TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عبادة الأوثان
26/03/2014 - 2:00pm

ألمركز، حفرة - (جرن) منحوتة بعناية في وسط مساحة صخرية صلبه زَلقَة، وسط غابة وحشائش كثيفة، ينتصب في هذا الجرن جذع شجرة ثقيل وسميك وقطره يساوي أو ينقص مليمترات قليلة عن قطر الجرن ليشكلا معا ذكرا منتصباً في أنثى وتحته وحوله حشائش وقش يابس.
جذع آخر أقل وزنا وضخامة مثبت على الجذع الأول على ارتفاع يكاد يصل إلى مستوى صدر الإنسان بشكل مُتصالب بواسطة دُسر كما في سفينة نوح ، مربوط بإحكام بخيوط من القنب والليف النباتي وخيوط من جلود حيوانات متوحشة بطريقة تشبه تثبيت (قربوس الوثر أو السرج) وليعذرني من لا يفهم معنى القربوس والوثر، ولأبناء "دابوء" ومغاريب عمان أشرح : فالقربوس هو حنو السرج ويعني مَجمَعْ مقدمة السرج الصلبة البارزة للأعلى، أما الوثر فهو عبارة عن خشبتين منفرجتين في الوسط ومجتمعتين بطرفيهما بقربوس خشبي مجتمع بكتلة علوية ومنفرج في الأسفل إلى قائمتين، انفراجا يناسب عنق الحمار، وفي الطرف الآخر بواسطة دُسر وحيد وخيط جلدي أو مرسة، ويُثبت الوثر على ظهر الحمار بواسطة أحلاس تمر من تحت الذيل وحزام حول البطن، ووظيفة الوثر هي عبارة عن شصي مقلوب يوضع فوق الحمار أو البغل ريثما يُحَمَّل عليه حملا ثقيلا كواقي للحمل أولا وثانيا لظهر البهيمة وفي كليهما واقي صدمة.
نعود كي لا نبتعد عن المشهد،... يُمسك بطرفي الصليب مجموعتين من أجلاف الرجال الأشداء مفتولي السواعد حفاة وعراة لا يلبسون إلا وزرة صغيرة من جلد الماعز تخفي العورة فقط.
ليس بعيدا عنهم يجلس رجل كهل مُهيب، في خيشومه خَدَمَة-حلقة، على رأسه أكليل أو تاج مزين بخرز وأحجار كريمة وريش طواويس، إنه زعيم القبيلة والكاهن معا أو ربما هو الملك والرازق بالنسبة لهؤلاء الجهلة، يُرسل السماء عليهم مدرارا ويُسَيّرُ الغيوم، والرعد والبرق مما صنعت يداه، يرزقهم بمكارمه، ويغيثهم حينما يتوجهون له بالدعاء ويُشفي مرضاهم، يساعدهم ويباركهم في أول ليالي زواجهم حين يُزفون إلى عرائسهم ألأبكار فهو الخازق الرازق، يجلس هذا الكهل المُهيب على عرش وكرسي مرتفع يمكنه من الإطلاع على كل صغيرة وكبيرة في الميدان، وحول الميدان دوائر من رجال القبيلة ممسكين رماحهم ريثما يبدأ الملك بدق الطبل بشكل راقص فيبدأ الرقص بشكل شعائري صوفي على أنغام طبل الملك الكاهن، ويبدأ الرجال في الوسط بدفع الصليب من الجهتين بحيث يدور الجذع الثقيل داخل الجرن مصدرا نتيجة الاحتكاك حرارة، فتشتعل الحشائش والأعشاب ومنها القبس وبها يطهون طعامهم وبها يصطلون ويحرقون تعاويذهم وقرابينهم للملك،... ناره التي هو وليس غيره وبركات طبله من خلقها أثناء خدران الجميع في الرقص الجنوني والدوران حول الجرن والملك، الملك الذي ورث هذا الكار والقداسة من أجداده الأوائل.
قبل أن يبدأ الكاهن الشيخ طقوس ذلك اليوم يدلف إليهم رحالة من العالم الآخر ينتعل حذاءا من نوع سلمندر وقميص نوع جرسيه، مفتوح عند صدره قليلا يخفي عيونه بنظارات شمسية ويلبس شرت جينز نوع لوكاست/ التمساح ويعتمر قبعة كاوبوي فيستقبله الشيخ ويجلسه بقربه ويحتفي به ضيفاً عزيزاً.
ينظر هذا المتحضر إلى العملية الشاقة والجهد الكبير الذي يُبذل والوقت المصروف هباءً لإشعال النار، فيتناول بيده ضمة حشائش يابسة ويُخرج سيجار من النوع الذي لفته عذارى هافانا على أفخاذهن ويُخرج من جيبه ولاعة رونسن ويُشعل القش في يده، ومن القش يُشعل سيجاره، فيأمر الكاهن الملك باعتقاله فوراً وحبسه وصلبه وتحت دقات الطبل وخدران شعبه يُحَرقه ويقتله كي يخفي سره ويبقي سطوته وقيمة سحره وعظمة شأنه.
ليس ما أوردت دعاية لولاعات رونسون، فلقد انهزم رونسون الغربي أمام "قرمز ونقي" وأمام إصرار "تونج يونج دو" الصيني وكل شيء بعشرة قروش وحتى المواطن في وطني بأقل من ذلك- "بشلن"!، لكن ثمة إسقاط وثمة تناص في وطني وثمة جرن في طرف الصحراء وثمة قبيلة في بادية الشام عاكفة على عبادة الأوثان وثمة سامري يصنع عجلا جسدا له خوار من تَنَك القوم وعذاباتهم ولله في خلقه شؤون!.
د.م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)