TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ماذا نتعلم من العاصفة الثلجية
15/01/2015 - 7:00am

طلبة نيوز

إنها لمن المرّات القليلة التي تجُمع فيها أطياف المجتمع كافة على تميّز الأداء في إدارة العاصفة الثلجية التي اجتاحت البلاد الأسبوع الماضي. عناصر النجاح تمثلت في مجموعة من العوامل، كان من أهمها وجود خطة محكمة لإدارة الأزمة، ساهمت فيها جميع الجهات المعنية وحسب الاختصاص. أي أن الأدوار كانت مُحددة مسبقاً، ما ساهم في تركّز عمل كل جهة على المطلوب منها.
ثانياً، كان من الواضح أنه قد تمّ رصد الموارد والمعدات المطلوبة للتعامل مع الاحتياجات التي تتطلبها الظروف. وثالثاً، وقد يكون من أهم الأسباب، تنسيق العمليات بين الجهات كافة، والذي كان الفرصة الحقيقية لاستثمار قدرات وإمكانات المركز الوطني لإدارة الأزمات، والذي نجح بامتياز. ولا نستطيع أن نغفل الروح التعاونية التي أبداها القطاع الخاص، بتحمل جزء من المسؤولية، إضافة إلى الروح التعاونية والتطوعية التي أبداها المواطنون، وبخاصة الشباب منهم الذين لم يتوانوا عن مدّ يد العون لمن يحتاج، والدور المميز دوماً لجميع الأجهزة الأمنية والجيش، والذي تعودنا عليه دوماً في صورة لا أبهى ولا أجمل، ومجتمع متضامن متكافل يعكس روح الأردن الحقيقية.
لكن بعيداً عن إدارة الأزمة، فلا بد من التفكير في بعض القضايا المهمة المرتبطة بطريقة تنظيم المجتمع التي تسمح بتعطله لهذه الفترة الطويلة، وتؤدي إلى الشعور بالأزمة، وتدفع الناس إلى شراء المواد التموينية بشكل استثنائي. وليس لدي كل الأجوبة، إلا أن هناك بعدين يجب ذكرهما. 
أولاً، كشفت أزمة العاصفة ومثيلاتها أن نمط المواصلات الذي نستخدمه هو جزء أساس من هذه الأزمة، والتي تؤدي إلى توقف المجتمع عن الإنتاج والعمل لمدة طويلة. فالاعتماد على المواصلات الفردية إشكالية كبرى، تؤثر في قدرة الناس على التنقل؛ سواء للعمل أو التسوق. فلو كان هناك نظام مواصلات عامة متقدم وممتد، لما استطاعت العاصفة الثلجية أن تنال منا بهذه الطريقة، وجعلتنا حبيسي البيوت طوال هذه الفترة. إن الاكتظاظ السكاني الكبير، والاعتماد على المواصلات الفردية، هما ضعف في التخطيط الاستراتيجي الذي يجب أن يتم العمل على تلافيه في المستقبل.
البعد الثاني مرتبط بالتخطيط العمراني، أو غيابه أو ضعفه. ففي أغلب دول العالم، فإن المستلزمات الضرورية للناس كلها موجودة في المجتمع المحلي الذي يعيش فيه الناس، سواء كان ذلك على شكل حي أو تجمع أكبر، ويستطيع الناس الوصول إليها مشياً على الأقدام. أليس ضعفاً في التخطيط أن يكون هناك مخبز واحد لمئات الآلاف من السكان؟ إن الأزمة والتزاحم اللذين شهدناهما على المخابز والمحال التموينية أمران استثنائيان. فلا بد من استعادة فكرة المجتمع المحلي الذي يشمل جميع المتطلبات الاستهلاكية في ظرف كهذا.
لقد كانت إدارة أزمة العاصفة الثلجية ناجحة بامتياز. لكن، لماذا يجب أن تشكل أي عاصفة ثلجية أو ثلجة أزمة؟ يجب أن نعيد النظر في طريقة تخطيط المدن وتنظيم المواصلات وحركة المواطنين. لكن قد يكون الأهم من كل ذلك، الاستفادة من إدارة هذه الأزمة للعاصفة الثلجية لتكون بديلاً من الإدارة الروتينية للمشاكل والقضايا التي يعاني منها البلد. هل يمكن، على سبيل المثال، أن نستفيد من دروس إدارة الأزمة في معالجة مشكلتي الفقر أو البطالة أو تنمية المحافظات؟ سوف يبقى هذا السؤال رهن الإجابة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)