TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
غزَّة فوق الخلاف
11/08/2014 - 2:30am

طلبة نيوز- د.رحيل محمد غرايبة

الشعب الأردني كله، وكل الشعوب العربية والإسلامية على امتداد العالم العربي والإسلامي مع غزة ومع شعبها المحاصر، شكلاً ومضموناً، ولا خلاف بين القوى السياسية الأردنية والعربية والاسلامية بعمومها حول نصرة أهل غزة، والوقوف صفاً واحداً ضد العدوان الصهيوني الهمجي، وكلهم مع ضرورة فتح المعابر وفك الحصار الظالم الذي يتناقض مع أدنى متطلبات العيش الإنساني.
هذه حقيقة ينبغي أن تشكل قاعدة أساسية متينة لبناء موقف سياسي موّحد، وينبغي عدم تبني أي خطاب تفريقي بهذا الخصوص، حيث أننا ذقنا مرارة الفرقة نتيجة الاختلاف حول الموقف السياسي من القضايا العربية الأخرى مثل القضية السورية والقضية المصرية وغيرها من القضايا العربية، التي قسمت الشارع السياسي، وعطلت مسيرة الاصلاح الداخلي بشكل واضح وجلي، ما يحتم على السياسيين عموماً وجميع الأحزاب والقوى السياسية الأردنية، أن تنتقي خطابها السياسي بدقة وعناية، مع ضرورة الابتعاد عن كل مناحي النزاع والفرقة التي لا حاجة لها ولا مكان، مع التأكيد على أن هذا الموقف من هذه القضية تحديداً لا ينفي الاختلاف في قضايا ومسائل أخرى كثيرة على المستويين الداخلي والخارجي.
من علامات القوة وأوراقها، السعي نحو التمسك بعوامل الوحدة وتقليل عوامل الفرقة، والأصل أن يتم حشد الأمة بكل شعوبها ومكوناتها، وأطيافها وأحزابها في مواجهة العدو الصهيوني، الذي يسعى جاهداً إلى تفريق الصف العربي والإسلامي، ويعمل بشكل استراتيجي على إثارة نوازع الفرقة وبذور الشقاق بين الشعوب العربية والإسلامية، وفي داخل الشعب العربي الواحد في كل الأقطار العربية والإسلامية، وينفق بالأموال الطائلة على إثارة النزعات الطائفية والمذهبية والعرقية والدينية بشكل منهجي مدروس، بالتعاون مع القوى الاستعمارية الكبرى عبر عشرات السنوات التي خلت، وللأسف هناك قبول واستجابة لدى قطاعات وشرائح وقوى تنقصها الرؤية الصحيحة والروح الوطنية السليمة.
 إن الذي يعمل على تفريق صف الأمة، ويسعى إلى اضعاف وحدتها تحت أي خطاب أو لافتة، إنما يخدم استراتيجية الكيان الصهيوني التفريقية، ويخدم خطة أعداء الأمة بوعي أو دون وعي، من خلال الأنانية الحزبية، والنفس الانعزالي البائس المرفوض ديناً وعقلاً وسياسة.
في هذا الوقت العصيب وفي هذه المرحلة الحرجة من عمر الأمة تشتد الحاجة إلى البحث عن الخطاب التوحيدي، والبحث عن الجوامع وتعظيمها، وتبني منهج التوافق بين مكونات الأمة وقواها، وعدم الانسياق خلف الخطاب التحريضي الذي يهيج الغرائز، ويبعث كوامن التعصب المرفوض بكل أشكاله وبكل ألوانه واتجاهاته، وهذا يقتضي البحث عن القيادات التي تملك الخطاب المتسامح وتملك الرؤية الثاقبة والروح الوطنية العميقة التي تتعالى عن المصالح الحزبية الضيقة، وتتخلص من الأجندات الشخصية الصغيرة وتبتعد عن كل ألوان التعصب الممقوت.
الدماء الفوارة من جرح غزة تقتضي منا جميعاً وقفة وطنية صادقة، تستقطب كل جهد خيّر، وكل ذرة عطاء، مما ينبغي منا جميعاً أن نحي كل الذين هبوا لتقديم ما يستطيعون بذله على سبيل الموقف والكلمة، وعلى صعيد الفعل والعمل والخدمة، وعلى صعيد سياسي وإعلامي، وفي هذا المجال يجب ألا يتم نسيان موقف الجيش الأردني والمستشفى الميداني في غزة، وكل الجهود الأردنية على جميع المستويات الشعبية والرسميّة، بكل أشكالها ومساراتها، مع ضرورة تقديم الرأي والنصح والمشورة، بكل صدق وجرأة والتزام العدل والإنصاف، وعدم غمط الحق مهما كان صاحبه وأياً كان مصدره، ومن استطاع أن يزيد على ذلك فليزد، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)