TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
توحيد أنظمة الجامعات الأردنيّة : ترف أم ضرورة?
01/06/2019 - 2:30pm

أ‌. د. سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة 
طالعتنا المواقع الإخبارية ببعض أجندة التطوير والتجديد في مسيرة العليم العاليّ في عهد الحكومة الحاليّة أو قل في عهد وزير التعليم العالي الحالي, وعلى رأسها التخلص من التركة السلبية في تشكيل مجالس الأمناء, وتجديد تقييم رؤساء الجامعات بمعايير أكثر صرامة وواقعية؛ تمهيداً للتخلّص من الرؤساء المقصرين في أداء مهامهم, ومن الذين خدمتهم الظروف السابقة ممن رسبوا في التقييم الأولي ونجحوا في تقييم التقييم في عهد مضى, وثمّة خبر لاح في الأفق عن تعديل أنظمة الجامعات والسعي لتوحيدها, وهو ما غاب عن التعليق والتعقيب من المحللين على ما طالعت من تحليلات.
إنّ التعديل في أنظمة الجامعات الأردنيّة, لا سيما نظام أعضاء هيئة التدريس, ونظام الموظفين ونظام الرواتب والعلاوات ونظام اللوازم والأشغال, والسعي إلى توحيدها في الجامعات الأردنيّة هو المدخل الرئيس إلى إصلاح فعلي في التعاليم العالي في الأردن, فبما أنّ الجامعات الأردنيّة قاطبة تحتكم إلى قانون التعاليم العالي والبحث العلمي وقانون الجامعات الأردنيّة, فليس هناك أي مبرّر للتعدّد في أنظمة الجامعات الرئيسية وتفاوتها تفاوتاً يشعرنا أنّنا في جامعات تنتمي إلى دول مختلفة, وليس في دولة واحدة .
وليس من العدالة التي هي أهم دعائم دستورنا الأردني أنّ تكون الأنظمة الناظمة للشؤون الأكاديمية والشؤون المالية والإدارية في جامعاتنا متفاوتة إلى حدّ الظلم وعدم المساواة, فليس من العدالة أن تتفاوت الرواتب في جامعاتنا حتى بين الجامعات الحكومية والخاصة, وليس من العدالة أن تتفاوت أسس الترقيات والترفيعات بين أبناء الوطن الواحد في مؤسسات تتبع وزارة واحدة, وتخضع لقانون واحد, وإن تعدّدت مسميات المؤسسات التي ينتمون إليها, وليس من التحضّر في شيء أن يطرأ على نظام أعضاء هيئة التدريس ونظام الموظفين عشرات التعديلات لتكييفها حسب الأهواء والميول والمنافع, بينما يتحجّر نظام اللوازم والأشغال في إحدى الجامعات الأردنية الرسمية على حال واحدة منذ أكثر من ثلاثين سنة.
إنّ ثمّة تعديلات طرأت على الأنظمة في مرحلة ضبابية من مسيرة التعليم العالي لا تخلو من النفعيّة والتنفيعية, فأي تطوّر في الأنظمة الذي يتنازل عن تقدير الجيد في التعيين, ويسكت عن مسألة الانتظام والانتساب, ويتناسى مسألة الإعلان وتساوي الفرص, وينكر مسألة تناسق التخصصات في مراحل الدراسة, ويتخلى عن ضوابط الالتحاق بالدراسات العليا؟ وأي تطوّر هذا الذي يمنح أناساً حقوقاً في الرتبة والراتب ليست قانونيّة, ويمدّد الخدمة بعد انتهائها لناس دون ناس؟ وهل يستوي تعديل ينحط بمستوى الجامعة الأكاديمي, وتعديل آخر نهضت به جامعة أخرى كالجامعة الهاشمية التي ربطت الرواتب والعلاوات باستمرار النشر لمن هم برتبة أستاذ؟ أليس من الظلم أن تنهى خدمات أساتذة بفضل تفاوت الأنظمة لعدم تثبيتهم في الخدمة الدائمة في معظم الجامعات؛ بينما تعيد جامعة أخرى بفضل سوء أنظمتها تعيين مثل هؤلاء بعقود؛ ليتم طردهم من الباب وإعادتهم إلى الجامعة من النافذة؟ أليس من الظلم أن يكون متوسط راتب عضو هيئة التدريس برتبة أستاذ بحدود(2500) دينار في الجامعات الحكوميّة, بينما رواتب أقرانهم في بعض الجامعات الخاصة بحدود(1500) دينار في الجامعات الخاصة التي تربح أضعاف الجامعات الحكومية؟ ما هو مبرّر أساطين الفقه القانوني في التعليم العالي في تفاوت تعليمات الترقية بين الجامعات, فبعض المدرسون يترقون على بحوث منشورة أو مباعة في مجلات لا يعرفها غير أصاحبها, وبعض الجامعات تشترط مجلات عالمية ورصينة؟ فقد سألت أحد أساطين التشريع في جلسة خاصة عن هذا؛ فأجاب إنّ المسالة مسألة إدارة, ولكن ما قوله إذا كان رئيس الجامعة لم ينشر في مجلة واحدة مصنفة عالمياً؟ فعن أي إدارة تتحدّث معاليك؟
إنّ توحيد التشريعات الناظمة للتعليم العالي في جامعاتنا؛ لا سيما الخاصة بالشؤون الأكاديمية والمالية والإدارية ضرورة ملحة, ومطلب دستوري لتحقيق العدالة بين أبناء الوطن, وهذا مدخل أساسي إلى التطوير لضبط العمل الجامعي, وإحكام النصوص بما يمنع استغلال الثغرات فيها, وضبط الصلاحيات بقيود صارمة, ويجب أن تراعي الأنظمة الجديد إعادة الروح إلى العمل المؤسسي, وترسّخ أعراف وتقاليد أكاديمية موحدة في وطننا, وتفعيل صلاحيات الأقسام والكليات والمجالس في ظل تغوّل الإدارات عليها, وعلى المجالس التي داهمها السكون, فلا يعقل أنّ مجلس الدراسات العليا في إحدى الكليات بإحدى الجامعات الأردنيّة يمنح المئات من درجتي الماجستير والدكتوراه للطلبة خلال سنتين دون أن ينعقد ولو لمرة واحدة. ولا يعقل أن يشارك عميد إحدى الكليات في مناقشة جميع الرسائل في قسمه طمعاً في (70) ديناراً عن المناقشة, وأي علم هذا الذي يسمح لأستاذ في الأدب بالإشراف على رسالة في النحو العربي, وتكون لجنة المناقشة من أساتذة الأدب الحديث في قسم في أكثر من سبعة أساتذة مختصين في النحو ؟! ولكم أن تتخيلوا أن أستاذاً في أحد التخصصات استلم الرسالة التي سيناقشها في أحد برامج الدكتوراه قبل خمس دقائق من موعد المناقشة! أليس هذا بكاف لتوحيد الأنظمة وتحصينها إذا كنّا جادين في التطوير والتعديل؟ وهل مسألة التوحيد ترفاً أمّ حاجة وضرورة وأولويّة؟ 
إنّ المسكوت عنه في الممارسات السلبية التي يعجز العقل عن تصديقها أكثر من أن تحصى, والأسوأ في المشهد أنّ الممارسين لتلك السلوكات يبادرونك بالقول: النظام والتعليمات تسمح بذلك, وأنظمتنا موشحة بإرادة ملكية سامية يجب أن نحترمها.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)