TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
المشهد الاردني الذي تجاوز كل التوقعات
11/10/2015 - 6:30am

طلبة نيوز

الدكتور نضال يونس

المشهد الاردني الذى تجاوز كل التوقعات!

الذين لا يعرفون طبيعة المجتمع الاردني ، ويجهلون أعرافه وتقاليده ، لا نلومهم أن يقرؤوا أو يسمعوا أو يروا وسائل إعلامهم كيف تنشر وتذيع ، وكيف تبالغ وتهول، وهو سلوك الشعوب التي تعزل نفسها عن العالم الخارجي رغم العولمة وانتشار الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ، ولعل تجربة الأيام الماضية، وكيف سلطت بعض وسائل الإعلام العربية تركيزها على قضية تعرض احد المواطنين العرب للاعتداء من قبل بعض الاردنيين الذين تجاوزا حدود الادب والاخلاق، وما صاحب ذلك من انتقادات وتعليقات لاذعة على الفضائيات وصفحات الفيسبوك لذلك السلوك "المستهجن" الذى انتهى اخيرا بصلحة عشائرية اعادت الحق لأصحابه بعد اعتراف واضح بالخطا واتخاذ التدابير الازمة لمنع تكراره ، قضية قد تحدث لاي عامل سواء اكان اردنيا أو غيره، لكن البعض وجد فيها منفذا للاسائة للأردن وأهله الطيبين الشامخين بكبريائهم كما النخلة من يعجز عن الوصول إلى فرعها ليجني رطبها فإنه يرميها بالحجارة!
كنا نتمنى تناولا إعلامياً موضوعيا ومنصفاً ليقف على الحدث بحجمه الحقيقي، ويرى بأم عينه هل أُعلنت الاحكام العرفية وأقيمت الحواجز في الشوارع والطرقات، و تزايدت مظاهر الأسلحة والدوريات الأمنية والتصريحات المناقضة للحقيقة، ونفي الخبر جملة وتفصيلا ، واتهام العامل بالتعدى على حراس النائب الامر الذى دفعهم للرد بتلك الطريقة البدائية أسوة بما نراه ونسمع عنه فى اعلام كثير من الدول العربية المأزومة!

الظاهرة الأخرى في المشهد الاردني الفريد، نراها فى اللقاءات المتكررة التى يعقدها رأس الدولة مع افراد الاسرة الاردنية، وتصريحاته بضرورة الاسراع في سن قوانين الإصلاح وما يكتبه في اوراقه النقاشية عن حتمية التحول الديمقراطي وأهمية الحوار واحترام الرأي الاخر والتعددية، وضرورة الوصول الى الحكومات البرلمانية، ومع ذلك تجد من داخل المجتمع الاردني من يؤيد و يدعم ويتفائل بمستقبل البلد، وهناك المتشائم الذي يلبس عدة أثواب بألوان وأطياف مختلفة يريد توقيف عجلة الزمن بتطبيق نظم وسياسات لم تعد صالحة لهذا العصر، وهناك المتسرع الذي يطالب بإصلاحات فورية متناسيا أن الاصلاحات في مجتمع محافظ لا يمكن الصدام معها دون فهم لحركة الانتقال وكيف تدار بعقل واع وغير صادم..

لسنا مع أي نوع من الحصانة التى تعطي صاحبها الحق فى الاعتداء على الاخرين أو سلبهم حقوقهم، ولسنا مع التغير السريع غير المحمود العواقب، وضد الجمود القاتل ومع التغيير المتدرج الملائم لكل مرحلة في تطورنا حيث في كل مجتمع هناك أفكار واراء وقوى دفع إلى الأمام والوراء، وعملية خلق التوازن بين أي مجازفة نراها في صوت العاقل المدرك لدوره وخططه، خصوصا أننا خرجنا من تحديات امنية واقتصادية متعددة حتى اصبح لدينا تجارب ورصيد هائل في معرفة الكيفية للخروج من هذ المعضلات.
سنبقى نفتخر بمستوى الامن و الاستقرار الذي نعيشه، ونعتز ونسعد بارتفاع مستوى الوعي والإدراك العام لحركة العالم والتفاعل معه الامر الذي يعطينا إيجابيات تتخطى الحلول السلبية بكل نوازعها وأفكارها..

طبيعة الظروف التى تمر فيها المنطقة العربية وتداعياتها السلبية على المشهد المحلي هى الضاغط الاكبر على السياسة الأردنية، ومع ذلك نفخر بمواقفنا الثابتة، والتزاماتنا تجاه المشردين والمطاردين واللاجئين ، ونعتز بقدرتنا على عدم الانجراف مع أي تيار حتى مع اشتداد الحرب من حولنا لم يمنعنا ذلك من إدارة شؤوننا بعقلانية وتفاؤل بمستقبل كبير ومشرق.

مرحلة التحولات الصعبة التي يمر بها الاردن التي تتضافر فيها الجهود بالمسؤولية الوطنية، ويلتقي فيها وعي المواطن وحسه العام مع حرص المسئول على تطبيق القانون وصيانة الامن والاستقرار مشهد فريد تجاوز كل التوقعات.. 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)