طلبة نيوز- أ.د نضال يونس

الاهتمام الكبير بالخطاب الملكي الاخير للأسرة الأردنية الواحدة يضعنا في آفاق الوعي الشعبي العام بإدراك المسئوليات الكبيرة الملقاة على عاتق الجميع مواطنين ومسئولين، وأن الملك عبدالله عندما يرفع شعار" ارفع راسك فوق فانت اردني" ، يهدف لأن يكون كل الاردنيين من شتى المنابت والأصول مسلمين ومسيحيين عرب وشركس وشيشان، مجتمعا متآخيا ومتراحما يشاركون فى بناء مستقبل مشرق خال من الانغلاق والتعصب، ومسلحين "بقيم المواطنة والمبادرة والطموح والتميز وحب العمل والإنجاز".

أمامنا تحديات داخلية وخارجية كبيرة في تحصين مجتمعنا من الفكر الظلامي الاسود الذي يمارس الإجرام ويدعي الإسلام، ويمارس الإرهاب ويدعي الإيمان. تحديات ينبغي أن تضع المسئولين قبل المرؤسين أمام مسؤولياتهم في مواجهة تعقيدات هذه المرحلة و متطلباتها، فليس تنقصنا الخطط والافكار وإنما توظيفها في مجالها الصحيح، فنحن اليوم احوج ما نكون الى تحسين وسائل التواصل و الانفتاح مع المواطنين، واعطاءهم الفرصة للتعبير عن ارائهم و فتح المجال لمشاركتهم فى صناعة القرار، ولا بد من تقدير الاشخاص بناءا على ادائهم ومؤهلاتهم قبل انتماءاتهم الاسرية والشللية والمناطقية كما رأينا وشهدنا في السنوات الماضية، ولعل تاكيد الملك عبد الله على أن الأردن قوي وصامد بثبات على مر العقود في وجه كل من راهن على سقوطه ياتي من خلال اصرارة على تطبيق هذه المثل العليا. وسيبقى ان شاء الله أثبت وأقوى وأكبر من كل ضعاف النفوس الذين يتربصون به، أويحاولون النيل منه.

لا عذر لأي مواطن اليوم سواء أكان عامل وطن أم رئيس دائرة، وسواء اكان طالب ام استاذ فى جامعة، طالما راس الدولة وضع الجميع امام مسئولياتهم فى الدفاع عن الوطن والذوذ عن حماه يدا واحدة و قلبا واحدا، فسر قوة الاردن كما يقول الملك تكمن فى سواعد الاردنيين المثابرة المبدعة، التي وضعت الأردن على خارطة التميّز والإنجاز، ورفعت راية الأردن عالياً في مختلف الميادين...

كل مواطن فى موقعه "بطل" عندما يتقن عمله ويقوم به على افضل وجه، ونحن نفخر بالخبرات و الكفاءات الاردنية المتوفرة، وتبقى الجدية والإبداع و"المواطنة الفاعلة" و"الشجاعة الأدبية" باعتبار أن المهمة أمام اختبار المواطن المراقب مع السلطة، تفرض أن نرى اتجاهات تتناغم مع طبيعة هذا الوطن "ارض العزم اغنية الظبى" الذى كما يقول الملك "حمل العروبة أمانةً وانتماء، جيشا وشعبا، ولم يهن يوماً رغم ثقل ما تحمله، هذا الوطن الذى حمل شرف مسؤولية حماية القدس ومقدساتها، وقضايا الأمة والإنسانية، وقيم التسامح والوسطية"، جدير بنا ان نعتز ونفاخر الدنيا به...
لا بديل عن التفاؤل والهمم العالية والجباه المرفوعة، ولا أحد يشكك بصدق النوايا لكن خطاب الملك عبد الله الثاني للاردنيين «ارفعوا رؤوسكم فوق» هو جوهر المهمات والوصية الصادقة لأننا نحتاج الإخلاص ليس في تحقيق المكاسب الشخصية وإنما في وجود النماذج التي تحتذى في العمل وليس بالقول، لان بناء مجتمعٍ متميز يقتضي الإيمان بقدراتنا، ونحن جميعا اليوم امام استحقاقات الوطن علينا، ولذلك فإن الوطن يكبر بعمل ابنائه المخلصين الصادقين، أو يصغر بسوء أدائهم، ووطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه...