TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ما بعد "التوجيهي"
05/08/2014 - 2:45am

طلبة نيوز- د.باسم الطويسي

نجحت وزارة التربية والتعليم في استعادة هيبة امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، بعد إجراءات غير مسبوقة على مدى دورتين. وحصاد هذه الجهود يبدو في النتائج التي أُعلنت أول من أمس، وتعكس واقع النظام التعليمي وما وصل إليه.
فبالمقارنة مع الأعوام القليلة الماضية، تبدو هذه النتائج أكثر واقعية، كما تكشف، من جهة أخرى، حجم الفساد والإفساد في النظام التعليمي خلال السنوات الماضية، واللذين نالا من شرف أهم مؤسسة وطنية معنية بمستقبل البلاد وبصناعة الأجيال. وهو الأمر الذي لا يتوقف عند مقارنة نسب الناجحين وأعداد الذين حصلوا على معدلات تتجاوز التسعين بالمائة، بل ينال مجمل العملية التعليمية.
الإجراءات التي يقودها وزير التربية والتعليم، د. محمد الذنيبات، تضع البلاد على أبواب ثورة حقيقية في التعليم العام لم تحدث منذ عقود؛ لا تتوقف فقط على الإجراءات التي نالت "التوجيهي"، بل تتجاوزها إلى سلسلة من المفاصل الرئيسة في النظام التعليمي. ولكن، هل تكفي هذه الإجراءات؟ وماذا بعد "التوجيهي"؟ إذ ثمة وجهة نظر، على درجة كبيرة من الوجاهة، تفسر الجانب الأكبر مما لحق المجتمع من اختلالات خلال العقد الأخير، بما فيها الاختلالات الاقتصادية، بما أصاب النظام التعليمي، وما شهده من تراجع وأزمات، ما يطرح بقوة سؤال "ماذا بعد التوجيهي؟".
سلسلة أزمات متوالية يشهدها التعليم في الأردن منذ سنوات، شملت الجامعات والتعليم العام؛ ليست أولاها ولن تكون الأخيرة ضمنها أزمة "التوجيهي". وتعبر هذه الأزمات، بالدرجة الأولى، عن صراع غير مباشر على مستقبل التعليم، ينال شكل ومضمون ومسار التعليم الذي يعد أغلى وأثمن أشكال رأس المال الوطني.
هذا الصراع ضرب في العمق مكانة المؤسسة التعليمية الأردنية، ونال من دورها ووظيفتها، عبر اختلاط وإرباك القيم التنظيمية وقيم الإصلاح، وعدم وضوحها. وبالتالي، دخلت المؤسسة التعليمية، ومن حولها المجتمع، في دوامة وحلقة مفرغة؛ ماذا نريد من التعليم، والى أين يسير؟
هناك ثلاثة أسئلة محورية فيما بعد "التوجيهي": الأول، كيف يمكن للوزارة استدامة التحولات التي نالت امتحان "التوجيهي"، وكيف يمكن استكمالها لتشمل نظم الامتحانات كافة، وجودة التعليم، وتأهيل وتدريب المعلمين، وإصلاح المناهج، وتحسين البيئة المدرسية ومسارات التعليم الثانوي، وغيرها من ملفات إصلاحية؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك بعيدا عن صراع الأجندات، وعدم الرضوخ للضغوط الاجتماعية والسياسية؛ وهي ضغوط مصدرها الصراع على مستقبل التعليم في الأردن وهويته، أولا وأخيرا. السؤال الثاني: هل تملك الوزارة الإرادة والقدرة على إجراء إصلاح داخلي؛ قد يكون مؤلما أحيانا، يحتاج إلى جرأة وثبات، وينال بالتحديد بناء صف أول وثان من التكنوقراط التعليمي بالتميز بالخبرات والكفاءات. والسؤال الثالث: هل توجد رؤية إصلاحية جادة في نظم التعليم الأخرى التي يشتبك معها التعليم العام، وأهمها التعليم العالي والجامعات التي تتلقى مخرجات مؤسسات التعليم العام باعتبارها مدخلات لها؟ إذ ما تزال سياسة التهدئة والمداراة هي السمة الغالبة على أوضاع الجامعات، رغم المياه الكثيرة التي تسربت من تحتها خلال الأعوام القليلة الماضية.
الخطوات التي أقدمت عليها وزارة التربية والتعليم على درجة كبيرة من الأهمية. ولكنها لا تشكل سوى رأس جبل الجليد في إصلاح التعليم الذي يستحق أن يحتل الأولوية الأولى في أجندات الإصلاح.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)