عبد الناصر زياد هياجنه
في ذمة الله أستاذنا الكبير الدكتور غسان هشام الجندي، أستاذ القانون الدولي العام في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية. رحل رحيل الكِبار والغرباء والعالم الذي أمضى حياته يدرسُ ويُدرّس قوانينه يواجه ظروفاً صعبةً تحدُ حتى من تشييع الكِبار الراحلين إلى حيث اليقين بما يليقُ بهم في الحضورِ وفي الرحيل. 
لم أكن من تلاميذه في قاعات الدرس، ولكنني حظيتُ به زميلَ عملٍ فكان نِعم الأخ والزميل، أنيقاً في حضوره وأنيقاً في غيابه، بهيّاً طيّباً ودوداً لا ينطق إلا بخير، ولا يصمت إلا لخير، مهذباً دَمِث الأخلاق عاليّها. مثّل رمزاً للأكاديميّ المجتهد بفكره العميق وقلمه العذب الرشيق وروحه الحلوة، وترك من ورائه علماً ينفعُ من يطلبه. 
جزءٌ معتبرٌ من الأسى على غسان، أنه رحلَ ولم يحظى بما يجبُ لمثلهِ من طقوسٍ ومرثيات، رحلَ في زمنٍ صعبٍ وبخيل. واختاره الله لما عنده، وما عند الله خيرٌ لمثله. نبيلاً عاشَ ونبيلاً رحل. وسيظلُ في ذاكرهِ من عرفوه بسيطاً أنيقاً سهلاً ومثالاً لما يمكن أن يكون عليه الإنسانُ إذا اختار السلام الداخلي لنفسه منهجاً يعيشُ فيه بين الناس. 
ولعلَّ مما يواسي أن غسان حظي في حياته باحترام الناس، وحظي في مماته بدعائهم. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. أسأل الله تعالى أن يتغمد أستاذنا غسان بواسع رحمته وأن يُسكنه فسيحَ جنّاته وأن يجعلَ ما قدّم في ميزان حسناته. وأن يلهمَ أهله وذويه، وتلاميذه ومحبيه جميل الصبرِ وحُسنَ العزاء.