TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ربط التعليم المهني بالتحصيل المتدني يكبح توسعه
04/09/2016 - 7:45am

طلبة نيوز- عن الغد

أجمع خبراء على أن نظام التعليم المهني والتقني يواجه تحديات عديدة، "حدت من تطوره، وأبعدت شرائح مجتمعية مختلفة عن خوض غماره، لينعكس ذلك سلبا على مساهمته بنمو وتطوير مكونات الاقتصاد الوطني".
ومن هذه التحديات، كما يقول هؤلاء الخبراء، ضعف الوعي المجتمعي بأهمية هذا التعليم، وربطه فقط بالطلبة ضعيفي التحصيل العلمي، بالاضافة الى وجود نقص في المدارس والمراكز المهنية، وخلل في التوزيع الجغرافي لها.
لكن آراء هؤلاء تباينت من جانب آخر حول قرار مجلس التعليم العالي القاضي بالموافقة لكليات المجتمع المتوسطة على طرح برنامج دبلوم فني للطلبة الذين لم يجتازوا امتحان الثانوية العامة بنجاح، فمنهم من اعتبر ان هذا القرار فرصة جديدة لهؤلاء الطلبة، فيما رأى آخرون ان القرار سـ"يخلق مشاكل عديدة منها تراجع سمعة كليات المجتمع التي كانت جسرا للدراسة الجامعية لتصبح ملجأ للراسبين".
وأشاروا بهذا الخصوص إلى أن كليات المجتمع كانت اشبه بمؤسسات جامعية، مؤكدين أهمية ان تصبح الخطط التدريسية مواكبة لمتطلبات سوق العمل، ولذلك يجب أن يشارك في إعدادها القطاع الخاص.
وتشير الاحصائيات الرسمية، إلى أن هناك 41 كلية مجتمع خاصة وعامة في الأردن، يلتحق فيها نحو 21 ألف طالب، أقل من ثلثهم ملتحقون ببرامج تقنية.
الدكتور بجامعة البلقاء التطبيقية احمد شموط أشاد بقرار مجلس التعليم العالي بالموافقة لكليات المجتمع المتوسطة على طرح برنامج دبلوم فني للطلبة الذين لم يجتازوا امتحان الثانوية العامة بنجاح كحد أدنى، قائلا، ان الطالب سيمنح دبلوما فنيا وليس تقنيا، وفي اثناء مرحلة الدبلوم الفني يستطيع الطالب التقدم الامتحان التوجيهي، وبالتالي يحق له ان يجسر ويكمل دراسة البكالوريوس.
واضاف، ان التخصصات الموجودة في الجامعات هي لمستوى البكالوريوس وليست للدبلوم الفني، فيما السوق بحاجة الى جميع الدرجات وفي كل التخصصات، ولهذا "نحن بحاجة لتوجيه طلابنا نحو التخصصات التقنية في المدارس والكليات والجامعات، ذلك أن حاجة القطاع الخاص ستخلق تخصصات أكثر دقة وتتطورا من وقت لآخر وفقا لمتطلبات سوق العمل واحتياجاته".
ولذلك، "نحن بحاجة للبدء والتدرج بفتح تخصصات اخرى، رافضا التعميم بأن هذه التخصصات غير مطلوبة، فهناك العديد من التخصصات ما زالت مطلوبة"، بحسب شموط الذي أكد أنه "لا نستطيع ان نبقى مكتوفي الايدي".
وأوضح أن القطاع السياحي الأردني، أكثر نموا من باقي التخصصات، ويسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الاجمالي بنحو 17 %، مع توقعات بأن يخلق هذا القطاع، وخصوصا تخصص الضيافة وفق الدراسات والاحصائيات 25 ألف فرصة عمل في الأعوام المقبلة.
وشدد شموط على "ضرورة قيام وزارة التربية والتعليم بدراسة ميول الطلبة وتوجيههم بشكل مناسب إلى المسار الأكاديمي أو المهني بالتوازي مع وجود بيئة تحتية حاضنة لهذه الميول لحين الوصول إلى تغير في التشريعات"، مشيرا الى أهمية أن تواكب الخطط التدريسية متطلبات سوق العمل وضرورة اجراء تحديث للمناهج بما يتناسب ومتطلبات القطاع الخاص.
وفي موازاة ذلك، دعا شموط إلى "تحديد مرجعية واحدة للتعليم التقني والتدريب المهني"، للوصول إلى الحالة التكاملية بين المدرسة بمراحلها الأولى وصولا للجامعة، مرورا بالثانوية العامة والدبلوم، عازيا قلة التوجه لهذا النوع من التعليم، ليس فقط للثقافة المجتمعية السائدة، بل لـ "سوء التخطيط للمسار التقني من المعنيين، بمن فيهم المشرّع والتشريعات الناظمة، والقطاعين العام والخاص ووزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي".
ولذلك رأى ضرورة لتحديث التشريعات المتعلقة بالتعليم، لتتواءم مع متطلبات الأسواق المحلية والعربية والدولية، ومعرفة ما يحتاجه القطاع الخاص، وتوفير ما ينسجم مع متطلباته، من حيث تحديث المناهج وضبط الجودة في مسألة التعليم التقني.
