TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وطني
27/01/2015 - 6:15am

طلبة نيوز- عبدالهادري راجي المجالي

ما هو تعريف الوطن ؟ ...البعض يربط التعريف بالتراب , والبعض يربطه بالتاريخ , وبعضهم يعطي تعريفا أكاديميا , مرتبطا بالجغرافيا والمولد ..وثمة أناس يرونه في القصيدة , وأناس يعتبرون الوطن ..تاريخا مشتركا .
أنا لي تعريف مختلف جدا ...في طفولتي , كنت كثيرا ما أصاب بإلتهاب اللوز ..واحيانا إلتهاب الأذن الوسطى , وأمي لم تكن تؤمن بالطب كثيرا ...كانت تعالج كل شيء بطريقتها الخاصة , ..وطريقتها بسيطة جدا , كانت تقوم بتسخين زيت الزيتون وتضع نقطة , في أذني منه إذا عانيت من إلتهاب الأذن ..أو تدهن رقبتي به إذا كانت اللوز متضخمة ...ثم أنام في حضنها , وتغطي وجهي بمنديلها ..وتهزني , وثمة تمتمات , تنطلق من فمها وعرفت فيما بعد حين دخلت المدرسة أن هذه لم تكن تمتات بل هي سورة (العصر) وسورة (العلق) وما تحفظه من القران.
أمي لم تدخل المدرسة ولم تتعلم القراءة والكتابة , ولكنها كانت تحفظ كثيرا من القران ...وفي اللحظة التي كانت ترمي (بمنديلها ) فوق وجهي وتبدأ بهزي ..وتغطي خصل شعرها وجهي , كنت أنسى الوجع ...وحين يبدأ جسدي بالإستسلام للنوم ...تتوقف عن قراءة قصار السور .
ما زلت أتذكر أنها كانت في بعض الأحيان تغني لي من اجل النوم :- ( لأزرع طريق الكرك لوز أخضر عشان غزالي عبد يمشي ويتمختر) ...
مرت الأيام وكبرت صرت شابا , لم يعد جسدي صغيرا , والسرطان كان شرسا بجسدها , ولكني بقيت أؤمن بأن طب أمي أهم من كل مستشفيات الكون , وكلما أتعبتني الاذن أو تضخمت اللوز ...رحت لها , وأدارت بيدها قطرة من الزيت في أذني , وبدأت بقراءة صغار السور , وبالتحديد ما يدفع الحسد , أمي ظنت ذات يوم بأني محسود ..ولا أعرف على ماذا يحسد عبدالهادي راجي ...
سأعود للسؤال الذي طرحته في مقدمة المقال ..ماهو تعريف الوطن , بالنسبة لي وطني :-...هو ذاك الحضن الذي كان يهزني , هو المنديل الذي يغطي وجهي وتنسدل من تحته خصلات شعر , تفوح منها رائحة الحناء ..والزيت الذي كان يشفيني ...
وطني هو الحب الفاصل بين الزيت والقران ...بين قطرة في أذني واية تتلى ..على مسمعي ...
وطني بإختصار هو زيت أمي والايات التي تلتها ...
وها أنا الان جالس أسترجع ذكريات الزيت والمنديل والقران ... عسى تلك الذكريات تخفف على المبتلى باليتم , بعضا من  وجعه .

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)