طلبة نيوز-عبدالهادي راجي المجالي

قبل فترة نظمت قوات الدرك في مركز الحسين الثقافي أمسية شعرية ..البعض يعتقد أن هذا الجهاز دوره فقط مرتبط بفض الاعتصامات , والتدخل في الأزمات ..وأنه جهاز شرس وحاد ..ولكن تستغرب أن ضباط الدرك يجيدون نظم الشعر وبعضهم لديه محاولات في القصة القصيرة , وبعضهم يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة وأيضا فان قائد الدرك الحالي مؤرخ , وحصل على إجازة تفرغ لتوثيق التاريخ الهاشمي في مرحلة ما من حياته العسكرية , ويجيد اللغة الإنجليزية , وهو محاضر في كليات الحرب والأركان .
في نفس اليوم الذي كان الدرك يقيم أمسيته , جلست مع شباب من حراك عمان ..قادتنا الصدفة لذلك ولم يكن مخططا لنا أن نجلس , هو المطعم الذي ضمنا وضيق الطاولات ..الشباب إياهم تحدثوا عن همومهم , وعن البطالة ..وعن الرفض , وأحدهم كان يضع صورة جيفارا على صدره ..حين سأله الزمل فارس الحباشنة عن جنسية جيفارا قال :- بولندي , وبعضهم صححه وقال من أمريكا الجنوبية , وأخر تدخل وقال أرجنتيني ..
صدقوني أني أنقل لكم الصورة بتفاصيلها الدقيقة ..الغريب أن أحد الزملاء حين سألهم عن تجليات اليسار وهل أنتم جزء من اليسار , تاهوا في الإجابات وأحدهم أكد أنه كان يعمل في ضريبة الدخل , واخر قال أنه ينتمي إلى الاتحاد الوطني ..وتبين لنا أن الإخوه غير مدركين بعد لمفهوم اليسار ..
ثم غصنا في تفاصيل دقيقة عن حركة المجتمع ووسائل الرفض , والصدمة كانت حين سألناهم ..عن تحصيلهم العلمي ..حيث أكد أحدهم لنا أنه يعمل (دي جي) وأن هذه المهنة لا تحتاج لتعليم بل تحتاج لذكاء ..واخر قال لنا أنه ترك جامعة الزيتونة من السنة الثالثة وأنه فصل منها ولكنه سيعود , والذي يضع صورة (جيفارا) تبين لنا أنه كان يعمل فني تبريد وتدفئة ..وأحدهم , (كوافير ستاتي) ..توقفنا لدى الكوافير وتحدث عن مصاعب المهنة وشجونها وشؤونها ..
في الدرك والأمن العام من المستحيل أن تجد ضابطا لايحمل مؤهلا علميا جامعيا , ومن المستحيل أن تجد ضابطا , لم يلتق دورات هائلة في اللغة الإنجليزية وفي الأمن والدراسات الإجتماعية وحين يصل لرتبة نقيب تكتشف أن الجهاز أنفق عليه ألوف الدنانير في قضايا التدريب والسفر والدورات ..
ايضا موسيقات القوات المسلحة لو سألتهم عن( شوبان) وسويسرا , ستجد لديهم إجابات تنم عن وعي وثقافة , ومن النادر أن تجد ضابطا هناك لم يسافر ولم يشارك في عرض دولي .
الملفت في بلادنا هو :- أن الدرك كمؤسسة أعلى وعيا من الحراك والأمن العام كجهاز أمني لدى ضباطه حالات وعي سياسي ...وفهم لليسار والرفض أكثر من نسبة كبيرة من الحراكيين ..
جزء كبير من الحراك لدينا هو حالة مجردة من الوعي أنا لا أعمم بالطبع فهناك شباب لديهم فهم ووعي وتنظيم سياسي , ولكن لنعترف أن نسبة كبيرة منهم ..لا تملك وعيا سياسا ولا فهما لما يجري ..مجرد موجة وتم ركوبها ..
في الأردن الأمن هو حالة وعي وأمن ..والحراك هو حالة حراك , ولكن أحيانا من دون نضوج ..وبلا وعي .