وكانت دراسة أجرتها مؤسسة التمويل الدولية والبنك الإسلامي للتنمية العام 2011 حول أصحاب العمل الإقليميين، بينت أن 10 % فقط من أصحاب العمل في الأردن، كانوا راضين عن "المهارات التقنية"، مقابل 16 % كانوا راضين عن "المهارات الشخصية" للخريجين المهنيين، فيما كانت معدلات الرضا لدى صاحب العمل في السعودية تزيد على هذه النسب ثلاثة أضعاف.
وفيما يتعلق بالطلبة الراسبين في امتحان شهادة الثانوية العامة (التوجيهي) بفروع التعليم المهني، اوضح الخبير التربوي ذوقان عبيدات ان هذه ليست مسؤولية وزارة التربية والتعليم "الا من حيث حشد اعداد كبيرة من الراسبين وتسليمهم  لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في برامج مهنية"، رائيا ان "مجرد التفكير بالراسبين هو سلوك ايجابي بغض النظر عن مبررات رسوبهم".
لكن عبيدات تساءل في المقابل "هل وضع برامج للراسبين حل لمشكلتهم أم حل لمشكلة كليات المجتمع التي خسرت معظم ملتحقيها.. وهل وضعنا البرامج لتغطي على اخطائنا في ترسيب هؤلاء، وهل تم فتح البرامج للراسبين وفق خطة مهنية وحاجة سوق العمل ام لهاثا لإخفاء مشكلة الرسوب؟".
واشار إلى أن إلحاق الراسبين في كليات المجتمع يمكن ان يقود إلى مخاطر عديدة، منها على سبيل المثال "شيوع الارتجال والفزغة، لكن من ابرز هذه المخاطر تراجع سمعة كليات المجتمع التي كانت جسرا للدراسة الجامعية لتصبح ملجأ للراسبين، فكليات المجتمع كانت اشبه بمؤسسات جامعية".
ومن هذه المخاطر ايضا، بحسب عبيدات، أنه "لم يدر في ذهن الطلاب الراسبين ابدا أنهم سيلتحقون في برامج المهنية ما سيجعلهم أكثر يأسا وبؤسا في اختيار برنامج من برامج، لم يتهيأ المجتمع الأردني ولا كليات المجتمع مسبقا لها ما سيجعل كليات المجتمع تتنافس على الراسبين من خلال ارتجال برامج سريعة".
وإضافة إلى ما سبق، يقول عبيدات، إن البرامج الجديدة في كليات المجتمع سوف "توصم ببرامج الراسبين حتى لو قادتهم الى الدكتوراه، وإذا سلمنا بأن الراسبين قليلو اجتهاد وذكاء فهل يمكن لكليات المجتمع ان تزرع لديهم المهارات"، عدا عن وجود "إشكالات قانونية في تسمية خريجي هذه البرامج".
وأوضح أن القانون وهرم المهن يعترف بالمستويات الآتية: خبير متخصص وهو من يحمل شهادة جامعية او اعلى، مهني لمن يحمل شهادة دبلوم او أعلى، فني لمن يحمل شهادة كليات المجتمع، وعامل ماهر لمن يحمل الثانوية المهنية، عامل غير ماهر وهو من لا يحمل شيئا، متسائلا "إذاً ما هي الصفة او المستوى الذي سيقدم لهؤلاء الطلبة.. هل هم عمال مهرة؟ فذلك يعد مخالفا للقانون لأنهم لا يحملون "التوجيهي"، ام هم عمال غير مهرة؟ وهذا أيضا مخالف للمنطق، فقد علّمانهم سنتين إذاً ما صفة هؤلاء القانونية".
ولفت عبيدات من جانب آخر، الى ان حاجات السوق متجددة، "فمن يعرف ما هي حاجات السوق الأردني بعد خمسة أو عشرة أعوام؟".
وكانت دراسة لإدارة التعليم المهني والتدريب بجنوب وشرق البحر المتوسط للعام الماضي أظهرت، ان "29 % من الشباب في العام 2012 /2013 وتتراوح اعمارهم بين 15– 24 في الاردن، لم يكونوا في مجالس التعليم أو العمل، وزادت هذه النسبة الى 30 % عند اضافة الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 15 - 29 عاما".
إلا ان الخبير حسني عايش رحب بقرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذي شكل مخرجا لضحايا هذا الامتحان "الذي لا يعني ان الناجحين افضل منهم".
وقال عايش، ان هؤلاء الضحايا فئة كبيرة العدد يتراكم عاما بعد عام، "ما يجعلهم مشكلة اجتماعية حتى أنه يعيق زواجهم لأن مكانة المرء هي محصلة التعليم والعمل أو المهنة والدخل"، مؤكدا أن فتح المجال لهم لنيل شهادة الدبلوم الفني يرفع من مستواهم الاجتماعي والتربوي.
