TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نهاية تيوس .. د.فاطمة عليمات
29/04/2014 - 11:00am

نهاية تيوس .. د.فاطمة عليمات
سمعت في إحدى الإذاعات العربية عن الروائي (ماريو فارغاس يوسا) الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 2010 وقد ذكرت المذيعة أبرز أعماله الأدبية ،ومنها روايته المعنونة بـ (حفلة التيس) ولم تتحدث المذيعة عن تفاصيل تلك الرواية شيئًا ولم أكن قد اطلعت على الرواية بعد.

وعند سماعي لعنوان الرواية ذهب خيالي إلى ما يمكن أن يطرحه الكاتب في روايته، وبعد قرائتها وجدت ثمة تشابه كبير بين ما تكون في مخيلتي وبين واقع الرواية، وإن ما تكوّن لدي لم يذهب ببعيد عن واقع الحياة في العالم الثالث عموما وعالمنا العربي خصوصا.

ففي رواية حفلة تيس قدّم (يوسا) صورة متكاملة لـتيس استطاع أن يحكم لفترة زمنية، وقدجسّد من خلال الرواية صورة الحاكم التاريخي الملهم وتحوله إلى ديكتاتور مع مرور السنيين؛ فالحاكم الذي تميز بجبروته وعنجهيته زج بالآلاف في السجون والمعتقلات وجعلهم تحت وطأة التعذيب لمجرد الشك في ولائهم له. وقد تميزت فترة حكم هذا الحاكم في انتهاكه الصارخ للحقوق والحريات، وسيطرته على كل كبيرة وصغيرة واستخدامه الشعارات المزيفة؛ كالحفاظ على الاستقلال والنهوض الاقتصادي ومجابهة الأعداء في الداخل والخارج، وقد وظف الإعلام لخدمة مشاريعه وأهوائه وبذلك أحكم سيطرته على مختلف مفاصل الدولة .

في عالمنا العربي آلاف التيوس الذين استطاعوا امتلاك قدرات زائفة ،واستطاعوا البقاء في مواقع المسؤولية، أولئك التيوس باعونا لسنوات طويلة وهماً من الأخلاق والمثل والعدل والانتماء والقانون، وحقيقة واقعهم الانتهازية والتنظير والتمييز والفساد وخراب
الأوطان واستغلال السلطة وسوء استعمالها وأكل حقوق الاخرين وتجييرها لتيوس آخرين وتوزيع المكتسبات وكأنها ملكيات خاصة بهم.

ولم يكتفوا بذلك، بل باعو أيضاً الحكام الولاء والطاعة والإخلاص والعمل النافع وهـــــم
منافقون و كذّابون, يسعون لمصالحهم وملذاتهم, فأوجدوا أزمة ثقة بين الحكــــام
والشعب, وباتوا مصدر كره وقرف لكليهما.

واستمرأت التيوس في سلوكها؛ الترغيب تارة، والترهيب أخرى، والإقصاء والتحجيم
والتقريب ثالثة ،وملكت من السطوة والنفوذ ما جعل مفاتيح الجنة بيدها، وبات رضاها ضرورة،ومطاوعتها واجبة، ومخالفتها تهلكة، وغضبها يذهب للجحيم, والسير في فلكها سعادة والخروج منه تعاسه.

وعند إقصائهم عن السلطة، أو أخذهم قسطا من الراحة يلعنون أوطانهم صباحـــــاً
ومساء, ويصبح لديهم استعداد للتآمر عليه مع الشيطان, ويبدأون بالكشف عن عيوب وأخطـاء أُغمضوا أعينهم عنها وهم في مواقع المسؤولية.

التيوس مهما طالت فترة تياستهم سيدركون أنهم لا يصلحوا إلا أن يكونوا تيوســــا
وأن نهايتهم غير مؤسفة، وفي التاريخ المعاصر العديد من التيوس الذين وضــعوا في
مزابله.فهل يتعظ التيوس من تلك النهايات المخزية لأولئك الذين قضوا نحبـــهم وهم أحياء، والذين باءوا بغضب من الحكام والمحكومين، وهل يعي هؤلاء أن الخالق قــد ابتـلى التيس بأبشع الخصائص وأقذر الصفات ، وأن التيس مضرب مثل في القذارة والغبـــاء.

التعليقات

متابع (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 11:10

رائع جدا

د. محمد الزامل (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 14:08

مقال رائع ... عله يذكرنا بقراءة الادب واستخلاص العبر...

عمر محمد الرواضيه (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 14:58

هناك رائحه قذره للتيس يعرفها العرب وهي ( صن تيس ) وكذلك للتيوس في بلادنا رائحة اقذر من رائحة التيس الكريهة وهي ( الفساد ) افسد الله عليهم عيشهم ومعيشتهم اينما وجدوا وحيثما كانوا... فلا يغرنك كثرة الباطل وزهوه وظهورهم وحظورهم اللافت للانظار فالجيف تطفو على سطح البحر اما الدرر ففي القاع مكمنها ... و ابو ابو التيوس ما طلع منها درة واحدة ...( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَتَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَـفِرِينَ دَيَّاراً(26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً(27) رَّبِّ اغْفِرْ لِى وَلِولِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّـلِمِينَ إلاَّ تَبَاراً(28)) ... اللهمممم آآآآمييييين

زياد الشخانبة (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 15:46

التيوس انواع دكتورة فهناك تيوس سياسية وهناك تيوس اقتصاد وهناك تيوس في الحكم وايضا هناك تيوس في طبقة عامة الشعب الذين يصوتون للتيوس ثم انهم ينتقدونهم ثم انهم يصوتون لهم ثم انهم ينتقدونهم ثم يصوت ... وهكذا تبقى التياسة تطغى على المجتمع ... تحياتي دكتورة فاطمة

نادر (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 19:22

كل يتحدث عما فيه

مراقب (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 19:24

لا يعرف طبيعة التيوس الا من كان واحدا منهم

اكاديمي (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 19:25

ان استخدام مثل هذه المفردات والكلمات فمعناه اننا لا نستحق ان ندرس اجيالا

الى اكاديمي ومر... (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 20:18

لا اشكك انك واحدا منهم فمن المؤكد انك واحدا منهم, فيقال في الامثال اللي على رأسه بطحة يتحسس منها ,ولكن لا تذهب بعيدا فاعتقد ان في مخيلة الكاتبة تيوسا كثر فأنت لست وحدك تيس,ثم اني لا ادافع عن الكاتبة لانني لا اعرفها ولكن ما اسقطته من رواية يوسا على واقعنا لهو واقع ,الا ترى يا عزيزنا واقعنا العربي المؤلم ,ثم بالله عليك الا ترى انك واحدا منهم

طالبة (.) الثلاثاء, 04/29/2014 - 21:22

كما عهدناك د. فاطمة ... أكاديمية مميزة بارك الله فيك

محاضر غير متفرغ (.) الاربعاء, 04/30/2014 - 00:06

انتي مبدعة ومنتمية واصيلة يا د. عليمات سدد الله خطاك و سلمت يمناك على ما كتبت

الى اكاديميي ومراقب (.) الاربعاء, 04/30/2014 - 10:54

انتا شو قاهر اهلك ومن شو مسطوح عشانها تكتب احسن منك مثلا

دكتور في الجامعة (.) الاربعاء, 04/30/2014 - 11:44

هكذا أنت يا دكتورة فاطمه دائما مبدعة ولا يعرفك إلا من هو اصيل مثلك سلم قلمك

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)