TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
صفحة من تاريخ الوطن ديموقراطية نيسان 1929
30/03/2014 - 1:45pm

طلبة نيوز
كنت بجلسة ضمت مجموعة من الاصحاب والأصدقاء نتجاذب اطراف الحديث حول الوضع الراهن سواءا الداخلي او الخارجي من مشروع كيري لتسوية القضية الفلسطينية الى ازمة أوكرانيا واحداث القرم مرورا بأحداث سوريا ووضع الدول الخليجية في الوضع الراهن حتى كان الحديث عن الوضع الداخلي ومجلس النواب ولان الأردني سياسي بفطرته اخذت السياسة الجانب الأكبر من الجلسة لكننا اختلفنا حول أداء مجلس النواب وبداية تكوين الرقابة التشريعية وكيف ان مجلس النواب يمر بمرحلة من الوفاق مع الحكومة ومرات عديدة تكون العلاقة عكسية شد وجذب وكأن الامر مباراة فقلت للأصدقاء والاصحاب هكذا هي السياسة فقد سبق ان مرت بها المجالس النيابية القديمة عبر مسيرة الديموقراطية الأردنية كيف ؟
وانا اتصفح بعضا من كتب التاريخ لهذا الوطن وخصوصا الذي يتعلق بالجانب السياسي اقرأ ان الملك المؤسس عبد الله الأول هو الذي أرسى دعائم الديموقراطية تعب وناضل وكافح ومعه شعب مؤمن مخلص في وفائه وحدوي في نزعته وقف الى جانبه وشد من ازره واستطاع الشعب والقائد ان يكونا اول مدرسة في ديموقراطية هذا البلد وتبعه الهاشميون الملك طلال (صانع الدستور) وباني نهضة الأردن الحديث (الملك الحسين) عليهم جميعا الرحمة والمغفرة حتى كان عهد الملك المعزز عبد الله الثاني.
تقول المصادر التاريخية انه في شهر نيسان عام 1929 انعقد اول مجلس تشريعي في تاريخ الحياة السياسية الأردنية سأورد بعض التفاصيل وذلك للاستزادة والإفادة
بعد ان قام الفرنسيون بالاستيلاء على دمشق، وانهاء الدولة الفيصلية في 24/تموز 1920 ، وبعد تراجع الدعم البريطاني الفرنسي للشريف حسين ، والوعد الذي قطعته تلك الدول بإقامة دولة العرب الكبرى ، شعر الشريف خصوصا ، والعرب عموما بخيبة امل كبيرة
بعد كل هذه النكسات ، تنادى العرب والاردنيين واحرار الامة ، من اجل نصرة سوريا والملك في دمشق وكتبوا للشريف حسين ان يأتي او ان يرسل احد ابناءه من اجل تنظيم الأمور ، وقيادة الحركات الجهادية في شرق الأردن ، وبالفعل فقد ارسل الشريف حسين نجله الأمير عبد الله ، الذي كان يعتبر بمثابة وزيرا لخارجية الشريف ، وتقدم من الحجاز الى معان والتي وصلها في تشرين الثاني 1920 م وكان برفقته مجموعة من الاشراف والمقاتلين في معان استقبله أبناء الأردن واحرار العرب القادمون من سوريا ولبنان وفلسطين وبدء زعماء الأردن في ذلك الوقت الكتابة للأمير من اجل ان يأتي الى عمان فلبى النداء ووصل عمان في اذار 1921 ، وفي عمان بدأت قصة تأسيس ملامح الدولة الأردنية تظهر أولا باولا.
فكانت بداية تلك الملامح القيام بتأسيس وتأليف قواعد الدولة، الحكومة، الوزارة، وبناء الإدارة المركزية لهذه المنطقة خصوصا إذا ما عرفنا انه وبعد انهيار الحكومة الفيصلية في سوريا كان هناك في منطقة شرق الأردن فراغ سياسي ونتيجة لغياب الامن والشعور بالفراغ بدأت بالظهور حكومات محلية من اجل سد ذلك الفراغ، فظهرت حكومة في السلط، وحكومة في اربد حتى في جرش وعجلون.
لذلك كان من أبرز التحديات التي واجهت الأمير عند التفكير في عملية بناء الدولة الحديثة عدم الانسجام بين مكونات تلك الحكومات وعدم وجود برامج لها.
