TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
معا لمناهضة العنف باسم الدين
14/09/2015 - 1:00pm

طلبة نيوز-

الأستاذ الدكتور محمد الشريفين/ جامعة آل البيت  

تعيش منطقتنا العربية في أتون صراع منقطع النظير، كلفها مئات الآلاف من القتلى،  وأمثالهم من الجرحى، وملايين المشردين، فضلا عن انتهاكات أخلاقية بحق المخالف، تمثلت بالاعتداء على كبار السن، والنساء والأطفال.

على الصعيد الاقتصادي فإن خسائر الصراعات في منطقتنا تعدت حاجز ترليون دولار( ألف مليار دولار) فأين نحن؟ وإلى متى ننتظر؟ هل ننتظر إلى ذلك اليوم الذين ينتشر فيه هذا السرطان في جميع دول المنطقة؟هل ننتظر حتى يستحر القتل، بحيث لا يبقي ولا يذر؟!!! هل ننتظر حتى تسبى النساء؟!!! أم هل ننتظر حتى آخر قطرة دم؟!!! هل أصبح الإنسان في منطقتنا بلا قيمة؟!!!هل أضحى ذبح خروف العيد أصعب من ذبح إنسان؟!!! هل ما زال البعض يهتف: لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما؟!!! كيف اقتنع هؤلاء بهذا، ومن أين جاؤوا به؟!!! وما علاقة الدين بما يزعمون؟ أسئلة كثيرة تتسبب لنا بالحزن والأسى، وتشعرنا بالخديعة والعار ؟

أريد أن أقف في هذه العجالة عند ثلاث محطات:

المحطة الأولى: عنوان المقال.

 اقتبست هذا العنوان بشيء من التحوير من عنوان حملة قام بها مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لحوار الأديان(KAICIID) وكان ذلك في العاصمة الأردنية، عمان عاصمة السلام، بالشراكة مع والمعهد الملكي للدراسات الدينية والأزهر الشريف، ، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، فالشكر لجميع هؤلاء ولكل من يتحرك  لمناهضة استخدام العنف باسم الدين: إخلاصا لله، وغيرة على دينه، وتدليلا على إنسانيته. 

 

 

المحطة الثانية: ما موقف الدين من هذه العنف والصراع؟

أن مؤججي الصراعات استخدموا الدين لترويج أفكارهم من خلاله، وإن منعم النظر في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه يجد عكس ما يدّعون. قال الله تعالى: (طه،مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)، وقال تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)!!!

 إنَّ أيَّ سلوكٍ يجعلُ من الدين مصدرَ شقاءٍ للبشريةِ بعيدٌ كلَّ البعدِ عن الدين، وإنَّ أيَّ فعلٍ ينافي الرحمةَ بمفهومها الشمولي لا علاقة له بالإسلام.

فحوى ما سبق أن الدين لم يسلم من الإغارةِ عليه بفهومٍ متفاوتةٍ أرادَ أصحابُها أن ينتصرَ كلُّ واحدٍ منهم لرأيهِ حتى لو كلفهُ ذلكَ: التحايلَ على أدبياتِ النصِ وحرمتهِ من خلالِ تقويلهِ مالم يقل، وتحميلهِ مالم يحتمل، والذهابِ بهِ في أوديةِ المعاني المختلفةِ، وذلك بتلاعبهم بالألفاظِ، وإيرادهم المعاني الموهومةِ، وليس هذا حسبُ، بل إن بعضهم أراد أن يضفي على فهمه قداسةً دينيةً تحميهِ من النقضِ، وتحملُ متلقيها على الإقتناع بذلك الفهم الذي لا يكونُ إلا مجانباً للصوابِ.

يسعفني ما قاله العارف ابن عطاء الله -إن صحت نسبة ذلك له- في وصف حال أمثال هؤلاء مع كتاب الله:       أقول له: عمرا فيسمعه سعدا *** ويكتبه حمداً وينطقه زيدا

 

 

المحطة الثالثة: الحوار وأثره.

 للحوار السهمة الوافرة  لإنهاء العنف والصراع المبتني على الدين ، ومن هنا أرى أنه لا بد لنا من ثلاثة مستويات من الحوار: المستوى الأول:حوار مع ذواتنا، والمستوى الثاني:حوار داخلي مع أبناء طوائفنا، والمستوى الثالث حوار مع الآخر المخالف.

