TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نتائج «التوجيهي» الصادمة.. محطة تفكير للانتقال بالتعليم من التلقين إلى الإبداع
06/08/2014 - 2:45am

طلبة نيوز- الراي

 جاءت نتائج الثانوية العامة «التوجيهي» هذا العام صادمة، للمجتمع والحكومة، وبرز وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات معبرا عن الصدمة بقوله انه «يعتصر ألما» على واقع النتائج. ردود الفعل، من مختلف المستويات، على النتائج بقيت تنظر بسطحية إلى الحالة، وإلى الآن لم يفكر أحد في النظر إلى العمق، تقييما وتحليلا واستنتاجا، ومن ثم الانتهاء إلى توصيات شافية لمأزق التربية والتعليم التاريخي.

 فلا يكفي أن يشن أعضاء في مجلس النواب حملة تتركز على دعوة الوزير إلى الاستقالة، والتعبير عن الصدمة من النتائج، وكأن الوزير هو الذي تعمد أن تخرج النتائج بهذه الصورة، وكان يجب النظر إلى أن النتائج بوصفها جرس إنذار لإعادة التفكير بمجمل العملية التعليمية والتربوية.
أيّ، أن نتائج الثانوية هذا العام يمكن تحويلها إلى محطة مختلفة، تقرأ بعناية ودقة وعمق، لاستكشاف علل وخلل المنظومة التعليمية، وتحويل الصدمة إلى محفز للانتقال إلى مستوى تعليمي أفضل، يضاهي ما هو في الغرب، خصوصا ذلك الغرب الذي أنتج تعليما متميزا وبالتالي أنتج أجيالا بذات القدر من التميز. مركز كارنيغي، وهو مؤسسة بحثية عريقة، وضع في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات التقييمية لواقع التعليم في العالم العربي، ووضع تشخيصا مهما يمكن أن يكون عنصرا من عناصر تقييم الواقع التعليمي وسبل النهوض به. تلك الدراسات ركزت تركيزا جوهريا على نوعية التعليم، وأسلوبه، انتهت إلى أنه تعليم تقليدي جامد لا يمكنه أن ينتج اجيالا متميزة، وربطت تلك الدراسات ربطا عضويا بين التقدم والنهوض وما ينتجه التعليم النمطي التقليدي. الخطوة العملية الوحيدة، بصرف النظر عن نوعيتها ومدى اتساقها مع المطلوب وما سينتج عنها، للتعامل مع نتائج الثانوية العامة، هي دعوة لجنة التخطيط الموسعة برئاسة وزير التربية والتعليم لاجتماع يوم السبت المقبل بحضور مدراء الإدارات ومديري التربية والتعليم ونقيب المعلمين وأعضاء مجلس النقابة. والهدف من الاجتماع مناقشة نتائج الدورة الصيفية في ضوء ما أظهرته من عدم نجاح أي طالب في 324 مدرسة حكومية و7 مدارس خاصة، وتدني نسبة النجاح في أكثر من 50 % من المدارس الخاصة. عمليا، هذه الخطوة، لا يتوقع لها أن تكون كافية، ولا يتوقع أن تخرج كثيرا عن النمط التقليدي في التقييم والاستنتاج، ولا يتوقع أن تخرج بتوصيات استثنائية تحدث تغييرا جوهريا في مسار التعليم، وتنقله من واقعه الراهن إلى واقع جديد مختلف وأكثر إيجابية، بحسب اصحاب اختصاص. ويمكن التفكير بـ»خلوة» يدعى لها خبراء أجانب، وجهات دولية ذات صلة بقضايا التعليم، لأن في ذلك إضافة حقيقية على المجاميع أو تجمع العقول الذي يريد إيجاد تفسيرات منطقية لما آل إليه واقع التعليم، وينتهى إلى استراتيجية جديدة يمكنها في غضون سنوات أن تحدث التغيير المطلوب. التأسيس لفهم أوسع وأعمق لحالة التعليم وسبب ترديه، يرتكز على سؤال جوهري وأساسي، لا يمكن تجاوزه، وهو هل تراجع نتائج الثانوية العامة عائد لضعف شديد في قدرات الطلاب أنفسهم ؟، أم لنوعية المناهج وأسلوب التعليم؟. إن إجابة السؤال كفيلة بوضع التفكير في حالة التعليم بمسارها الصحيح، مع تجاوز حقيقة أن نتائج الثانوية العامة في السنوات السابقة عائدة لعمليات «غش» واسعة، وبأشكال كثيرة وكبيرة أدت حينها إلى معدلات عالية ونسبة نجاح عالية أيضا. ويتوقع خبراء وأصحاب اختصاص، أن البحث الحقيقي في إجابة السؤال، أعلاه، ستنتهي إلى نتيجة محتملة هي خليط من الفرضيتين؛ ضعف القدرات وأسلوب التعليم، لكنهم يرون أن أسلوب التعليم كفيل بإحداث فرق في مستوى قدرات الطلاب، إذا ما كان الأسلوب أكثر تطورا وحداثة. مجمل الدراسات التي أعدتها مراكز بحث عالمية انتهت إلى خلاصات، من بينها أن التعليم في العالم الثالث يقوم على التلقين- حفظ المادة صم- وهذا النمط التعلمي لا يفعل العقل ولا يطور مهارات التفكير والإبداع والتحليل واتباع المنطق والتخيل والابتكار والحوار وتبادل الخبرات. وإذا ما تم إسقاط هذه الخلاصة على واقع التعليم هنا، فهي مؤكدة قريبة من الواقع، فطالب الثانوية العامة، خصوصا في الفروع غير العلمية، ولو نسبيا، يركز على حفظ المادة حفظا من غير أن يفهمها، فهو يريد إجابة سؤال الامتحان كما هي في الكتاب ليضمن النجاح، دون شرط فهم الإجابة أو استمرارها في عقله ومخزونه المعرفي. ربما هذا هو الفرق الجوهري بين التعليم في العالم المتقدم والعالم الثالث، إذ تعتمد منظومة التعليم الغربية على تحفيز العقل للتفكير بإجابات منطقية، حتى لو كانت جديدة لا يعالجها المنهاج، وهذا أسلوب تعليمي معتمد منذ التأسيس المدرسي الأول، وينتقل بذات السوية إلى المرحلة الجامعية. الذي لا شك فيه أن اصواتا عديدة نادت، وطنيا، بإيجاد طريقة أخرى غير امتحان الثانوية العامة لانتقال الطالب من مرحلة تعلمية مدرسية إلى مرحلة تعليمية جامعية، مع ما يتطلبه هذا الأمر من تطوير منهجي لمهارات المدرسين كأساس لتغيير نمط التعليم وأسلوبه، لمواكبة المستجد والمستحدث في التعليم ليس على النطاق الإقليمي بل العالمي

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)