TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نحو علاقة تكامل بين وزارة الصحة وكليات الطب فى الجامعات الاردنية!!
03/12/2014 - 8:15am

طلبة نيوز-

أ.د نضال يونس

وزارة الصحة لا يمكن أن تختزل فقط بتاريخها وأدوارها المتعاقبة في توفير الرعاية الصحية والعناية الوقائية منذ تأسيسها عام 1950 وحتى هذا اليوم، وإنما بحاصرها الذي يمكن أن يكون مستقراً عبر مزيد من التعاون و"التكامل" مع كليات الطب فى الجامعات الأردنية حتى لا تُغرق نفسها في البحث عن "متخصصين" في فروع الطب المختلفة بعد ماضي عريق كانت الوزارة تضم المستشارين والمختصين الذين كانوا أكثر حضوراً وأكثر كفاءة من غيرهم في القطاعات الطبية الأخرى، ولكن الظروف تغيرت ولم يعد خيار البقاء في الوزارة متطابقاً مع أفكار الماضي، مما أثر على قدرة الوزارة في توفير منظومة عمل طبي "شاملة" و "متنوعة" بسبب "تناقص" أعداد المستشارين في التخصصات الدقيقة، واختلاط قدرات العاملين فيها بين مؤهلين ذوى كفاءة عالية، مع أعداد لا باس بها من العاملين تنقصها الخبرة والدراية ولها نفوذ كبير لا يمكن اختراقها أو الاستغناء عنها بسهولة.

من يتذكر مستشفى البشير في عمان، والأميرة بسمة في اربد ومستشفى الزرقاء في سبعينيات القرن الماضي حينما كانت تعج بالحركة والعمل المتواصل في خدمة المرضى،حتى إن غالبية الأسماء المعروفة حاليا في القطاع الخاص كانت انطلاقتها ونالت شهرتها من تلك المستشفيات، والحقيقة ان الأمر لم يقتصرفي تلك المرحلة على توفير مستشفيات لتقديم العناية الثانوية والمتقدمة في بلد فقير ليس لديه أي بنية تنموية، إلاّ بمقدر ما اختزلته ثقافة تلك المرحلة عن أطباء كانوا مستعدين للتضحية بجهدهم وعرقهم وخبرتهم، ومشاعر اختلطت فيها حب الوطن مع حماسة الشباب.
صحيح أن الفقر لم يكن دافعاً لبعض الأخصائيين للاندفاع لفتح العيادات الخاصة، غير أن ضغط الأوضاع الاقتصادية وضعف الرواتب الرسمية وعدم قدرة الوزارة على توفير الكثير من متطلبات تطوير وتحديث الممارسة الطبية، دفع العديد من الأخصائيين لإدارة مستقيات ومراكز صحية في القطاع الخاص، عملوا من خلالها على استقطاب الخبرات والكفاءات، وهى عملية " business" في الدرجة الأولى أراد من خلالها بعض الأطباء تسيل أموالهم وتشغيلها في إنشاء مستشفيات على درجة عالية من التطور والحداثة والعناية الفندقية المتميزة...
اليوم اختلفت الأزمنة والمعطيات وتغيرت المفاهيم وتعددت وسائل واليات الممارسة الطبية فى وقت يشهد الاردن فيه زيادة مضطردة في عددالسكان وتفشى العديد من الأمراض المزمنة مما شكل ضغطا كبيرا على الموارد الصحية وعلى قدرة الوزارة في الاستجابة لهذه المتغيرات، ولم يعدد من السهل أمام الوزارة تلبية الطلبات المتزايدة من المرضى المؤمنين، ولا بإمكانها مجارات الحوافز المادية المغرية التي يتقاضاها الأطباء في القطاع الخاص مما اثر على قدرة الوزارة فى المحافظة أو استقطاب الكفاءات الطبية المتميزة.
في السبعينيات من القرن الماضي تخلت وزارة الصحة عن مستشفى عمان الكبير لصالح الجامعة الأردنية وذلك لإيجاد تفاعل بين كلية الطب ووزارة الصحة يفتح النوافذ لأفاق أخرى من التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والوزارة التي لم تتوانى عن فتح مستشفى الأميرة بسمة ومستشفى الكرك ولاحقا مستشفى الأمير حمزة أمام كليات الطب في التكنولوجيا ومؤتة والهاشمية، بالمقابل فقد قدمت تلك الكليات بعض الحوافز المادية والمعنوية للمشاركين في تعليم الطلبة من الزملاء أخصائي وزارة الصحة،و لكن -وهو الاهم- ان هذه العلاقة فتحت المجال امام منتفعي وزارة الصحة و الديوان من الاستفادة من الخبرات والكفاءات المتوفرة فى تلك الكليات، وحين يحدث هذا التعاون فان الهدف هو الوصول إلى نظام صحي متميز يحتاجه المريض أمام المعاناة المادية والنفسية، ومضاعفات الأمراض المزمنة المنتشرة بين افراد المجتمع الأردني.

وكمجاراة لتلك التطورات وغيرها في سبيل إحداث مزيد من التفاعل والتكامل بين وزارة الصحة والجامعات الأردنية قرأنا تصريحاً للدكتور "وليد المعاني" يقترح ضم مستشفى الزرقاء إلى الجامعة الهاشمية، وصادف بنفس التوقيت الزمني أن عرضت الجامعة الهاشمية مقترحا لإدارة وتشغيل المستشفى الجديد من خلال الطاقات البشرية المؤهلة والمتوفرة في الجامعة، الحقيقة أن مثل هذه الاقتراحات، وإن لم تصل إلى ذروتها في إحداث التواصل والتكامل بين المؤسسات الطبية، فهي مقدمات لسلوك جديد يضعنا أمام مرحلة قد تجعل "التقارب" أو "التكامل" ضرورة طالما هناك قواسم مشتركة تفرض على الجميع رفع مستوى التعاون لما يخدم ليس فقط المريض الأردني وإنما يرفعها لتكون وسيلة للنهوض بالتعليم الطبي الذي تقوم به كليات الطب في الجامعات الأردنية.
و اذا كان "تحسين مستوى حياة المواطن يتطلب الاهتمام بالرعاية الصحية التى هي حق لكل مواطن و مواطنة"كما يقول الملك عبد الله الثاني، فان الخطوات التي جرت خلال السنوات الماضية في ترسيخ أواصر العلاقة بين الجامعات ووزارة الصحة،تدفع بمزيد من التعاون الايجابي بين الطرفين شريطة ان يصاحب هذه العملية استفادة مادية ومعنوية لكافة الأطراف"Win- win outcome"، وهنا لا بد من وقفة حقيقية لا تراعي منطلقات الأشخاص وأهدافهم فحسب، وإنما فهم واقع غيرهم في مجال العمل الطبي، وكيف انتهت إليه الأمور فى الدول المتقدمة من تطوير وتحديث للممارسة الطبية داخل المستشفيات الجامعية، وحرصنا على أن يكون الأردن هدفا لتطبيق نفس الأفكار والتجارب بطريقة صحيحة قادرة على توفير الأمن الصحي للموطن الأردني.
هذه الاقتراحات البناءة ستواجه من طرفيْ المعادلة بعناصر ترفض أي خطوة في الاتجاه الإيجابي، لكن ذلك لا يعني إجماعاً على الرفض، والاهم من ذلك كيف نصل إلى قيمة مضافة من خلال علاقات تكاملية تؤكد على حق المواطن في الوصول إلى رعاية صحية "متقدمة" فى اقصر وقت واقرب مكان وتحت اشراف نخبة متميزة من المختصين فى فروع الطب المختلفة!!.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)