طلبة نيوز-

فى الحروب المتوالية على الشعب الفلسطيني ، كان التبرع لدعم صمود الاهل فى فلسطين في حربهم مع اسرائيل يأتي تلقائياً، كل حسب طاقته، يبدأ من القروش إلى بضعة دنانير، وهذا العمل كان يتم على كل الساحة الاردنية، وبعض الدول العربية، يرافقه شعور طاغ بالتضامن والفخر، وتكرر هذا السلوك فى حملات التبرع لصندوق "حياة" لدعم الطالب الفقير ومريض السرطان، وكانت مساهمات المواطنين فى هذه المبادرات عنواناً لمثالية غير مسبوقة.

وفي عام 2006 قررت لجنة نوبل منح البروفيسور محمد يونس ومؤسسة "غرامين" التي يرأسها, جائزة نوبل للسلام تقديرا لجهوده في منح القرويين فى بنغلادش قروضا من امواله الخاصة عبر بنك (غرامين), اي البنك "القروي" باللغة البنغالية, بدون ضمانات حتى وصل عدد المقترضين من بنك غرامين في الوقت الراهن، والذي درج على تسميته "بنك الفقراء" عددا كبيرا تجاوز مليوني ومائة الف شخص..

مناسبة الحديث عن هذه المبادرات، هو الوضع المالي المتأزم الذى تعاني منه جامعة "الطفيلة التقنية"، والاهتمام غير العادي بالتطورات الاخيرة التى حدثت فى الجامعة الاردنية ، خصوصا ما تعلق منها بالاعتصام الطلابي على خلفية زيادة رسوم الموازى والدراسات الدولية، الامر الذى يضعنا في آفاق الوعي الشعبي المطالب بإلغاء الموازي، والحديث عن "مجانية" التعليم الجامعي ، وانا هنا لا نريد استباق الأحداث أو القفز على الواقع، ولكن ماذا لو نشأت دعوة تماثل ما ينادي به وزير التعليم العالي الاسبق استاذنا الدكتور "وليد المعاني" من ضرورة التفكير بانشاء "صندوق" خاص لدعم الجامعات الرسمية، ولنسميه "صندوق تعليم الاجيال"، ماذا لو تقدم من أصل 9.5 مليون اردني نصف هذا العدد ليتبرع أو ليدفع كل فرد دينارين شهريا لصالح صندوق تعليم الاجيال ، بحيث تكون الحصيلة 10 ملايين دينار فى كل شهر، ماذا لو توسعت الدائرة بحيث يتلقى الصندوق ايضا تبرعات اضافية من الاشخاص الموسرين معفاة من الضريبةليعاد تقديمها للطلبة الفقراء ليكون هذا العمل نظاماً ملزماً لمن لديهم دخل مرتفع من رواتب أو أعمال تجارية..

ماذا لو وضعنا لوائح، ومعايير للطلبة المعوزين والفقراء تعتمد على مستوى دخل عائلاتهم، ألا يمكن تحويل مثل هذا العمل إلى مجال واسع لدعم مجانية التعليم العالي كما يحدث فى السويد وألمانيا والدنمارك والنرويج والبرازيل مثلا؟

هي مجرد أفكار لو تعهدتها الحكومة او مؤسسات غير حكومية ، وقامت على فعل منظم وصادق لا يتعرض للشكوك والطعن ستنجح باذن الله، أعتقد أن الخيّرين من ابناء الاردن كثيرون ولا زالوا يملكون الاستجابة السريعة، وقد نحقق بدلاً من التسابق والتدافع على المقاعد الدراسية عملاَ يضعنا أمام العالم كمجتمع متكافل متضامن لا متفرق، ويحولنا من مجتمع الغيرة والحسد الى مجتمع متعاضد، المواطن فيه لاخية المواطن "كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا".

نقول هذا الكلام ونحن على بعد كيلومترات عن دوله قامت على تبرعات ابنائها من التجار والعلماء، ولا تزال حسابات الدعم والتبرع لاسرائيل قائمة حتى وقتنا الحاضر ، ناهيك عن الامثلة التى ضربها كبار اثرياء امريكا من امثال وارن بافييت، وبل جيت وسيرجى برن وغيرهم من الذين تبرعوا بمئات الملايين لصالح المجتمعات الفقيرة فى العالم ولدعم الابحاث العلمية، ونحن فى الاردن قادرون على جعل الفضيلة في العبادة والعمل، ولو تم مشروع كهذا فإن الحديث عن "مجانية" التعليم الجامعي قد تصبح على مسافة قاب قوسين او ادنى....