TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وزارة للشباب الذي يحترق
08/12/2014 - 1:00am

طلبة نيوز- محمد ابو رمان 

فيما الحديث جارٍ اليوم عن تعديل وزاري، وفي الوقت نفسه عن تعيين وزير دفاع، بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، فإن ما نتمناه أن يلتقط "مطبخ القرار" مع رئيس الوزراء أهمية التفكير جديّاً في إنشاء وزارة للشباب؛ وليعاد إدماج المؤسسات الحالية القائمة على هذا الشأن ضمن هيكليتها ومؤسساتها. إذ ما تزال هذه المؤسسات هشّة ضعيفة، غير قادرة على ملء الفراغ الكبير الحالي، مع تزايد أهمية موضوع الشباب والحديث عنه في العالم العربي، وفي الأردن بصورة خاصة.
من قام بالثورات العربية هم الشباب؛ واجترحوا شعار "العدالة والحرية والحياة الكريمة"، الذي قاد لهيب التغييرات الكبرى الأخيرة. فمن يعاني اليوم من البطالة ومحدودية فرص العمل هم الشباب، ومن ينضمون إلى الجماعات المتطرفة ويتأثرون بالظروف الإقليمية والتحديات، ولا يجدون بديلاً إسلامياً ولا حتى رسمياً يقنعهم بخيارات أخرى، هم الشباب. وهم، أيضاً، ضحية المخدرات التي أخذت بالانتشار في أوساط طلبة الجامعات بصورة واضحة خلال الأعوام الأخيرة، وهم من يعانون من الفراغ السياسي والفكري والروحي.
موضوع الشباب أصبح اليوم أولوية حقيقية للحكومات والدولة. وهو يحتاج إلى وزير متخصص، يمتلك موارد ومواهب وقدرات، ويستعين بعلماء ومثقفين لبناء رؤى استراتيجية للتعامل مع هذا الجيل الصاعد، بالتعاون مع المجتمع المدني. كما يشبك المؤسسات والجهود المختلفة وينسق مع الجامعات لتقديم إطار وطني أو حاضنة حقيقية لهذا الجيل الذي يبحث عن ذاته وهويته وشروط الحياة الكريمة.
في قلب هذه المهمات الأساسية، وبالإضافة إلى بناء الإطار الوطني المطلوب، لا بد أن تتولى الوزارة المهمة الرئيسة المتمثلة في "إعادة تأهيل" نسبة كبيرة من الشباب، تعد اليوم بالآلاف؛ اختُطفت عبر التطرف الديني أو العنف الجامعي والاجتماعي أو المخدرات تحت وطأة الظروف غير الصحية الراهنة.
ففي الجامعات، ما نزال نعاني، إلى الآن، من العنف الجامعي. وقد أعلن رئيس جامعة آل البيت مؤخراً تعليق الدراسة لأيام، مع فصل 25 طالباً فصلاً نهائياً، استناداً إلى صلاحياته، بعدما حدثت مشاجرة كبيرة، أُطلق فيها النار، وأصيب طلاب، وتدخل فيها ملثمون اقتحموا الجامعة من الأسوار الخارجية. وقد أصبح العنف الجامعي ماركة أردنية مسجّلة خلال الأعوام الأخيرة.
ونحن نتحدث عن تشديد العقوبات ونؤيده بقوة، فإن من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار ملحوظة مهمة يذكرها بعض المتخصصين الاجتماعيين والتربويين، وتتمثل في أنّ هؤلاء الطلبة المطرودين عندما يذهبون إلى منازلهم، مع عدم توافر فرص عمل حقيقية وزيادة الأعباء المالية على الأسر، قد يذهبون نحو انحرافات أخرى. وإذا أخذنا بعين الاعتبار كذلك أنّ العنف الجامعي هو نتيجة لتدهور منظومة التعليم نفسها، فمن العدل والمنطق أن تحاول الدولة توفير وسائل أخرى موازية لتعطي العقوبات مفعولاً إيجابياً.
ما نتحدث عنه هنا يسمى بـ"خدمة المجتمع" (بعيداً عن الفكرة الفاشلة التي طبقت في الجامعات خلال أعوام ماضية)، من خلال ربط العودة إلى الجامعة بتقرير صادر عن مؤسسات معتمدة محترمة تشهد بأن الشخص المذكور قضى ساعات معينة (بحسب العقوبة المقررة) في خدمة المجتمع.
والحال لا تختلف عندما نتحدث عن مئات الشباب الذين يحاكمون على خلفية قضايا التطرف الديني اليوم؛ فمن الضروري أن نفتح لهم أفقاً جدياً، وأن نتيح لهم بدائل لتغيير مساراتهم الخاطئة الراهنة!
الظروف الراهنة قاسية تماماً على جيل الشباب، وهو وقود نار سياسية ودينية واقتصادية. ومن ثم، لم يعد مقنعاً ولا مقبولاً التعامل مع هذا الموضوع بوصفه أمراً ثانوياً، بل هو يحتاج إلى وزارة وموارد وتفكير جدي وعميق.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)