طلبة نيوز-أ.د. صلاح جرّار

أثارت مقالتي في الأسبوع الماضي عن البطالة في حملة شهادات الدكتوراه جملة من الأسئلة وردود الأفعال ولاسيّما في الأوساط الأكاديمية، وقد وردتني تعليقات كثيرة حول التعليم العالي بصورة عامّة وحول شهادات الدكتوراه في الأردن بصورة خاصّة، وتحاور المعلّقون بعضهم مع بعض حول بعض الموضوعات وبخاصة موضوع العدالة في تعيينات أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، فبينما اقترح بعض المعلّقين ضرورة إجراء مقابلات مع المتقدمين للتعيين رأى آخرون أنّ هذه المقابلات قد تمثّل باباً لإضاعة العدل والإنصاف لما قد يشوبها من تحيّز ومحاباة واعتبارات شخصية وسواها. وشكّك معظم المعلّقين في عدالة التعيين في جامعاتنا الأردنيّة، وقالوا إنّ الواسطة والمحسوبيّة والمصالح الشخصيّة للمسؤولين هي التي تقف وراء التعيينات. وعرضت بعض التعليقات لشروط الخبرة عند التعيين وتساءل أصحابها من أين يأتي حديثو التخرّج بالخبرة؟! وكيف يمكن لهم أن يُعيّنوا في يوم من الأيّام ما دامت الجامعات تمنعهم من الوظيفة والحصول على الخبرة. وتعرّض بعض المعلّقين لواقع البحث العلمي في الجامعات، ورأى غير واحدٍ منهم أنّ البحوث والرسائل العلميّة في جامعاتنا متدنيّة المستوى ولا قيمة لها ووصفوها بأنّها بائسة، وتحدّث آخرون عن الأساتذة الذين يبلغون السبعين من العمر ويتشبثّون بالوظيفة في الجامعة بل يعمل بعضهم في جامعتين أو ثلاث جامعات في وقت واحد، ولا يطلبون الراحة لأنفسهم ولا يفسحون لغيرهم من حملة الدكتوراه الجدد فرصاً للعمل في الجامعات. وتعرّض آخرون لموضوع أعضاء هيئة التدريس الذين يتوقّفون عن البحث العلمي بمجرد حصولهم على رتبة الأستاذيّة.
وفي الواقع إنّ كل موضوع من هذه الموضوعات يحتاج إلى مؤتمر خاصّ للبحث فيه، ولا شكّ أنّ ثمّة موضوعات أخرى تتصل بالدراسات العليا والرسائل الجامعية وشهادات الماجستير والدكتوراه والتعيينات والقبول وسواها ممّا تستحق دراسات متعّمقة ومتأنيّة من أجل إعادة كلّ شيء إلى نصابه ووضع النقاط على الحروف وإعادة مسيرة التعليم العالي إلى جادّة الصواب والتطوّر والإنتاج الذي يصبّ في خدمة الوطن والأمّة والمجتمع.
ومع ذلك كلّه فإنّ أساس نجاح مسيرة التعليم العالي وتطويرها يعتمد على أهمّ ثلاثة عناصر أساسية هي: عضو هيئة التدريس المتميّز، علماَ وتعليماً وخلقاً وسلوكاً، والطالب الجادّ المتميّز الذي ينحاز للعلم ويخلص له، ثم الإدارة المؤهّلة العادلة التي تنطبق عليها المعايير المعرفية والمهنية والخلقية والسلوكية وسواها، بحيث تكون هذه الإدارة ضامنة لتنفيذ كلّ ما يمكن أن يؤدّي إلى نجاح المسيرة التعليمية وتطويرها والارتقاء بها والاستفادة من مخرجاتها في خدمة الوطن والمجتمع.