طلبة نيوز

دائرة الاحوال المدنية والجوازات
يحيى القضاه
فقدت هوية الاحوال المدنية, وحالما فقدتها ذهبت إلى دائرة الاحوال المدنية والجوازات في محافظة عجلون لكي اصدر هوية جديدة, بدلا من تلك التي فقدتها, ولان إصدار هوية بدل فاقد يتطلب العديد من الاجراءات القانونية الحازمة, خشية الاضرار بالأمن الوطني الاردني, من بين تلك الاجراءات هو عمل تعهد, بعد إحضار البلاغ الرسمي من المركز الامني, والتعهد يتطلب الاجابة على العديد من الاسئلة والمعلومات, لكن اول ما استوقفني هو أخطر سؤال تعرضت له في حياتي, :(كيف فقدت تلك الوثيقة؟)...ولانني من عجلون, ومدينة عجلون إطلالة مرتفعة, بحثت في المدى والأفق لكنني لم اعرف ولم أجد جوابا سوى "لا اعرف ولا أدري كيف اضعتها" , ومدينة عجلون مترعة بالسحر والجمال, وبيني وبينها عشق قديم, منذ الصبا الاول, والذي يخشى ضياع هويته ونبضه, لا عليه سوى العيش فيها, فجمال الشمس هنالك أصيلا, والعيون هي كل العيون, ... هي وطن وقلب دافئين, هي مسكونة بالوجع والفقر, المنثور على الطرقات, هي كما هي, لن يتغير شيء فيها.
حينما دخلت إلى مدير المكتب, وهو المعني بالتاكد من مدى اتمام كافة الوثائق, جلسنا نتراشق الايام والذكريات, واحتسينا قهوة الشوق, ..وبعدما اشعلت السيجارة, قال لي:(انت بتكتب عن المقاطعة), ثم ابتسم بسمة فيها الهوى العجلوني الأصيل كمذاق قهوته تماما,... قلت له:(أنتم في دائرة الاحوال المدنية تقومون بعملكم بشكل وطني منقطع النظير, وبكل إتقان وعناية, وانا اتيت اليكم اكثر من مرة, كنت التمس نوعية الخدمة التي تقدمونها للمواطنين, )...وحالما انهينا الحديث والنبض, واحتساء القهوة, حصلت على هوية ذكية بدلا من تلك التي فقدتها, وحينما غادرت وانا أتامل المراجعين, وملامح الفقر في وجهوهم وضيق الحال في أعينهم, أردت ان اكتب هذا المقال, إلى السادة في دائرة الاحوال المدنية والجوازات في محافظة عجلون. 
السادة الاجلاء, في دائرة الاحوال المدنية, أنتم محطة الأمل الوطني,في وطن كنا نخشى عليه من ضياع هويته الوطنية, التي لم أجدها منذ أن أتيت هذه الدنيا, واليوم اود منكم ايها السادة ان تعيدو لي هويتي الوطنية, التي أضاعوها باسم امننا الوطني, الذي اتخذوه ذريعة, لضياع الهوى والهوية الاردنية, وأن أخطر ما يكمن في تاريخ الهوية الاردنية,... هو ارهابهم البشري, الذي سلب منا العشق والنبض والحياة والغرام... باسم الأمن الوطني الاردني, الذي جعلوه عرضة للانفجار نتيجة ظلمهم وطغيانهم, الذي أسسوا فيه اكبر نظريات للفساد الوطني, ولم يدركوا ان ما سجلته الأجيال الماضية من الصور للهوية الاردنية, هو التضحية في سبيل العزة والحرية والكرامة والهوى والهوية الاردنية. 
أتدرين يا هويتي وحبي وعشقي والعيون, أنني أخشى عليك الضياع والموت, كما اخشى على امننا الوطني تماما, والذي يصبح وجعا حينما تمر عليه الذكرى والايام, ... السادة الاجلاء في دائرة الاحوال المدنية والجوازات في محافظة عجلون, اود منكم بدل فاقد لهويتي الاردنية, فهل ستعيدون لنا الهوى والهوية الاردنية؟

صورة 1