TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الفكر الشاذ ...من مسببات العنف الجامعي
08/12/2014 - 3:00pm

طلبة نيوز-

*الاستاذ الدكتور ابراهيم احمد الزعبي

نعاني اليوم من صراعات كثيرة، ونظريات متعددة لتفسير السلوك الشاذ المنحرف عند بعض أبنائنا الطلبة في بعض الجامعات، وهذا ربما قد يؤدي إلى العنف الذي نراه هنا وهنالك في بعض جامعتنا العزيزة، وهنا لست بصدد مسببات العنف بالتفصيل، بل سأقف على مسبب من المسببات، والذي يولد فكرا غريبا شاذا عن المجتمع، وبالتالي قد يولد العنف الجسدي، تاركا المسببات الأخرى لمقالات لاحقة.
من المعلوم أن التحدي الأهم الذي يواجهه عالمنا العربي والإسلامي خلال المرحلة الحالية من تاريخه هو محاولة بعض الفئات المتعلمة احتكار الحديث باسم الدين الإسلامي، عبر أطروحات ضبابية، تقدم صورة مشوّهة عن صحيح الإسلام العظيم ومبادئه التي تحثّ على الحب ونشر التسامح، وتروّج في الوقت ذاته لبعض الأفكار الشاذة غير المجمع عليها من العلماء، ورفض الآخر، وهو ما أسهم في انتشار المفاهيم الغريبة ، واغتيال أفكار الآخرين، ونأسف لوصول هذا الفكر الغريب حتى لأصحاب المؤهلات العلمية والفكر العالي والمنظرين في أعلى مستويات التعليم العالي بالجامعات .
فماهو ذنب الطالب الذي تربى في مؤسسات تربوية نقية؟، أن يتشرب فكر شواذ العقيدة والفقه والتفسير والتربية والاقتصاد...الخ من مدرس يتحكم في الطالب باسم النجاح والرسوب، ونحن نعلم جيدا أن مجتمعنا الأردني نقي في أفكاره ، معتدل في سلوكه، يأخذ ما أجمع عليه فضلاء وعلماء الامة، ولا يلتفت إلى الخلافيات التي تفتت عضد الامة، ويضعف من عزيمتها.
ويبدو أن انتشار مثل هذه الأفكار الشاذة يعبّر عن أزمة صراع مع الذات للمرسل ، وبالتالي تسبب نوع من عدم الاستقرار الفكري، بدلا من الأمن الفكري، فبدلا من ان تقوم مؤسسات التعليم الشرعي على نشر قيم المحبة والتسامح واجماع العلماء في نفوس أبنائنا في المدارس والجامعات، فان بعض المنظرين يعيش في صراعات معقّدة ونفسية في بعض القضايا والخلافيات الاسلامية، فبدلا من أن يصل الى الراجح والمعتدل في الافكار، يصل به الامر الى فرض نفسيته التي انغمست في أقوال أهل العلم، فينشر فكرا غريبا ظانا بنفسه أنه العالم الهمام في مجاله، وهذا ربما قد يكون سببا في إشعال فتنة الخلاف بين أبناء الجيل الواحد، وهذا قد يكون من ملوثات الفكر الصحيح لابنائنا الطلبة، وهو لايعلم انه يستند إلى أفكار فاسدة ونزعات غريبة مدمّرة تنشر ريح الصراع الديني والطائفي العنصري، وتهدد عالمنا العربي الاسلامي بالدخول في دائرة مشحونة بالتوترات الدينية والمذهبية والاجتماعية والنفسية.
وبعضها الآخر يتعلق بتوظيف الدين من جانب بعض الأحزاب، والأفكار الدخيلة علينا، لتحقيق أهدافها في الوصول إلى السلطة من خلال رفع شعارات دينية رنانة، تدغدغ بها عواطف المتعلمين، وأخيراً فوضى الفتاوى الدينية التي انتشرت في الآونة الأخيرة من جانب بعض أنصاف العلماء ، وساعدهم على ذلك بعض وسائل الاعلام- التلفاز، الخطابة، التدريس، الندوات- التي تتاجر-بعضها- هي الأخرى بالدين، ولا تجد غضاضة في إتاحة المجال لهؤلاء لنشر فتاواهم التي تبتعد عن صحيح وإجماع علماء الدين الإسلامي.
لهذا كله، أصبح من الضروري التحرك لمواجهة هذه الطغمة الغريبة التي تواجه ديننا الإسلامي من جانب عدد من الأشخاص، والمؤسسات، لانها وللأسف فرق تترزق باسم الدين، وتنشر الفكر المتطرف الشاذ، وتغذّي العنف لدى أبنائنا بالجامعات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
ولايخفى على أحد من المختصين في المجال العلمي والأكاديمي، أن رسالة عمان المشهورة التي دعت وتدعو إلى غرس قيم الوسطية والاعتدال والمحبة والتسامح والإخوة، باعتبارها حائط الصدّ الرئيسي في مواجهة هذه الجماعات الشاذه، لأنها مستنبطة من فكر الإسلام الوسطي، وأقدم بعضن الأفكار النوعية ، التي تخفف من محفزات العنف والتطرف الفكري في مجتمعنا الاسلامي, ومنها:
- إنشاء “مجلس علماء المسلمين من الحكماء” لتعزيز ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة، التي من شأنها تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تعمل بعض الأفكار الشاذة على إشاعتها باسم الدين الإسلامي.
- التصدي للفكر الشاذ المسموم الذي يغذّي العنف والإرهاب، من خلال نشر ثقافة الوسطية والاعتدال، مع تجفيف منابع التطرف والشذوذ بجميع الوسائل القانونية.
- العودة إلى الصورة البيضاء للدين الإسلامي العظيم، من خلال الخطاب الديني المعتدل ، ومثلا على ذلك، المجالس الهاشمية بالاردن في شهر رمضان. وهنا لابد من التركيز على فتح تخصصات في مجال الإعلام الإسلامي المعتدل، في كليات الشريعة والإعلام.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)