طلبة نيوز-الدكتور محمد الفرجات

سيدي جلالة الملك، نحن شعبك الوفي وأهلك وعشيرتك وربعك، ومن منطلق العقد التاريخي الذي كتبناه حبا وولاءا للهاشميين، فانني أجد نفسي في حالة أضطر فيها أن أقول لكم "عذرا...ولكن التويتر لا يصنع دولة"، فجرح معان والسفير وعنجرة، وبطالة وصلت نصف مليون عاطل عن العمل، وسكان وصل عددهم مع اللاجئين والوافدين 10 مليون بجانب ضغوطات على البنى التحتية والخدمات العامة، ومنافسة في سوق العمل، وجريمة منظمة تنمو، ومخدرات تنتشر، وميزان تجاري يعاني عجزا، ومديونية تتفاقم وتقترب من الناتج القومي الاجمالي السنوي، وعنف مجتمعات وجامعات، كل ذلك يا سيدي لا تحله تغريدة تويتر خلال جولة تسوق بعد صمت دام أشهر، كان آخره تكليفكم لحكومة النسور باعداد خطة انتعاش عشرية للاقتصاد، وجاء جوابها على مضض من الرجل، والذي بالرغم مما رفع وسمى من ضرائب ورسوم وأسعار وغيرها، لم يستطع تخصيص مخصصات مالية ولو لمشروع رأسمالي تنموي تشغيلي واحد، لارتفاع النفقات الجارية في الموازنة العاجزة.

سيدي جلالة الملك، في وقت طأطأ الكثيرون فيه رؤوسهم في خضم الربيع العربي خوفا من السيناريو الثاني وصمتوا، كنا نحن وما زلنا من رجال الوطن وحماة العرش (حتى حل بنا اليوم القول "المخلصون للوطن والعرش في مرمى الرصاص")، وكنا وما زلنا أول من ذهب للجبهة وأخر من غادرها، ويشرفني أنني من هؤلاء، ولكن يا سيدي فالواقع يتحدث عن نفسه، وقد صرحتم في بداية الربيع العربي بما يلي:
"لا مكان لفاسد في هذا الوطن"، و "أريد نتائج سريعة للاصلاح" و "لا نخشى الا من الوضع الاقتصادي والذي قد يدفع الناس للخروج للشوارع".

فما يبدو يا سيدي جلالة الملك أن الاقتصاد ركيزة وعماد صناعة القرار السياسي واستمرار الدولة، يقف اليوم بحاجة الى قرار من طراز ما جاء في خطاباتكم (ثورة بيضاء) و (نهضة)، ولدينا فكر تنموي تطبيقي علمي وعملي ويعتبر استحقاق للوطن، تقدمنا به اليكم عشرات المرات عبر ديوانكم ومدير مكتبكم، وعبر كل وسائل الاعلام، ومنذ سنة كاملة نخاطبكم، ولم يأتي ردا.

سيدي جلالة الملك، ان شعبك الوفي اليوم يقف فاقدا بوصلته، وفاقدا الدفة في بحر متلاطم الأمواج، والحديث الذي يدور أن التويتر لا يحل مشكلة، وانني شخصيا أدعوكم في البترا التي أحببتم ووضعتم على قائمة عجائب الدنيا السبعة بجهدكم الكريم عام 2007م، أدعوكم لتقديم "مشروع الشعب للانتاج"، والذي يحتاج منكم قرارا سياسيا بخفض المستوردات مما يمكن أن ننتج، والتسهيل على الصناعة المحلية وتشجيعها، واعتماد البحث العلمي التطبيقي لرفع جودة المنتج المحلي (خفض التكلفة ورفع الجودة)، والابتكار من ناحية اخرى.

نتحدث يا جلالة الملك حينها عن 400 ألف فرصة عمل خلال خمسة سنوات في كل التخصصات، ونتحدث عن عوائد استثمارية للشعب والحكومة على حد سواء (واللذان سيقدمان سنويا نصف مليار دينار لاقامة مشاريع نوعية وعملاقة وفي كل المحافظات)، ونتحدث عن رفع الناتج المحلي الاجمالي الى خمسة أضعاف القيمة الحالية، ونتحدث عن شعب منتج لا مستهلك، وشعب لا يضيع بين همزات الفيسبوك والتويتر والواتس أب، ويعيش على المساعدات والقروض المشروطة، ويخصخص ويبيع مقدرات الدولة لاطفاء الديون، وبرامج تحول اقتصادية فاشلة.

اليوم فالأمر الخطير الذي لم يستوعبه أحد هو أن الجيل الذي نكدسه عاطلا عن العمل في البيوت، ونقلل فرصه في الحياة الكريمة، هو ذاته الجيل الذي سيحمل اللواء ويكمل المسيرة، وهو الذي سينتج الجيل الذي سيليه، وهنا وأمام ضياع فرصتهم وتقدم العمر بهم دون وظيفة وتحقيق المستقبل والزواج في سن الزواج، فان الحديث عن مستقبلنا كأمة في خطر،،، الى أين اذن تسير بنا الأمور، وهل تغريدة تويتر تحل مشكلة؟ فالعاطلين عن العمل والفقراء لا يعرفون ما هو التويتر، ولا يصلهم صوته، وما جاء في هذه التغريدة نتمناه بخطاب من خطابات أبو حسين التي تحيي بنا الأمل وتدب بنا العزم، فشعبك يا سيدي في البوادي والقرى والمخيمات لا يعرفون لغة التويتر، والتي قد يعرفها (بعض وأؤكد بعض) سكان عمان الغربية "ممن رقصوا على ألم الشعب الكادح" ويرددون بها من قصورهم وفللهم الفارهة، ويبيعون الغالي بالرخيص عند الشدة ويضعون الوطن في حقائب.

لن تستطيع الحكومة وفي كل يوم الرد على المطالب المختلفة بالغاز المسيل للدموع، والتسبب بالقتل (كحالتي معان وعنجرة) وتحويل الناس الى محكمة أمن الدولة. سيدي جلالة الملك، ان شعبك الوفي اليوم يقف فاقدا بوصلته، وفاقدا الدفة في بحر متلاطم الأمواج، والحديث الذي يدور أن التويتر لا يحل مشكلة، وانني شخصيا أدعوكم الى البترا لتقديم "مشروع الشعب للانتاج". حمى الله الوطن والشعب والملك... ربنا اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات.