TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
في ذكرى ميلاد سليل المجد عبدالله الثانى حفظه الله
10/02/2019 - 6:15am

د. أحمد عارف الكفارنة
جامعة البلقاء التطبيقية
أشرقت شمس الأردن وأزهى الوطن بأبهى الحلل وهو يحمل بين ثناياه نورًا وشعاعاً لأجمل ذكرى لامست قلوب الأردنيين، وصوت المغفور له الحسين بين طلال يصدحُ يومَ 30 كانون الثاني 1962 قائلاً: "لقد من البارئ جل وعلا ومن فضله على وهو الرحمن الرحيم أن وهبني عبد الله, ومثلما نذرت نفسي منذ البداية لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة، كذلك فإني قد نذرت عبد الله لأسرته الكبرى ووهب حياته لأمته المجيدة. وهكذا سهر الراحل الكبير على إعداد عبد الله الثاني ليتحمل المسؤوليات الجسام التي أعده إليها ليكون قائداً متمرساً عسكرياً وسياسياً، هذا القائد الذي حمل اسم جده الملك المؤسس الشهيد المغفور له عبد الله الحسين وذلك تجسيداً لاستمرارية العرش واستقرار البلاد وتماسكها عبر التاريخ من خلال وحدة الوطن واستقلاله وحماية مرتكزاته المتجسدة في شعار (الله ـ الوطن ـ الملك)، ولقد تحققت نبوءة المغفور له حين تسلم جلالة الملك عبد الله سدة الحكم. لقد شهد الأردن منذ تولي جلالته الحكم عام 1999 إنجازات تتحدث عن نفسها من خلال قيادته حفظه الله لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مما أحدث تطورات هامة مثلت هذه التطورات تغييراً شمولياً في منهجه وآليات العمل الوطني بمرحلة جديدة دشنت عهد الملكية الرابعة، كان الهدف منها تلافي السلبيات وإعادة بنيان وهيكلية الدولة الأردنية.
لقد توجه جلالته بعزيمة وهمّة عالية لا تلين نحو الإصلاح، حيث تم التركيز على الجانب الاقتصادي لإيمانه المطلق بأن الإصلاح الاقتصادي يعد الأهم لأن زيادة المشاريع التنموية والإنتاجية والاقتصادية وتطويرها من شأنه تغيير وجه البلاد نحو الأفضل, حيث لم تحد هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن من طموحاته؛ فقد تصدى لمعالجة الأوضاع والخلل من خلال محاولة تخفيف عبء المديونية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، والعمل بعلاقاته المتميّزة مع دول العالم لجذب الاستثمارات المالية خدمة للاقتصاد الوطني، فهي الوسيلة التي تضع الأردن على الطريق الأمثل للدولة الواعدة.
تأتي هذه المناسبة الوطنية السعيدة في مرحلة هامة من مراحل البناء المستمر للأردن لاستحضار الإنجازات التي تحققت للأردن بفضل الرؤية التي حمل رايتها خير خلف لخير سلف, رؤية القائد الملهم الذي أراد أن يقدم الأردن بصورة لائقة تحظى باحترام الجميع. ومن هنا سعى جلالته لإقامة علاقة بين الدولة كصيغة معينة للقوة داخل الإقليم وكنظام سياسي ديمقراطي تسعى له شعوب دول العالم الثالث والتي نحن جزء منها. لذلك جاءت الاصلاحات الدستورية ومراجعة الدستور وتعديل أكثر من (42) مادة كإنجاز تاريخي يسجل في التجربة الديمقراطية الأردنية الحديثة، فكانت أهم التعديلات الدستورية:
أ‌- إنشاء المحكمة الدستورية.
ب‌- إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات.
ج- صياغة قانون الأحزاب السياسية الحديثة (2015).
د- قانون اللامركزية.
وقد أكسبت هذه التعديلات الأردن وضعًا جديدًا ومرحبًا به من دول العالم ، وأضافت هذه التعديلات للدستور الأردني قوةً ومتانة نوعية لمصلحة الوطن والمواطن كما جاءت هذة التعديلات لتؤسس لمستقبل تشكيل الحكومات البرلمانية ولتعزز مبدأ الفصل بين السلطات وتعزيز استقلالية القضاء والمحكمة الدستورية بعيدا عن التجاذبات السياسية والحزبية , ومن هنا برزت خصوصية التجربة الأردنية الحديثة بين الملكية المقيدة دستوريًا والمكية الدستورية الحديثة، وهي تجربة تستحق الدراسة في منطقة الشرق الأوسط والعالم الثالث. كما أولى جلالته الملك عبد الله الثاني القوات المسلحة الأردنية الاهتمام الخاص لتطويرها وتحديثها لتتميز بالاحتراف والانضباط العسكريين بين قرائنها في كافة دول العالم، ممّا يعزز الأمن الداخلي والخارجي بالإضافة إلى سعي جلالته لتطوير التصنيع العسكري والوطني بجهودٍ ذاتية، حيث أصبحت قواتنا المسلّحة مصدر إعجاب دول العالم أجمع.
