TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
دقّة التخطيط معيار حضاري
03/04/2014 - 3:15am

طلبة نيوز-أ.د. صلاح جرّار
زرت الصين قبل خمسة عشر عاماً في مهمّة رسميّة، وقبل موعد الزيارة بنحو شهر تقريباً وصلتني من الجهة المستضيفة رسالة تشتمل على تفاصيل دقيقة عن البرنامج المقترح للزيارة كي أطّلع عليه وأبدي ما أراه من الملاحظات عليه كي يقوموا بالتعديل المطلوب إن كان مناسباً. وقد اشتمل ذلك البرنامج المقترح على مواعيد الوصول واللقاءات والأماكن التي سأزورها والأشخاص الذين سألتقي بهم في كلّ اجتماع والفندق الذي سأنزل فيه ومواعيد الوجبات والأطعمة التي ستقدم في الوجبات، وسألوني إن كنت أتناول لحم الخنزير أم لحم الضأن أم اللحم البقري أم السمك أم الدجاج، إلى غير ذلك من التفاصيل التي قد لا تخطر على بال أحد.
واطّلعت مّرة على منشور أرسلته إحدى الجامعات الأمريكية للطلبة والأساتذة المشاركين في دورة علميّة في إحدى دول إفريقيا، وقد اشتمل المنشور على تفاصيل دقيقة جداً عن البرنامج إلى درجة توجيه الطلبة إلى نوع اللباس الذي ينبغي أن يلبسوه، بالإضافة إلى بعض المفردات والعبارات اللغوية التي تلزمهم في التعامل مع مواطني تلك الدولة.
وشاركت مرّة في مؤتمر دوليّ في إسكتلندا، فأذهلتني دقّة الترتيبات والمواعيد والإجراءات مّما لم يغفل عن شيء صغير أو كبير.
إن الهدف من مراعاة دقة الترتيبات والإجراءات هو تهيئة جميع مستلزمات النجاح وشروطه لأيّ نشاط سواءً أكان زيارة أم دورة علمية أم مؤتمراً علميّاً أم غير ذلك. كما أنّ تحقيق أعلى قدْر من الدقّة في التنظيم والتخطيط لمثل هذه الأنشطة يضمن الاستقرار النفسي للمشارك فيها وتعفيه من تساؤلات كثيرة قد تعيق مشاركته أو تؤثّر عليها سلباً.
كما أنّ الالتفات إلى بعض التفاصيل والجوانب التي قد يغفل عنها الإنسان في أثناء التخطيط لعمل ما قد تحول دون وقوع خللٍ ما في أثناء انعقاد المؤتمر أو الندوة أو الدورة المخطّط لها. كما أنّ هذا الالتفات ينبئ عن فطنةٍ ونباهة ويقظة وتؤشّر على سلوك حضاريّ إيجابيّ.
إنّ النشاطات الثقافية والفكرية والعلمية التي يشهدها الأردنّ كثيرة ومتنوّعة، ولا يكاد يمرّ يومٌ دون أن تعقد فيه العديد من الندوات والمؤتمرات والدورات واللقاءات المختلفة في مؤسساتنا وجامعاتنا، غير أنّه لا بدّ لنا من الاعتراف بأن مردود هذه الأنشطة قليل إذا ما قيس بالأهداف والطموحات المتوخاة من انعقادها. ولعلّ أهمّ أسباب الإخفاق في حصد النتائج المنشودة هو سوء التخطيط وغفلة المخططين لهذه الأنشطة عن تفاصيل وجوانب قد تكون أساسية أو فرعيّة، مّما يؤدّي في الغالب إلى نتائج باهتة وغير ناضجة، وإلى توصيات تلقى في الأدراج ولا تجري متابعتها، وتكون النتيجة في المجمل لقاءات ينقطع بعضها عن بعضها الآخر وأحياناً تكون مكرّرة عن مؤتمرات سابقة.
إنّ دقّة التخطيط للمؤتمرات والندوات تتطلب الالتفات إلى اعتبارات كثيرة وتفصيلات عديدة، وهي شرطٌ من شروط النجاح وعلامة من علامات السلوك الحضاري لا بدّ أن نوليها أكبر قدر ممكن من الاهتمام والعناية من أجل أن نحقّق الأهداف المتوخّاة والتطلّعات المنشودة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)