أما المستوى الأول، مع ذواتنا: فنسأل أنفسنا جملة أسئلة، ولنكن صرحاء في هذه الأسئلة: هل أنا عدواني لأن ديني عدواني، أم لأنني نشأت في بيئة تشجع على العدوانية والعنف؟ هل جميع ما اعتقده دين، أم منه ما هو دين، ومنه ما هو ثقافة، ومنه ما هو عادة، ومنه ما هو خرافة؟ هل أفكر بعقلي أم بعقل غيري؟ هل أنا مقتنع بأفكاري التي أتبناها فعلا، أم أنا مقتنع بها لأن مجتمعي مقتنع بها؟ هل ينسجم موقفي من الآخر مع كتاب الله، أم مع عاداتي وتقاليدي؟...أسئلة كثيرة من شأنها أن توصل صاحباها إلى حالة تصالحية مع الذات، وذلك لتحقيق السلام الداخلي الذي يفتقده غالبية الناس، فغالبيتهم يعيشون في صراع داخلي، ولكنهم يكتمون ذلك، وكم هو مؤلم أن يعيش الإنسان في صراع داخلي.

 إن من شأن السلام الداخلي أن يخرج الإنسان من دائرة من دائرة التقليد إلى دائرة التفكير التي حض عليها القرآن الكريم ووردت في المئات من آياته.

أما الحوار الثاني فهو نتيجة جميلة من نتائج الحالة التصالحية،  وهدفه أن يتفق أتباع الطائفة الواحدة على الأصول العامة في الدين، وأن يتفق الجميع على فك الاشتباك الكبير بين ما هو دين فيتبع، وما هو ليس بدين فيخلع عنه ثوب القداسة.

حوار داخل الطائفة الواحدة لنحدد وفق مرجعيتنا الموقف من الآخر، لنسأل أنفسنا: من يحركنا كطائفة؟ هل نتحرك من منطلق مرجعيتنا، أم تحركنا السياسة وتلعب بنا كما يلعب الفتيان بالكرة؟

 من شان الحوار داخل الطائفة الواحدة أن يؤهلنا بجدارة إلى الحوار النهائي وهو حوار مع الآخر  المخالف، حوار لنتعرف عليه، ليفهم كل منا الآخر، لإيجاد القواسم المشتركة، لنحيا معا بالرغم من اختلافاتنا، لنتجاوز الآثار السلبية للاختلاف، لنعيش بسلام، حوار لأجل مستقبل أطفالنا الذين صاروا يحضّرون للعنف، لكي نعمر الدنيا، لكي نعيش في سبيل الله، لكي نبني من إبداعاتنا، من ابتكاراتنا، من إنسانيتنا لعز ديننا سلما.

إن التخلي عن الحوار يعني المزيد من الصراع ....المزيد من القتلى...المزيد من الدمار...المزيد من الخراب...المزيد من التشريد.

ما أجمل نعمة الأمن!!!! ما أجمل أن ننام مطمئني البال!!!! ما أسوأ الشعور بالخوف على النفس والزوجة والأولاد، قال صلى الله عليه وسلم :( مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها)

حفظ الله علينا نعمة الأمن...أسبغ الله نعمة الأمن على فاقديها...حفظ الله أردننا آمنا مطمئنا.         

 

 

التعليقات

الدكتور محمود ا... (.) الاثنين, 09/14/2015 - 20:53

عزيزي الدكتور محمد الشريفين ، ولَك من اسمك نصيب ، راجيا المولى أن يكون للجميع من اسمك نصيب ، معا لنبذ العنف ، أحييك على هذه الدعوة ، وأنت خطيب تؤم الناس ، لتكن دعوتك دائما للمودة والمحبة والتآخي ، أجيال تربت على العنف ، عنف في البيت والمدرسة ، عنف في المسجد ، أعجب من خطيب المسجد حين يتحدث عن أي شيء وهو يصرخ ، سألني غير مرة ابني : ليش الشيخ بيصبح ؟ في شي بالجامع ؟ ليش ما بتردوا عليه ؟ ليش ما بتحلوا الهوم وورك ؟ كيف لي أن أشرح لإبني الصغير ذلك ؟ قلت له مرة : الشيخ زعلان عشان فلسطين ، قال لي : طيب انتو ليش ما تردوا عليه ؟ الله يعين ، الله يعين .

طالبة علم (.) الثلاثاء, 09/15/2015 - 23:42

لا فض فوك دكتور بارك الله لك على هذه الافكار النيرة
اعجبتني فقرة المحاور الثلاث ولكن من رايي ان هناك تعايش ما بين الطوائف لكن سياسة بعض الدول لا تريد هذا التعايش فخلقت الخلافات بينهم
اسال الله السلامة والامن والامان لبلدنا الغالي وان يمن على باقي الدول العربية السلام والامان عاجلا غير اجل يا رب العالمين

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)