لكن عايش طالب بالسماح لهؤلاء الطلبة بأمرين أثناء فترة الدراسة في كليات المجتمع هما "قيام الكليات بتقوية الطلاب في المواد التي رسبوا فيها في امتحان (التوجيهي) لتمكينهم من تقديمه والنجاح فيه، والسماح لهم بالجلوس الى الامتحان الشامل وهو ما يمكنهم من الحصول على المستوى المناسب والالتحاق بالتعليم الجامعي".
واشار الى انه لا يرى أي مانع من تقديم طلبة الدبلوم الفني للامتحان الشامل وإن لم يكونوا حاصلين على الثانوية العامة، رائيا أن "أي امتحان عام يجبّ ما قبله".
وبالنسبة لمتطلبات العمل اوضح عايش أنها معروفة بالنسبة لهذا المستوى وهي كل الاعمال والحرف التي تقوم بها العمالة الوافدة، "لكن المشكلة ان العمالة الوافدة ستظل تحوز على هذه الأعمال لأن خريجي هذا الدبلوم لا يعملون فيها لاسباب اجتماعية واقتصادية".
ولفت الى انه في حال كان هناك أعمال وحرف لا نعرفها كتربويين "فيجب إشراك غرفتي الصناعة والتجارة في تحديدها استنادا لتجربتهم وحاجتهم واستشرافهم، كما يجب أن يشتمل المنهاج النظري والعملي في هذا الدبلوم على مساق تعليمي يعزز لدى الطلبة الاستقلال والمبادرة وابتكار العمل وليس انتظار الوظيفة في القطاع العام".
وبالنسبة للتعليم المهني في المرحلة الثانوية الذي ينتهي بالامتحان العام والمقصود به امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)، طالب عايش بنقله من وزارة التربية الى مؤسسة التدريب المهني، موضحا ان مشكلة الوزارة في التعليم المهني "تتمثل في تضخيم الجوانب الاكاديمية على حساب التعليم والتمرين والتدريب في المدرسة ومواقع العمل، لذلك يهم التلاميذ في المدارس المهنية النجاح في الثانوية المهنية للالتحاق بالجامعات ولهم الحق في ذلك".
ورفض عايش، مستندا في ذلك الى بحوث نفسية واجتماعية إجبار التلاميذ على الالتحاق بالمدارس المهنية حتى وإن  كانت تخصصاتها مطلوبة، لأن ذلك مخالف لأبسط مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان القائمة على حرية الاختيار للمصير فكيف تجرؤ الوزارة على انتهاك هذا المبدأ".
وبحسب النتائج التي توصلت إليها دراسة "تقييم الاحتياجات التدريبية" التي قامت بها وكالة التنمية الدولية الكندية العام 2011 فـ "إن البرامج الفنية نظرية جداً، بشكل لا يلبي احتياجات الصناعة".
وأكدت الدراسة الدور الحساس الذي يلعبه المدرب او المعلم في العملية التعليمية التدريبية، لذلك يجب ان يكون هناك اعتماد وترخيص للمدربين والمعلمين، وعدم السماح لهم بممارسة العمل قبل تعريضهم لدورات تدريبية، تساعدهم على مزاولة التعليم والتدريب، وكذلك الاهتمام بتطوير مسارهم المهني.
من ناحيته، قال معلم في احدى المدارس الصناعية في عمان ان نسبة الطلبة الذين يلتحقون في التعليم المهني ثابتة منذ 10 اعوام حيث بلغت 2 % والباقي يذهبون الى التعليم الأكاديمي.
واضاف هذا المعلم الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ "الغد"، أن "الوزارة تولي التعليم الأكاديمي اولوية كبيرة حيث عملت مؤخرا على تطوير المناهج"، مبينا أن كلفة الطالب المهني اربعة اضعاف الطالب الأكاديمي نتيجة لوجود مشاغل وتجهيزات ومواد مستخدمة.
واشار إلى أن من التحديات التي تواجه التعليم المهني أن المدربين هم "خريجو كليات مجتمع أو مهندسون لم يطوروا انفسهم بعد تخرجهم من كلياتهم إضافة إلى أن مدراء المدارس المهنية لم يعالجوا المشاكل والسلبيات التي يعاني منها المدربون".
وأكد ضرورة عقد اتفاقيات مع الدول المانحة والمؤسسات التعليمية المهنية في الدول المتقدمة، والاستعانة بخبراء من الخارج لتدريب المدربين، لافتا الى اهمية وجود شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والمدارس المهنية.
وبين ان "المناهج في التخصصات المهنية ضعيفة كونه لم يتم الاستعانة بالقطاع الخاص في إعداد المناهج باعتبار ان الصناعة تسبق التعليم"، مشددا على ضرورة ان يكون تدريب الطلبة ميدانيا، أي خارج المدارس مثل قطاع الفندقي.
ودعا الى ايجاد هيئة يطلق عليها هيئة التعليم التقني تجمع وزارتي التريية والتعليم والتعليم العالي والتدريب المهني والتشغيل لتوحيد جهود تلك الجهات.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)