TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أطباء الإقامة جهود مضنية: من يقرع جرسهم؟
11/10/2017 - 5:15am

طلبة نيوز-

التقيتُ على هامشِ أعمال المؤتمر العالمي الثاني للصحة النفسية، الذي تنظمه كلية الطب في الجامعة الأردنية بالتعاون مع المبادرة العالمية للصحة النفسية وجمعية أطباء الأمراض النفسية الأردنية قبل أيام عدة مجموعة من الطلبة الاطباء الذين درّستهم مساق اللغة العربية، وكانت أحاديثهم تقطر مرارة لعدم تفهّم القطاعات الطبية لظروفهم العملية والمعيشية؛ حيث يعملون في برامج الإقامة (ببلاش)، ولا أحد يفكر في إنصافهم أسوة بزملاء لهم تخرّجوا في الجامعات وبدأوا حياتهم العملية بصورة طبيعية، في حين هم ما زال أمامهم سنوات تصل إلى 12 سنة بعد التوجيهي كي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم، وطالبوني أن أعرض قضيتهم. وتتلخص القصة في أن مئات من أطباء الإقامة يعملون في المستشفيات الرسمية والخدمات الطبية ببرامج الإقامة لسنوات تمتد لأربع سنوات بجد وعمل مخلص ليل نهار ومناوبات مستمرة طيلة سنوات الإقامة، وهؤلاء الأطباء في سِنّ الرُّشد الحقيقي الذي يستحق نظرة جادة وحقيقية من صانعي القرار لإنصافهم برواتب شهرية تقيهم حاجة أحد؛ خصوصا أن أعمارهم في سِنّ الإنتاج الحقيقي بين (25-33 (عاما، وتصوروا هذا العمر وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؛ عملٌ مُضْنٍ وجهد كبير ومناوبات صباح مساء، كل ذلك دون أدنى تفكير بإشعارهم أنهم النخبة من أبناء مجتمعنا الأردني، وأنهم طاقات علمية مؤهلة تستحق أن تنال جزءا من حقوقها أسوة بزملاء لهم تخصّصوا في تخصصات إنسانية وعلمية كثيرة، يجدون في نهاية الشهر راتبا يسند حياتهم، في حين أطباء الإقامة يعانون تعبًا وسهرا ويبذلون جهدا، ولا أحد يفكر بمنحهم ولو مكافأة بسيطة تشعرهم أنهم بشر ومتعلمون ويعملون بجد. وتعرف المستشفيات والقطاعات الطبية والخدمات الطبية الملكية ونقابة الأطباء أنهم يعملون ويُعتمد عليهم في متابعة المرضى، وأنهم مظلومون ولا أحد يعيرهم الانتباه! أعود إلى مقالة منشورة في جريدة الغد قبل تسع سنوات، وتحديدا يوم الجمعة 14 تشرين الثاني 2008 تحت عنوان» الخدمات وأطباء الإقامة»، جاء فيها إشادة بالخدمات الطبية المقدّمة للمواطن الأردني من قبل الخدمات الطبية الملكية، وقد طالبت المقالة بإنصاف أطباء الإقامة بما نصّه: «ساهمت الخدمات الطبية الملكية في تدريب الكوادر، في كل التخصصات الفنية والتمريض، ولهذا فإن أيّ طبيب أو فني تتاح له فرصة التدريب أو العمل في هذه المؤسسة الكبرى يرى هذا مكسبًا له في تطوير حياته المهنية. وتستقبل مدينة الحسين الطبية أطباء من الأردن وغيره لقضاء سنوات الامتياز التي تدخل الطبيب إلى عالم الاختصاص، وهؤلاء أطباء غير عسكريين وهم غير معينين على كادر الخدمات الطبية، لكنهم يعملون إلى جانب زملائهم من أطباء الخدمات الطبية ويؤدّون مهمّاتٍ عديدةً بما فيها إجراء عمليات؛ لأن لديهم التأهيل والقدرة، وهم أيضا يستفيدون من العمل في الخدمات الطبية لاكتساب العلم والتجربة، وللحصول على سنوات الامتياز التي تصل إلى أربع سنوات». وتتابع المقالة موضوعها بالقول :»بين يديّ رسالة من عدد من أولياء أمور أطباء وطبيبات يقضون سنوات الإقامة في الخدمات الطبية. وتحمل الرسالة مطلبا منطقيا، هو أن تمنحهم الخدمات الطبية الملكية راتبا أو مبلغا ماليا شهريا أو مكافأة مالية وبعض الامتيازات الأخرى من مواصلات وحقّ العلاج وغيرها طيلة السنوات التي يقضونها في فترة الامتياز». وحين أقرأ هذه الرسالة وأتذكر كلام طلبتي ينتابني شعور بالمسؤولية أن نعرض مظلمة أطباء الإقامة، وكذا أطباء الامتياز أن كان بالإمكان أن تبادر القطاعات الطبية بوضع تصوّر واضح يعطي هذه الفئة حقها في العيش بكرامة، وتصوروا لو منح هؤلاء الأطباء مكافأة شهرية، في حين تقدّر الخدمات التي يقدمونها للمرضى يوميا وعلى مدار الساعة بعشرات الملايين فيما لو فكرت القطاعات الطبية إنصافهم، ولكي لا نسمع تلك النغمة التي تقول: يكفي هؤلاء الأطباء أنهم يتدرّبون للإقامة، فالجواب: ألم تكن سنة الامتياز تدريبا لا يحصل بها الأطباء على شيء، وهل من معقول أن يبقى عملهم تطوعيا على مدار أربع سنوات بلا مقابل؟ وحين أعود إلى المقالة سابقة الذكر أجد أن الخدمات الطبية وبعض القطاعات كانت تدفع رواتب لهؤلاء الأطباء قبل تسع سنوات؛ إذ ورد فيها: «المطلب منطقي؛ لأنّ إدارة الخدمات الطبية منحت راتبا شهريا لفئة من أطباء الإقامة الذين يحملون تخصصات مثل: الباطنية، والجراحة العامة، وطب الأطفال، والتخدير، والنسائية. بينما تم استثناء تخصصات أخرى مثل: العيون، والأذنية، والعظام، والجلدية، والمسالك البولية، علما أنّ كل هذه التخصصات مهمة، وكل الأطباء يقدّمون خدمات ويؤدّون أعمالاً طبية وعلاجية مهمّة إلى جانب زملائهم من أطباء الخدماتالطبية». إن قراءة واقع أطباء الإقامة يؤشّر على ضرورة الاهتمام بهؤلاء الأطباء؛ إذ لا يعقل أن يدرسوا ست سنوات يدفعون فيها خمسة أضعاف ما يدفعه زملاؤهم في تخصصات أخرى، يضاف لها سنة امتياز غير مدفوعة أيضا، وهل يعقل والكلام على لسان هؤلاء الأطباء أن يعملوا أربع سنوات بليلها ونهارها دون مقابل! أليسوا بشرا ولهم متطلباتهم الحياتية! أما آن للمسؤولين في وزارة الصحة والخدمات الطبية ونقابة الأطباء أن يفكروا بجدية في توفير راتب لأطباء الإقامة في القطاعات الطلبة جميعها؟ ولا ننسى في هذا السياق أن نوجّه الشكر للمجلس الطبي برئاسة الدكتور نضال يونس على مبادرته ورغبته الحقيقية في إنصاف هؤلاء الأطباء من خلال مخاطباته للجهات الطبية المعنية بضرورة إنصافهم، ولنشكر أيضًا نقيب الأطباء الدكتور علي العبوس الذي يطالب باسم النقابة بإنصاف هؤلاء الأطباء. وعليه، نضمّ صوتنا إلى صوت هذه النخبة المتميزة من أبناء الوطن أطباء الإقامة بالمطالبة بإنصافهم والنظر إلى أوضاعهم وأملهم بالحكومة ورئيس هيئة الأركان والخدمات الطبية الملكية ونقابة الأطباء كلٌّمن موقعه أن يبادروا إلى دراسة هذا الواقع المرّ الذي يعيشه هؤلاء الأطباء، والأمل بالجميع أن يعملوا لأجل الوطن وأبنائه أطباء الإقامة وغيرهم من القطاعات المهمّة، وتبقى التحية من القلب لكلّ من يرسم البسمة على وجوه المرضى والمتعبين وطلاب الحاجات، ولكلّ من يفكّر في إنصاف هذه النخبة المبدعة من أبناء الوطن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)