليم الطبي، ثم ان طبيعة الابحاث الطبية ايضا تغيرت من ابحاث كان المريض محورها الاساسي حتى ستينيات القرن الماضى، الى ابحاث الجينات والكبمياء الجزيئية مما اثر ايضا على التعليم السريري وفاقم مشكلة توفير الاعداد الكافية من مدرسي العلوم الطبية الاساسية.
بدابات التعليم الطبى التقليدي اعتمدت على المهارات الطبية الاساسية فى "المشاهدة والجس والسمع والقرع"، واستمر على نفس السليقة المثالية فى الوقت الذى دخلت فيه مئات الفحوصات الطبية المعقدة والاكثر دقة فى الوصول الى التشخيص الطبي التى سرعان ما استخدمها الاطباء وخفضت من اعتمادهم على مهارات المشاهدة والجس مما وسع دائرة التباين بين ما يتعلمه الطالب فى الكلية وما يشاهدة على ارض الواقع فى المستشفيات والعيادات.

جدلية التفاوت بين الجوانب النظرية والجوانب العملية للممارسة الطبية بقدر ما خلقت اشكالات فى ذهن الطلبة، الا انها كانت اخف ضررا على دخول "العنصر المادى" الى صلب المهنة الطبية التى تحولت مع مرور الزمن الى "سلعة" تباع وتشترى، واصبح من الضروري على الطبيب ان يعمل بجد ونشاط للحصول على اكبر مردود مالي مما اثر سلبا على جوهر التعليم الطبي الذى راح يعاني من ضيق الوقت المتاح لتعليم الطلبة!. كل هذه المتغيرات المتسارعة لم تؤثر على كنه التعليم الطبي كغيره من العلوم التطبيقية التى تتطلب فى نهاية المطاف اعداد اطباء قادرين على ممارسة مهنة الطب وتقديم الخدمات العلاجية للمرضى، الامر الذي يستدعي التأكيد على الجوانب النظرية الى جانب المهارات السريرية، فضلا عن تأكيد القيمة الاخلاقية للمهنة الطبية فى عقول الطلبة.

مسئولية تقديم العناية القصوى والصحيحة للمريض أو ما يعرف حاليا "بجودة" الممارسة الطبية كانت ولا تزال الحافز الاكبر لاستمرارية التعلم الطبي بجانبية النظري والعملي، وهذا وكما اشار "فليكسنر" منذ ما يزيد عن مئة عام يستوجب ان يكون تحت اشراف اطباء متمرسين للمحافظة وفى ظل انظمة طبية فعالة تحافظ على سلامة المرضى وعدم تعريضهم للمضاعفات والاخطاء الطبية .
في مجتمعنا اعتدنا أن نرى الطبيب الشخص المثالي الذى يتعامل مع الاخرين باحلاقيات ومثل عليا، وهذا ما دفع المجتمع إلى أن ينظر الى مهنة الطب بشىء من القدسية والاحترام الشديد، وبقي الاحترام قائماً مع أن بعض المرضى عانى من اخطاء طبية قاتلة ،لكنها لم توظف لهدف ذاتي، أو تحوّل المجتمع إلى عناصر تؤيد او تعارض "مسائلة" الطبيب والتى اصبحت مع مرور الزمن وسيلة هامة لضبط جودة الممارسة الطبية.
سد الفجوة بين ما نعلمه للطلبة فى كليات الطب وبين ما يشاهدونه فى واقع الممارسة الطبية يحتاج لأن تدمج اليات التعليم الكلاسيكية بالمستجدات والمتغيرات الجديدة، وربما حان الوقت لان يتعلم الطلبة "أخلاقيات المهنة"،و"جوانبها المادية" جنبا الى جنب مع تعليمهم " الطب المبنى على الدليل" ومبادىء "المسائلة الطبية" حتى نجعل التعليم الطبي أكثر نجاحاً, واكثر واقعية، وخاصة أن معارف اليوم توسعت ولم تعد تُحصر بكتاب أو نظرية واحدة أمام تعقيدات الحياة وسرعة تغيرها.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)