TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
محنة «الإخوان » تعنينا أيضاً..!!
07/03/2015 - 3:15am

طلبة نيوز- حسين الرواشدة

أن تصل عدوى الانقسام الى جماعة الإخوان المسلمين ، فهذا يعني -ببساطة - ان مجتمعنا لم يعد محصنا بما يكفي لمواجهة امتداد العدوى ذاتها اليه.
الأخطر من ذلك أننا -في لحظة ما- اعتقدنا أن بلدنا “ استثناء” ، وأن ما وقع حولنا من كوارث ومصائب لا علاقة لنا بها ، ثم فجأة نكتشف أننا جزء من هذه المنطقة وأن ما أصابها يمكن ان يصيبنا ، ونكاد نستسلم لهذه الحقيقة المفزعة او –ربما – ندفع باتجاهها ،هذه اسوأ نتيجة يمكن ان نستخلصها مما جرى على صعيد “التسونامي” الذي دكّ معاقل الجماعة الاسلامية في بلادنا.
بوضوح اكثر، إذا كان الإخوان المسلمون كتنظيم له تاريخ يمتد الى 70 عاما ، وكتيار حظي في الغالب بإعجابنا لمواقفه الوطنية ، وقدرته على تسوية خلافاته وتجاوز أي عبث استهدف وحدته ، وبما يستند اليه من اخلاقيات تمنع المنتسبين اليه من (الجهر بالسوء)، والانتصار لشهوة الانتقام ، ومن “بيعة” ايضا تلزمهم بالطاعة لمن يتولى امر قيادتهم التنظيمية، لم يتمكن من مواجهة عاصفة تصويب او تمرد قام بها اشخاص لا يتجاوز عددهم الـ(50) ، فهل بوسعنا ان نطمئن الى ان أحزابا اخرى وحركات وكتلا اجتماعية داخل مجتمعنا يمكن أن تصمد امام اي عبث او تدخل او ازمة عابرة ستواجهها، خاصة اذا لم نساعدها وسمحنا لأنفسنا ان نغمض عيوننا عنها ، أو أن نتركها تقلع شوكهها بيديها، هذا اذا لم تسوّل لنا اهواؤنا بدفع “كرة النار” داخلها لكي تشتعل ازماتها اكثر..؟
إذا دققت فيما قلته، وتوافقت معي عليه، فإن ما حدث داخل جماعة الاخوان المسلمين لا يعنيهم فقط وانما يعنينا ايضا  سواء اختلفنا او تعاطفنا معهم ، وهم ليسوا وحدهم المتضررين منه وانما نحن ايضا كدولة وكمجتمع، ففشلهم جزء من فشلنا كما ان نجاحهم يفترض ان يعكس نجاحنا ، واخشى ما اخشاه هنا ان تتكرر بروفة انقسام الاخوان وسط مجتمعنا بشكل او بآخر، أو أن يجد الحريق الذي اصابهم قابلية للتمدد والانتشار ، وعندها لن يكون الإخوان هم الضحية فقط وانما سيدفع مجتمعنا ضريبة الصمت أو الشماتة أو التواطؤ(سمها ما شئت) اضعافا مضاعفة.
إذا سألتني: أين وجه الخطأ والخطر ايضا؟ ، سأجيبك في نقطتين اثنتين : الاولى اننا  بما حصل للاخوان خسرنا ميزة “الاستثناء” التي كانت تمثل بالنسبة لبلدنا انموذجا في منطقة سقطت فيها النماذج، وتعرضت لما تعرضت اليه من انقسامات وحروب وولادة تيارات ارهابية وموجة من العنف والتطرف لا سابق لها في تاريخنا، وبما اننا نجونا من كل هذا وتجاوزنا كوارثه كان من المفترض( بل الواجب) ان نحافظ على هذا الاستثناء، وان نحميه ونشجع كل من ساهم فيه، ثم نواجه كل من يستهدفه ، لكن البعض -للاسف- يريد ان نستسلم للعدوى التي انتقلت الينا ،وان نفقد الدفع باتجاه التحصين والتمكين او حتى الحفاظ على احوالنا كما هي، وان نتقمص ادوار الاخرين واوضاعهم (ومصائبهم ايضا) ، لا أتحدث هنا فقط عن خسارتنا للجماعة التي كانت تمثل نموذجا لهذا الاستثناء ، وانما عن المجتمع الذي جسّد هو الاخر مثل هذا النموذج ، وتوّجه بشكل نادر بعد حادثة استشهاد الطيار الكساسبة، لدرجة  اننا اتفقنا جميعا على ضرورة استثمار هذه الحالة وعدم تبديدها تحت أي ظرف أو مبرر أو عنوان.
اما النقطة الأخرى فهي اننا على مدى السنوات الاربع الماضية توافقنا ايضا (بما في ذلك جماعة الإخوان) على رفض استنساخ او تقمص الحالة التي شهدتها الاقطار العربية فيما سمي”بالربيع العربي” ، ابتداء من اصرارنا على اصلاح النظام الى التمسك بالسلمية ، ومنع الانقسام ، ومواجهة دعوات الشيطنة ضد اي طرف، وصولا الى تسكين الشارع واعتبار الامن والسلم الداخلي اطارا للتوافق حتى لو تم تأجيل الاصلاح السياسي، وبالتالي لم نسمح بدخول اي مفاهيم او دعوات “تلوّث” مناخنا الاجتماعي والسياسي، مثل مفهوم الانقلاب او الصراع على الشرعية او العبث بالوحدة الوطنية وتفتيت مكوناتها، وسواء اختلفنا او اتفقنا على ما ان ما جرى داخل الجماعة ومن حولها هو “تصويب” او “انقلاب” فان اسئلة الشرعية كانت مطروحة ومآلات الانقسام اصبحت واضحة  ، ولا يستطيع احد ان ينكرها، فما هي مصلحتنا اليوم في “استنبات” مثل هذه المفاهيم المغشوشة وسط “تربتنا”  وهي غريبة عنها، وما الذي يضمن لنا ألا تتعمق داخل مجتمعنا او تمتد الى اطراف اخرى، او تصبح مجالا للنقاش العام وربما يسوقه العض فتصبح مقبولة ايضا، هذا خطر يجب ان ننتبه اليه لان اعطاء اي مشروعية لما حصل للجماعة سيترتب عليه استشهادات واستدعاءات اخرى، ونحن لا نريد ان نضع “سوابقا” لنبني عليها احكاما جديدة ، اولكي يوظفها البعض وقت الحاجة.
إذن، ارجو ألا نستهين بما حدث للإخوان المسلمين، ليس دفاعا عنهم ولكن دفاعا عن مجتمعنا ، واذا كان بوسع احدنا ان يقول  - بدافع الخصومة او الشماتة أو الانتقام أو عدم الاهتمام (لا فرق) - : “ وانا مالي”.. فيجب ان نذكّره ان المحنة التي تعرض لها  الإخوان تعنينا  ، كمجتمع وكدولة، مثلما تعني الإخوان وربما اكثر مما تعنيهم ، ليس فقط لأنها قد تكسر حالة “الاستثناء” التي يجب ان نحافظ عليها، او لأنها قد تسجل سابقة يمكن ان تتكرر او يتم استدعاؤها ، وانما لأنها تشكل سباحة ضد تيارنا الوطني والسياسي الذي اتسم على مدى تجربتنا التاريخية بالاعتدال والاستيعاب وعلى مبدأ “الاسرة الواحدة” بكل ما يعنيه من تماسك وتكامل وحرص على الأمن والاستقرار والمصلحة العامة .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)