TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لا وصاية على الفكر ولا مجاملة في الحق والقسوة على الفاسدين واجب وطني
19/11/2014 - 12:00pm

طلبه نيوز

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

اعتدنا منذ عدة سنوات وتحديدا منذ بزوغ فجر الربيع العربي وما صاحبه من تمرد الشعوب وثوراتها على ذلها وخنوعها واستعبادها اعتدنا أن نكتب عن هموم الوطن وأحواله التي لم تعد ترضي الكثيرين من أبناءه ، فتناولنا في سياق ذلك أولي الأمر ومؤسسات ووزارات ورؤساء حكومات ومسئولين وانتقدنا أدائهم وسلوكهم بأساليب علمية وموضوعية تبتعد عن الأمور الشخصية والتجريح . كان ديدننا في ذلك الحجة والدليل مستندين إلى قاعدة معروفة لدى السياسيين والقانونيين مفادها أن من يتولى أمور الناس ويشغل مواقع عامة فعليه أن يتحمل النقد حتى وإن لم يعجبه فهو في نهاية المطاف يعمل أجيرا عند الشعب ويدفع الأردنيين رواتبه وامتيازاته سواء كان ملكا أو أميرا أو رئيس وزراء حالي أو سابق أو ما زاد عن ذلك أو نقص. الخلفاء الراشدين على سبيل المثال انتقدوا أداء بعضهم البعض ، ومعاوية بن أبي سفيان انتقد أداء علي بن أي طالب، والشيعة لا يعجبهم عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق في حين أن أهل السنة والجماعة يعتبرون الفاروق عمر وأبو بكر الصديق أمثلة على العدل والإنصاف الذي يمتاز بهما الإسلام. بمعنى آخر أن الشأن العام فيه وجهات نظر مختلفة ويخضع لتقديرات ورؤى متباينة من قبل المواطنين وهذا شيء حميد وأصبحت معظم الديمقراطيات المعاصرة تتفهم النقد لا بل تشجعه وتحترم رأي المعارضة واهتماماتها في كشف أوجه الخلل والضعف في أداء الحكومات لدرجة أن ملكة بريطانيا على سبيل المثال لا الحصر عندما تتحدث عن حكومتها تقول حكومة الملكة ومعارضة الملكة على اعتبار أن الحكومة والمعارضة جناحين متوازيين للنظام الديمقراطي.
هذه المقدمة سقناها لنرد على رسالتين بعث لنا بهما أحد كبار المسئولين الأردنيين السابقين الذي كنا نحسبه متمردا على ممارسات تنال من هيبة السلطة التنفيذية ، وتهدر ولايتها العامة ، وتدخل الدوائر الأمنية والمخابرات في إدارة البلاد طولا وعرضا فترفع شأن موال هنا أو مخبر هناك ،وتلفق تهم مزورة لمعارض أو كاتب أو رافع شعار يطالب بالحرية والإصلاح السياسي . رسالتي هذا المسئول تتضمن عدم ارتياحه لقيامنا بنقد أولي الأمر وتناول الملك وقراراته ونهجه في الحكم بالنقد والتفنيد ، كما يعبر هذا المسئول الذي على ما يبدوا أنه لديه وقت فراغ كبير ليحدد لنا ما ينبغي أن نقوله أو ما لا ينبغي أن نقوله ، والطريقة التي نعبر بها ناصحا إيانا بعدم القسوة في النقد .هذا الناصح الأمين لا يدرك أن قول الحق قاسي على الظالم، وأن الإسلام دين حق وأن قول الحق في حضرة الظلم والظالمين جزاءه الجنة.لا نعلم ما قصد هذا المسئول بالقسوة وهل يريد منا أن نقاوم الاستبداد ونهب المال العام والفساد والظلم بمزيد التزلف والممالئة للمسئولين وأولي الأمر متوسلين لهم أن يتوقفوا عن الظلم وجر البلاد لأتون صراعات وربما حروب ليس لنا مصلحة بها ؟هل يريدنا هذا المسئول أن لا ننتقد تحالف الأردن مع إسرائيل وعدد من الدول العربية ضد حماس والإخوان المسلمين ؟أم يريدنا أن لا نتعرض لأسماء شخوص هدروا ثروة الشعب ومقدراته وصدرت بحقهم قرارات قضائية وهم يسرحون ويمرحون في عمان ونشاهدهم بأم أعيننا بكرة وعشيا؟
يقترح علينا هذا المسئول الكبير المتقاعد بأن نخفف من القسوة في النقد ويحبذ لو أننا نستخدم أسلوب الكتابة السياسية الساخرة ( ٍSatire ) على طريقة زملائنا من بعض الكتاب وأخبرناه أن هذا اللون من الكتابة ليس خطنا مع احترامنا له ومعرفتنا بتأثيره وإدراكنا أنه أصبح يدرس كعلم في بعض الجامعات الغربية.وهذا النمط من الكتابة الساخرة قد يأخذ أشكالا متعددة ابتداء من الرسوم المتحركة إلى الأشكال والتمثيل المسرحي الإيحائي والنكات الفكاهية على غرار ما تقوم به بعض البرامج المسلية المشهورة في محطات التلفزة الأمريكية .
هل تعتقدون أيها القراء الكرام أن رسالة هذا المسئول لنا هي مجرد مهمة كلف بها من قبل الأجهزة والجهات التي نستهدفها بكتاباتنا؟ أم أن هذه رسالة تهديد وإشعار مفادها "كفى"؟ أم أنها ممارسة للتنظير على الطريقة الرفاعية والتي عادة ما تستهوي المسئولين السابقين عندما يغادرون مواقعهم ظانين أن السلطة والجاه الذي يتمتعون به يخلق منهم مفكرين وفلاسفة؟ أم أن مضمون رسالته هو في واقع الأمر دفاعا عن مصالحه ومصالح أبناءه وأحفاده الحالية والمستقبلية؟ أم أن الرجل أحب من باب النصح والمناصحة أن يسدي لنا خدمة حفاظا علينا وعلى سلامتنا؟ أي كانت الإجابة على هذه التساؤلات المشروعة فإننا نقول للمسئول المبجل بأننا هرمنا وأننا لم نعد نحتمل تهديدا أو تنظيرا أو خطابة أو وعظا أو توجيها ممن أتخمتهم السلطة والمناصب ليأتوا الآن ويعلمونا الزهد والوطنية وعدم القسوة في النقد.نعم أيها المسئول المبجل سننقدهم وسنقعد لهم كل مقعد وسنقسو عليهم وسنهاجم أوكارهم وأوكار من يحميهم وليعلم صديقنا الأفخم أن ما نقوله وما تخطه أيدينا ينتظره ألآف وربما عشرات الألاف من الأردنيين المسحوقين الذين هدرت أموالهم، ونهبت ضرائبهم ، وأهينت كراماتهم بالانتظار لساعات وساعات في طوابير لاستلام قيم الدعم التافهة . نعم يا أخي لقد هرمنا وسئمنا الضحك على الذقون والاستهتار بذكاء الناس ولتعلم يا أخي وليعلم معك الأردنيون القابضون على جمر عذاباتهم بأن المؤمن أمره كله خير وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم عندما قال" أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف " .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)