والتحدي الاخر الذي برز هو قلت وجود النخب السياسية التي تساعده في تثبيت اركان الامن والإدارة والحكم ، فلا غرابة اذا ان يلجا الأمير الى الاستعانة بعدد لا باس به من الأقطار العربية وخصوصا ممن كانت كانت نظرته وحدوية فالأمير كان يفكر بالمنطق العربي الوحدوي وليس التفكير القطري فقد دعا كل المخلصين من أبناء العروبة ان يأتوا ويساهموا في بناء الدولة الفتية ، فالمتتبع لسير الحكومات الأردنية ما بين عام 1921 حتى بداية 1930 يجد ان ثمانية رؤساء للحكومة الأردنية قد تعاقبوا على رئاستها لم يكن فيها واحد من شرق الأردن فرشيد طليع اول رئيس للحكومة الأردنية عام 1921 كان من لبنان ومظهر أرسلان من سوريا وحسن خالد أبو الهدى من لبنان وعلي رضا الركابي من العراق وسوريا وهكذا لكن الامر تغير بحدود عام 1930 ، المهم في الامر ان الأمير بدا بوضع اللبنة الأولى من اجل تأسيس الإدارة الأردنية فكانت الحكومة الأولى او ما كان يطلق عليها الكاتب الإداري الأول او مجلس المشاورين وبدأت تمارس عملها ولها بعض الصلاحيات في منتصف عام 1921 ومن اجل استكمال بناء المؤسسات الدستورية للدولة الفتية ولان الأمير كانت له تجارب برلمانية اثناء وجوده في مجلس المبعوثان العثماني عن منطقة الحجاز عام 1909 ويعرف ان وجود برلمان وممثل للشعب هو ضمانة ديموقراطية فقد راودته فكرة اجراء انتخابات ووجود برلمان بمرحلة متقدمة من عمر الدولة من اجل ذلك اصدر الأمير عبد الله سنة 1923 ارادته بإنشاء مجلس للشورى برئاسة قاضي القضاة ومجموعة من أصحاب الشأن منهم مدير المحاسبة ومدير الاستئناف ومدير المعارف ومدير الواردات الحكومية ومدير التسجيل ومدير الزراعة ومدير البرق والبريد والهاتف وقد حدد الامير وظائف المجلس ثم تبعها بتأليف لجنة أهلية لوضع قانون انتخابات للمجلس النيابي المقترح وكانت تلك اللجنة برئاسة سعيد خير ورفعت توصياتها للأمير الذي وافق على تلك التوصيات وصدر قانون للانتخاب في 31/3/1924 لكن القانون لم ينفذ فقد اصطدم بمجموعة من العراقيل سواء من بريطانيا او من بعض المعارضين الوطنين الذين راوا ان هذا القانون لا يلبي الطموحات .
بعد ان اعترفت بريطانيا باستقلال شرق الأردن وابرمت المعاهدة الأردنية البريطانية والتي شهدت سخطا جماهيريا عاما الا انها كانت نقطة تحول في مسار العلاقات الدولية والاردنية البريطانية وناضل كل المسؤولين وفي مقدمتهم المرحوم الملك المؤسس من اجل ان يكون الاستقلال التام. ومن اجل استكمال المؤسسات الدستورية كان لا بد من وضع قانون أساسي للإمارة ينظم العلاقة بين كل السلطات وشؤون الحكم فكان دستور عام 1928 او ما يسمى بالقانون الأساسي ، وفيه تحدده العلاقة بين كل السلطات وبين الأمير والحكومة وفي بعض مواده هناك فقرة تتعلق بالمجلس التشريعي ومهامه وصلاحياته وعملية اجراء الانتخابات فقد نصت مواد من 25 الى 41 على تأليف مجلس تشريعي صحيح ان هذا الدستور او القانون الأساسي لعام 1928 الغي عندما أعلنت المملكة الأردنية الهاشمية ونودي بالأمير عبد الله ملكا وصدور دستور عام 1947 الا انه في عهد هذا القانون او الدستور جرت اول انتخابات نيابية في الحياة السياسية الاردنية وكان المجلس التشريعي الأول بتاريخ 2/4/1929 لقد وضعت حكومة حسن خالد أبو الهدى في حزيران 1928 قانون انتخاب ، قسمت فيه الامارة الى اربع دوائر : دائرة البلقاء، لها ستة أعضاء بينهم اثنان من الشراكسة وواحد من المسيحين ، دائرة عجلون لها أربعة أعضاء بينهم واحد مسيحي ، دائرة الكرك لها ثلاثة أعضاء بينهم واحد مسيحي، دائرة معان عضو واحد مسلم.
