TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عُقم لدى إدارات البحث العلمي
17/04/2014 - 3:15am

طلبة نيوز-أ.د. مصطفى محيلان
البحث العلمي الحقيقي الرصين «غير الشكلي» أو المقتصر تنفيذه على أغراض وظيفية، هو الدراسة المتخصصة المتعمقة الأصيلة المتفق على أسس إجرائها عالمياً، المستندة إلى قواعد علمية بشقيها النظري والعملي، تعتمد أصلاً على جمع البيانات والملاحظات الموجودة فعلاً أو المستخرجة حثاً أو المفترضة عَلَناً، بهدف الوصول إلى حلول لمعضلات محددة، أو اكتشاف حقائق أو ظواهر جديدة وم ثم تحليلها ومناقشتها، فتُثبِت أو تَنفي ما هو موجود أصلاً، ومن خلالها يتم التوصل إلى بعض القوانين أو النظريات أو الحقائق، والتنبؤ بحدوثها في حالة تشابه الظروف، والتحكم في أسبابها بحيث يتم تأويلها وتفسيرها وإثباتها بالإستناد إلى حقائق علمية سابقة أو إثباتها منطقياً.
حيث أن العلم وبالتحديد البحث العلمي هو باب من أبواب الحكمة، فمن الحكمة مراجعة واقعه باستمرار، فبالمراجعة مواجهة مع الذات، ووقوف على نوعية وكَم الإنجازات والإخفاقات وكفاءة وتميز الباحثين، وإنني أرى شخصياً بأن هذا هو حق مشروع لأي مؤسسة تحترم إسمها وسمعتها وتسعى بحق نحو التميّز وخدمة الوطن والعِلم، فمن خلال المراجعة الذاتية تكشف العيوب التراكمية والإختلالات فيُشرَع في تصويبها، وهي بحد ذاتها وقفة شجاعة وصادقة تُشكر الجامعة التي تفعل ذلك وكذلك العقول التي تدعم فِعلها.
إذاً نحن أمام تحديات الهدف منها تصويب أداء البحث العلمي، تبدأ به من جذوره وتنطلق به إلى الأعلى وهي كما أراها يمكن أن تأخذ المسارات التالي:
الإعتراف: هل البحث العلمي لدينا في الوطن الحبيب «ولا أُعَمِم» هو شكلي، ركيك، سطحي، ليس مُنفَذ في المؤسسة الخاصة بالباحث وإنما في مكان آخر، أو جهد لآخرين مثلاً؟
أساسه: تطبيقي عملي ولكنه يتعامل معه كنظري، ومن هذا كثير!، مما يُعتبر ضعف لدى الباحث وعدم تَمكُن من قِبله!
تَشارُكي: ضمن مجموعة دون مساهمة حقيقية للبعض فيه، وأنما فقط لإضافة إسم هذا المُتسلق الطُفَيليّ أو ذاك؟
التمكين: فهل الظروف مهيئة لإجراء البحث ودعم الباحثين؟ وهل الدعم كاف وحقيقي لهم؟
فكيف نطلُب بحثاً رصينا أصيلاً ونحن كمؤسسات علمية لا ندعم البحث بما يستحقه، ولا نمكن الباحث حتى من المشاركة في مؤتمر علمي ولو كان محلي، وإن جاءت الموافقة من إدارة بعض الجامعات كثيراً ما تكون متأخرة وبعد انقضاء المؤتمر، فتكون موافقة «من غير نفس» تُنبئ عن عدم تقديرها ولا حتى دعمها أصلا للبحث العلمي أو وسائل دعمه! وكما قيل «لا يُرتَق الخَرق بالخَرقِ»! علماً بأن الكثير من أموال الجامعات تصرف في زيارات ونشاطات ليس لها بالبحث العلمي أي صِلة! فكيف تطلب مخرجات من دون وجود مدخلات.
المتابعة: بعد دعم الباحث بحق، فإن ما يصون السمعة الطيبة، والإعتراف بالأصالة، والجدية، والمصداقية للباحث وبحثه ومؤسسته هو أن تتم متابعة الباحثين بشكل جدي من قبل مؤسساتهم، بحيث لا يُقبل بحث علمي دون مواكبة أداء الباحث، مثال ذلك ما تطلبه العديد من المجلات «الجادة المحترمة»، من توثيق خَطّي «شهادة» مسؤولين أكاديمين وإداريين في مؤسسة الباحث، تؤكد فيه صدق وجدية وحقيقة شروع الباحث بالبحث فعلاً، وأنهم على علم من قَبلُ، وأثناء، ومن بعدُ، بحقيقة وجود بحث علمي يخُص ذلك الباحث بحق في تلك المؤسسة، وهذا لا يعني الإطلاع على مجريات البحث وأسراره فلا يقبل الباحثون ذلك أصلاُ وهذا من حقهم، ولكن العلم والتأكد والتحقق من وجود البحث هو المطلوب، وعليه فلا تُقبل أبحاث لدى مؤسسات بحثية من دون التحقق فعلاً من أنها منجزة على مرآى ومسمع «شهادة» شهود أكاديميون وإداريون «عدول».
العدالة: فمن الضروري توحيد أسس تقييم الأبحاث وقبولها محلياً، وكيفية إحتساب الأبحاث في المؤسسات التي تعتمد البحث العلمي أساس للترقية، وعدم التفاوت فيما بينها وتكون أسس منطقية، تحفظ حق المؤسسة والباحث معاً.
والأهم من ذلك كله أن صندوق دعم البحث العلمي «وزارة التعليم العالي والبحث العلمي» قد طالب كل الجامعات التي لم تنفق مخصصات البحث العلمي المرصودة ليها للعام المنصرم بإعادة تلك المبالغ للصندوق، والغريب أن العديد من الجامعات ستقوم بإعادة أموال، مما يؤكد أن سياسة المنع والتقتير التي انتهجتها العديد من إداراة تلك الجامعات كانت عقيمة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)