طلبة نيوز

الدكتور نضال يونس

المتفوقون من طلابنا أين هم؟ وما هي مساهماتهم فى بناء الامة؟

بعد صددور نتائج القبول فى الجامعات الاردنية، نتسائل عن مصير الطلبة المتفوقين واصحاب المعدلات المرتفعة، عن الجامعة والتخصص الذى حصلوا فيه على القبول، عن اوضاعهم المادية عن الفرص التى وفرها لهم المجتمع لتعظيم الاستفادة من قدراتهم العقلية ومواهبهم المتعددة، بعض المتفوقين يضطر لقبول تخصصات ليس مقتنعا بها بسب ارتفاع كلفة الساعة الدراسة فى التخصصات التى يرغبها، وآخرون يذهبون الى خارج البلد للحصول على التخصص المطلوب بسبب عدم قدرتهم على تغطية تكاليف الدراسة فى بلدهم الام ، وفئة اخرى تجد من يدعمها بالبعثات الدراسية من خارج البلد، والحقيقة اننا جميعا نخسر حينما تفقد واحد من ابنائنا المتفوقين فما بالك بالعشرات والمئات من المتفوقين الذين نسمع عنهم وقت الاعلان عن نتائج الثانوية العامة ولا نعرف اين ينتهى بهم المطاف؟

سر هذا الهروب الكبير والاستنزاف الحاد لمواردنا البشرية نجده وبدون مواربة يرتبط بفقدان الدعم الكافي للطلبة المتفوقين والموهوبين من ابنائنا وبناتنا، سواء الدعم المالي كالابتعاث او المعنوى كالتقدير والاحترام، وان تحصلوا على مثل هذا الدعم فغالبا ما يتم اقصائهم عن المشهد العلمي والكاديمي والسياسي، لأن مجتمعنا ذاته لم يتهيأ لتقديم الاكفأ والافضل بسبب الواسطة والمحسوبية التى باتت تنخر فى كافة مؤسساتنا التعليمية والخدمية والسياسية!!
والسؤال المطروح لماذا نعجز عن تشجيع المتفوقين والمبتكرين والموهوبين وتهيئة الظروف المناسبة لهم كما يحدث فى الدول المتطورة التي استطاعت أن تتسابق على الطالب المتفوق والمبدع والمبتكر الذي يشكل الرقم الأكبر في كل انواع التقدم والتطور؟ و ما الذى يعيقنا عن أن نخطو ولو خطوة واحدة نحو العالم الأول كما فعلت سنغافورة او ماليزيا أو تركياعلى سبيل المثال؟ 

الحديث عن هجرة الطلبةالمتفوقين والموهوبين الى الخارج كتب عنها ودارت أحاديث وندوات، وقيل إننا نتميز بوفرة الموارد البشرية التى تمثل "اغلى ما نملك" ، وهذا على الاعلام صحيح، لكن الترجمة تبقى ثابتة ما لم يحركها التطبيق العملي لهذه الشعارات الرنانه، وتهيئة الطالب المتفوق ليكون نواة "للعالم" المؤهل للاستفادة من طاقاته وتعظيم قدراته للمساهمة الفاعلة فى تطور البلد وتقدمه.
نتحدث كثيراً عن البحث العلمي والتطوير والاختراع، وعن خطط التحول للعالمية والبحثية، لكن هل كل ذلك مغر للطالب المتفوق وهو يقارن تعامل المجتمع والمؤسسات الجامعية والبحثية مع المبدعين والمخترعين بما يحدث خارج الاردن فى الدول الغربية والشرقية، ثم كيف يمكننا ان نتحدث عن الانجاز العلمي والعمل البحثي الخلاق فى جامعات لا تحترم الكفاءة ولا تقدر الموهبة، جامعات تقدر الفوارق بين الناس لا على اساس ما ينتج و ما يقدم للمجتمع والعالم، ولكن على اساس الحسب والنسب والدعم النيابي، وهي قضايا يعاني منها كل من يفكر فى احداث انجاز حقيقي أو اجراء بحث اصيل، ودعك من القضاء على الدافعية الذاتية والتحفيز التلقائي حينما يتم استبعاد المتفوقين والاذكياء عن صناعة القرار الاكاديمي أو الاداري!!...
بدون تحفظ، هل جامعاتنا بكلياتها المختلفة وتخصصاتها الكثيرة ، وتنوع طلبتها ومعاهدها توفر للطالب المتفوق والباحث الاصيل بيئة غير طاردة؟ هل يجد الطالب المتفوق والعالم المتميز نفسه فى جامعاتنا التى تحتضنه وتقدره وتقدم له كل الامكانات والتسهيلات؟ الحقيقة انه لا مكان للمتفوقين والموهوبين فى جامعاتنا، وعلماؤنا سرعان مايهاجرون عندما تلوح لهم فرصة سانحة، والنتيجة أننا أمام هدر بشري كبير، وموارد بشرية لم نستطع استيعابها بالشكل الصحيح، ولا ندري من يوضع في دائرة المساءلة واللوم، ولا كيف نكسر بعض التقاليد والاعراف التى اوصلتنا الى هذا الحد، ونقيّم وضعنا بروح اليوم لا الأمس؟! 

صورة 1