وكان لبدو الجنوب مقعد وبدو الشمال مقعد وقد جرت انتخابات بالرغم من انتقاد واعتراض الوطنيين الأردنيين في مختلف انحاء البلاد، لا بل مقاطعة الكثير وعدم تسجيلهم وطلبهم تعديل بعض بنود الانتخاب وإجراءات القانون وفاز السادة عليهم رحمة الله بمقاعد المجلس النيابي الأردني وهم: لواء عجلون: نجيب الشريدة، عبد الله الكليب، عقلة محمد النصير، نجيب أبو الشعر
لواء البلقاء: سعيد المفتي، علاء الدين طوقان (نظمي عبد الهادي) ، شمس الدين سامي ، سعيد الصليبي ، محمد الانسي ، نجيب الابراهيم
لواء الكرك: عطا الله السحيمات ، رفيفان المجالي ، عودة القسوس
معان : صالح العوران
بدو الجنوب : حمد بن جازي
بدو الشمال: مثقال الفايز
لقد ظهرت المعارضة السياسية منذ يوم افتتاح الدورة وهذا يدل على مدى عشق الأردنيين للتعاطي الديموقراطي، وحسهم الوطني والدفاع عن مصلحة الشعب والأمة.
وإذا استعرضنا مجموعة القوانين التي اقرها ودرسها المجلس نجدها قليلة وهذا كذلك يدل على عدم وجود التناغم بين المجلس والحكومة مما عجل بحله في 9/2/1931 وللدلالة على عملية عدم التوافق والشد العكسي بين الحكومة ومجلس النواب الأول نورد بعضا من الأمور:
أولا : تقول بعض المصادر ان المرحوم مثقال الفايز نائب بدو الشمال والمرحوم رفيفان المجالي نائب الكرك رفضا حلف اليمين القانونية او الدستورية بحجة ان الشعب هو من انتخبهم للعمل على خدمة البلاد
ثانيا: قدم بعض النواب مذكرات سقفها عالي مثلا مطالبة بعضها بتوسيع صلاحيات عمل المجلس التشريعي والمطالبة بالحصانة الطويلة
ثالثا: لقد طالب بعض أعضاء المجلس بحصر الوظائف للأردنيين فقط وسن قانون يمنع إعطاء الوظائف لغير الأردنيين
رابعا: تقدمت الحكومة بإنشاء قوة البادية، لكن المجلس عارض معارضة شديدة انشاء تلك القوة بحجة ان انشاء تلك القوة تضيق على البدوي في الصحراء. ولم يصادق المجلس على ملحق الموازنة الخاص بذلك فحدث الشقاق (كانت قيمة موازنة قوة البادية (6269) بقيادة (كلوب))

خامسا: عرضت على المجلس المعاهدة الأردنية البريطانية فعارضتها اقطاب المعارضة رافضة التصديق عليها وتدخلت الحكومة وعدلت بعض بنودها وتدخلت الحكومة البريطانية كذلك والأمير عبد الله الذي طلب من المجلس ان يأخذ بمبدأ (خذ وطالب) وان المعاهدة ليست شيئا سرمديا ويمكن ان تتبدل الأمور وتتغير وهكذا كان فقد صادق المجلس عليها في جلسة بتاريخ 4/6/1929
و في 9/2/1931 صدرت إرادة الأمير بحل المجلس الأول عندما رأى ان هناك تأزيم في العلاقة وتبعها بعد ذلك المجلس النيابي الثاني عام 1931 وقد اكمل مدته الدستورية وهي ثلاث سنوات والمجلس الثالث 1934 وقد اكمل مدته الدستورية كذلك وهكذا بدأت العملية الديموقراطية تأخذ طريقها في هذا الوطن، تذكرت وقرات كل الذي جرى في شهر 4 من هذا الشهر الذي بدأت فيه ملامح الحياة الديموقراطية لهذا الوطن وعندما راقبت أداء المجلس النيابي الحالي قلت حمى الله الأردن ولكل الذين قدموا للوطن الرحمة والمغفرة

سلطان محمود عارف الشياب
جامعة العلوم والتكنولوجيا

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)