وفي عهده الميمون أصبحت مؤسسات المجتمع المدني نموذجًا يحتذى به مما عزز وجود العديد من مراكز الدراسات وحقوق الإنسان التي آمنت بالوسطية والاعتدال، والتي هدفت إلى الشراكة والتعاون بين الدولة والمجتمع المدني، مما يعني أن الأردن خطا خطوةً تعبر عن النقلة النوعية لتطوير مفهوم مؤسسات المجتمع المدني.
وتُعدُّ الخطابات السياسية لجلالة الملك عبد الله الثاني مرجعيةً سياسية ورؤية إستراتيجية لقيادة المملكة داخليًا وخارجيًا لما اتسمت به هذه الخطابات من دقةٍ وموضوعية تظهر مقدرة وبراعة جلالة الملك في قيادة السفينة إلى بر الأمان، وتكفي نظرة واحدة لخطابات جلالته الموجهة إلى السلطة التنفيذية وحثه المسؤولين والوزراء على النزول إلى الميدان لتؤكد قوة عزم جلالته في تخطي الروتين ولا سيّما وهو القدوة الأولى من خلال جولاته المستمرة في المدن والأرياف والبادية والمخيمات ليعيش هموم وآمال الناس وتطلعاتهم، مما أوجد رابطًا وجدانيًا يربط الأردنيين بمليكهم، فترى الحشود الغفيرة تتدافع برغبةٍ ومحبّة صادقتين للسلام على جلالته وتحيته.
ورغم الظروف الصعبة التي وقفت أمام مسيرة الإعمار والبناء والتنمية في الأردن، فقد جاءت ظاهرة الإرهاب أيضًا لتفرض نفسها على المنطقة جراء استمرار الأزمات التي أصابت الدول المجاورة من خلال ما سميّ بالربيع العربي، وفي ظل هذه الصراعات وخاصةً الإقليمية والتي امتدت إلى تحالفات، مما استدعي أن يقف الأردن سدًا منيعًا في وجه الإرهاب ومصدريه، حيث شارك في الحرب على الإرهاب بقوةٍ دون هوادة، وقدّم من الجانب السياسي أيضًا رسالة عمان التي قلبت الموازين وكشفت زيف هؤلاء الإرهابيين لتشويههم الحقائق وطمسها من خلال التوظيف العقائدي لفكرهم المتطرف، وبذلك قدمت الأدلة القاطعة على مقدرة هذه الجماعات على التشويه والتسفيه والتحريض والتآمر، حتى وصل بها الأمر إلى حد تكفير الآخر، فكانت رسالة عمّان صوت الحقيقة المدوّي بوسطية الإسلام واعتداله.
كما وقف جلالته وقفة عزِّ وكرامة دفاعًا عن عروبة القدس، ودَوْرِ آبائه وأجداده من الهاشميين الأحرار، وإرثهم في خدمة القبلة الأولى وثالث الحرمين الشريفين، وذلك من خلال الوصاية الهاشمية والحفاظ عليها رغم الضغوطات العالميّة والإقليميّة التي تتعرّض لها القضيّة الفلسطينيّة، وبالرغم من تغطرس الكيان الصهيونيّ ورغبته التي لا يُخفيها في التخلّص من الوصاية الهاشمية.
كما أثار جلالته إعجاب العالم بشخصيته من خلال جولاته في البحث عن فرص السلام الضائعة في الشرط الأوسط، وذلك من خلال تقديم الرؤية العربية الموحدة والحديث مباشرةً للغرب حول قضية فلسطين وإيجاد حلٍ مناسب حسب قرارات الأمم المتحدة والتي تعطي حق إقامة دولتين، الأولى الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، والثانية اسرائيل.
إن الأردن وشعبه يفخرون بعبد الله الثاني أبًا وقائدًا وملكًا على هذا الثرى الطاهر، لذلك يجدّد الأردنيون العهدَ والولاء كل عام لوريث العرش الهاشمي من العترة النبوية الطاهرة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ووليّ عهدِهِ الأمير الحسين بن عبد الله، عاقدين العزم على مواصلة مسيرة الخير والعطاء والديمقراطية، وكل عام وجلالة الملك والشعب بألف خير.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)