TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ذاب الثلج وكثر الهرج
11/01/2015 - 12:15am

طلبه نيوز

فايز الفايز
لا شك أن العاصفة الجوية الطبيعية التي أطلق عليها اسم«هدى» أظهرت تطورا جديدا في معالجة الأزمة من خلال التنسيق ما بين الأجهزة الرسمية العامة ، وقد ظهر جليا أن هناك خلية تولت القيادة والمعالجة بطريقة محترفة تعاملت مع الأمر الواقع بأفضل من السنوات الماضية ، وعندما نعلم أن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات هو من قاد هذه العملية الداخلية بالتعاون مع المجلس الأعلى للدفاع المدني ندرك تماما أننا كنا على حق خلال السنوات الثلاث الماضية عندما كنا ننادي بإعطاء المركز دوره الحقيقي ليستطع القيام بواجبه باحترافية فائقة عرفناها عن قرب ، حيث كان التنسيق مع كافة الوزارات الخدمية والبلديات وأمانة عمان وشركات الكهرباء والمياه وكافة المعنيين وطبعا بإسناد من الأمن العام ووحدات من الجيش ، والدفاع المدني الذي استبسلت مرتباته طيلة أعوام طويلة.
«هدى» كما يحلو لهم تسميتها كانت دورة إنعاش رسمية شعبية عامة ، وامتحان قدرات لكافة الأجهزة المعنية ، وهذا ما يجب على الجميع توقعه والتحضير له في أي وقت من السنة ، ولكن ورغم التحذيرات المسبقة من قبل دائرة الأرصاد الجوية التي قدمت واجبا مسؤولا هذه المرة بدون تهويل أو استخفاف، فإن العديد من الأخطاء وقعت ويتحمل مسؤوليته أغلبها بعض المواطنين أولا ثم بعض وسائل الإعلام غير المسؤولة التي استغلت إرخاء الحبل على الغارب ، فتسابقت في تقديم توقعات الحالة الجوية كما لو أنها قنوات الترفيه التي تقدم توقعات الفلكيين وقرّاء المستقبل الكذبة ، فلم تكن الرياح بسرعة 100 كيلومتر ولم تنخفض درجة الحرارة الى 10 تحت الصفر ، ولم يرتفع الثلج في أغلب مناطق المملكة أكثر من 10 سنتم.
من رأى تهافت كثير من المواطنين لشراء المواد التموينية والسلع بكميات هائلة وغزو المخازن الكبرى وتنظيف أرففها ، وتدافعهم على المخابز ، يدرك أننا في مشكلة أكبر من قضية منخفض جوي عميق وعاصفة ثلجية مدتها أسبوع ، وأول قراءة للمشهد نفهم أن بيوتنا جميعها تعتمد على الاستهلاك اليومي أو ما يباع في الأسواق لمدة أقصاها أسبوع وهذا يعني أن «بيت المونة والخزين» ذهب مع رياح النمط الاستهلاكي اليومي ، وأكبر درس يجب أن نتعلمه أن لا نثق بالهواة ممن يعطون الناس دروسا وهم لا يملكون أدنى تجربة ، فالمواطن البسيط يتحمل ذنبه المسؤول المطلع ، ومن يطرح نفسه متنبئا أو قناة تلفزيونية بديلة تقدم التهويل والتسفيل ، تدفع الناس الى تخزين مواد ليسوا بحاجتها.
في دول كبرى تحديدا أميركا وكندا ودول أوروبا وروسيا وتركيا يتعايش الناس مع الثلوج بشكل طبيعي منذ سنين طويلة ، فالحكومات والمؤسسات الرسمية هناك تعمل على تقديم التجهيزات والبنية التحتية المناسبة لمواجهة الظروف القاسية والصعبة ، وتتحمل البلديات الجزء الأكبر من المسؤولية الخدمية المجتمعية ويشارك المواطن في درء المخاطر الفردية ، ولا حاجة لتدخل القوة العسكرية لفتح الطرقات أو تقديم الخدمات ، فالأصل أن الناس يتحركون بشكل طبيعي ولا تعطل الحياة العامة ولا المؤسسات الرسمية ولا المدارس ، فالكل مستعد ومجهز ، والجميع منتج والجميع متعاون ، ولا أحد يتدخل في الخبراء ، وليس من الممكن أن تأخذ خبر السماء من فرد يبحث عن الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيثير بلبلة في أوساط المواطنين هناك كما يحدث عندنا.
تعودنا في السنين الأخيرة أن ننسى ما مضى وأن لا نتعلم شيئا من مشاكلنا ولا نتعظ من العبرّ وهذا يجب أن ينتهي، وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها في منع التدخلات من غير أهل الاختصاص ، وتضرب على يد المستهترين الذين يعرضون حياة الآخرين للخطر في الشارع ، وحسنا ما قام به وزير الداخلية من تهديد لمن يخالف التعليمات ، وكذلك منع السير على الشوارع التي تشكل خطرا على حياة السائقين ، ويجب العمل على إعادة بناء وتطوير للمركز الوطني للتنبؤات الجوية ، فليس من المعقول أن نبقى على الروتين الرتيب ،في ظل وجود موقع طقس عالمي يقدم خدماته عبر الإنترنت والهاتف المحمول ،، فالثلج ذاب واكتشف الناس كم كانوا مخدوعين من سقف التحذيرات وهرج أبطال الشاشة من رسميين ومغامرين وهواة

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)